«الصعيد».. تراث شعبي شفهي أشهره السيرة الهلالية والمديح النبوي

08:03 م | الثلاثاء 17 ديسمبر 2024

يشتهر صعيد مصر بالفن الأدبى الشفهى، الذى يحتل مساحة عريضة من حياة أهل محافظات الصعيد، إذ تصاحبهم الأغانى أو الحكايات أو الأمثال من الميلاد إلى الوفاة. ووفقاً لدراسة عن الهيئة العامة للاستعلامات، فيضم الصعيد تراثاً غنائياً متفرداً وأصيلاً، ويتمثل فى السيرة الهلالية «سيرة بنى هلال»، وتمتد أحداثها من نجد إلى تونس مروراً بالصعيد، ورغم مرور قرون على وقائع هذه السيرة، فإن الذاكرة الشعبية لأهل الصعيد أصرّت على إحيائها والتغنى بها.

تختلف طرائق أداء السيرة الهلالية وعرضها، لكن الطريقة الأكثر انتشاراً هى غناؤها، فيما يعرف لدى أهل الصعيد بـ«فن الواو»، وكانت السيرة قديماً تقدّم على لسان «الراوى»، وهو يعزف على الربابة، وتغيّر الرواة مع الوقت، وكثيرون راحوا يحفظون السيرة عوضاً عن ارتجالها، ويؤدونها بصحبة عازف للربابة وفرقة من ضاربى الدربكة والدف والرق.

فى الصعيد نوع آخر من الغناء، أقل انتشاراً من السيرة، وهو المديح. والمقصود به مدح النبى، ويسمّى مؤدّيه «المداح»، وهو يغنى قصائد عربية موزونة ومقفَّاة، بعضها من التراث، مثل: نهج البردة للإمام البوصيرى. وأبرز المداحين الشيخ أحمد التونى، والشيخ زين محمود، والشيخ ياسين التهامى الذى أنشد قصائد صوفية للإمام ابن الفارض والحلاج. يرافق تراث الصعيد الموروث الثقافى النوبى، حيث النوبة فى أقصى جنوب مصر فى محافظة أسوان، ولقّبت بـ«بلاد الذهب»، وينقسم مجتمع النوبة إلى جماعتين «الفاديجا» و«الكنوز»، وكلتاهما تتحدث اللغة النوبية «الرطان» إلى جانب «العربية».

وساهمت الأغانى التراثية النوبية فى استمرار اللغة النوبية بين الأجيال الجديدة. والغناء النوبى غالباً ما يكون جماعياً وتصاحبه آلة الطار؛ ويغنى النوبى للنيل والأرض والحبّيبة، والشكل الشعرى الذى يعتمده هو الرباعية. وقد خرج من رحم فن النوبة الأصيل مطربون وموسيقيون حقّقوا نجاحاً كبيراً، مثل «على كوبانا»، وهو أول من أسس فرقة نوبية فى مصر. وقد طافت هذه الفرقة العالم تحصد المراكز فى المهرجانات الدولية، فشاركت الأوبرا الفرنسية الأوركسترا الخاصة بها، وقد حصل «كوبانا» على عضوية اتحاد الموسيقيين العالميين. ومن مطربى النوبة المعروفين أيضاً حمزة علاء الدين، ومحمد حمام، وأحمد منيب، ومحمد منير.