كيف دافع المثقفون عن أحمد عدوية؟.. صاحب صوت لا يخلو من «الحلاوة»

كيف دافع المثقفون عن أحمد عدوية؟.. صاحب صوت لا يخلو من «الحلاوة»
موجات عاتية من الهجوم واجهت الشاب الأسمر النحيل صاحب الصوت الشجى فى بداية مشواره الفنى، فى الوقت الذى كانت ترتفع فيه أسهم أحمد عدوية فى بورصة النجوم نصب له عدد من الـ«مثقفين» محاكمات نخبوية بعيدة عن المرجعية الفنية الجماهيرية لأعماله، وأطلقوا عليه أحكاماً ما بين «إفساد الذوق العام وانحداره»، و«التدنى الفنى» و«الإسفاف» إضافة إلى «ركاكة الكلمات وضعفها».
أحدث عدوية بصوته وألحانه وكلماته النابعة من قلب المناطق الشعبية ثورة فى عالم الغناء، لم يستطع الكثيرون استيعابها فى ذلك الوقت وراهنوا على أن صاحبها هو مجرد ظاهرة فنية صاحبت بعض الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى ذلك الوقت، فلم يكن جمهوره من الفنيين والحرفيين، والطبقات الأقل تعليماً وثقافة، ولكن كان هناك عدد من المثقفين والفنانين الذين استطاعوا قراءة عدوية وفنه فى سياقه الجماهيرى، فكان رأى أديب نوبل نجيب محفوظ فى صاحب الـ«سح الدح امبو» صدمة بالنسبة للكثيرين عندما أعلن أن صوت «عدوية» يطربه.
نجيب محفوظ: صاحب صوت شعبى لا يخلو من الحلاوة
«رجل من الشعب يستخدم أساليب شعبية، صاحب صوت خشن شعبى لا يخلو من الحلاوة»، هكذا قيّم الراحل نجيب محفوظ الفنان أحمد عدوية، قائلاً إن كلماته بها معانٍ ومغزى لا يجب أن يفوت المستمعين، فيرى أن هذا الفنان نجح فى منح فوضى العصر قالباً غنائياً جميلاً، على حد تعبيره.
أنيس منصور: أقوى الأصوات الشعبية وأكثرها تميزاً
كما كان الكاتب الراحل أنيس منصور على رأس قائمة المدافعين عن فن أحمد عدوية، حيث تحدّث عنه أكثر من مرة فى مقالاته التى جمعها فى كتاب بعنوان «بطن الحوت»، ووصف صوته بـ«أقوى الأصوات الشعبية وأكثرها تميزاً»، وأكد فى مقاله أن الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب يشاركه نفس الرأى ولكنه لم يعلنه خوفاً من أن يساء فهمه من المطربين والملحنين، كما روى أيضاً الكاتب الراحل عن افتتان الفنان الفرنسى شارل أزنافور بصوت عدوية، عندما جاء إلى القاهرة وسمع صوته فى إحدى الحفلات، قائلاً: «لو كان يغنى بالفرنسية لأصبح من أغنى الأغنياء، فصوته قوى ملآن شجناً».
لم يقتصر الافتتان بصوت عدوية على الكتاب والمثقفين فقط، بل وصل إلى الفنانين أنفسهم، فكان الراحل عبدالحليم حافظ يحب صوت عدوية وكان يطلب منه أن يذهب إلى منزله برفقة عدد من الموسيقيين حتى يغنوا معاً، حيث كان ينبهر بقدرته على غناء «كرشنجى» وحفظه لها، وهو ما كشفه عدوية فى لقاء سابق قائلاً إنه فى إحدى حفلات الزفاف الكبرى قام عبدالحليم بغناء «السح الدح امبو» أمام الحضور، بينما قام عدوية بغناء «خسارة»، ولم يتمالك عمر الشريف دموعه عندما غنى الفنان الشعبى موال «يا قلبى سيبك»، فى إحدى الحفلات بالعاصمة الفرنسية باريس.
لم يلتفت أحمد عدوية إلى الهجوم الذى واجهه لسنوات طويلة: «أنا مش بغنى كلام هايف.. أنا بغنى كلام عن الناس اللى أنا منهم، بغنى عنهم وعن مواجعهم»، هكذا كانت فلسفة «عدوية» فى رحلته، والتى آمن بها العديد من الكُتاب والملحنين ما بين صلاح جاهين، بليغ حمدى، كمال الطويل، ومنير مراد وغيرهم ممن وضعوا بصمتهم الإبداعية فى رحلة استثنائية لسلطان الغناء الشعبى.