تل أبيب تغلق استوديو قناة فلسطينية موجهة لعرب إسرائيل

كتب: أ ب

تل أبيب تغلق استوديو قناة فلسطينية موجهة لعرب إسرائيل

تل أبيب تغلق استوديو قناة فلسطينية موجهة لعرب إسرائيل

واجهت قناة فضائية ممولة فلسطينيا، تبث حاليا من مرآب للسيارات في الضفة الغربية وموجهة إلى مواطني إسرائيل من العرب، إغلاق الإستوديو الخاص بها قبل أن تكمل ساعات بثها حتى. التوجه إلى فلسطينيي 48 يعكس العلاقات المتوترة بين الحكومة الإسرائيلية والسلطة الوطنية الفلسطينية، في وقت يستبعد فيه استئناف المفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية. كما تظهر أيضًا طبيعة العلاقات المعقدة بين المجتمعات الفلسطينية التي فصلها الصراع العربي الإسرائيلي، والظروف الفريدة التي يعيشها نحو 1.7 مليون فلسطيني، بقوا في منازلهم وأراضيهم في أعقاب حرب 1948 التي أسفرت عن قيام دولة إسرائيل، ويشكلون الآن خمس سكان البلاد. قال رياض حسن رئيس هيئة الإذاعة الفلسطينية التي تدير القناة التلفزيونية الجديدة، "نحن شعب واحد وبحاجة إلى التواصل مع بعضنا البعض". وأغلقت إسرائيل إستوديو القناة في مدينة الناصرة بعد بضعة أيام على إطلاقها في يونيو، كونها تمول من قبل غير الإسرائيليين، أي الحكومة الفلسطينية القائمة في الضفة الغربية. ومنذ إغلاقها، أقامت القناة إستوديو مؤقتا في مرآب للسيارات يعود لفندق في الضفة الغربية حيث تبث القناة الى إسرائيل والعالم العربي. قال دريد اللداوي، مقدم برنامج صباحي وممثل من عرب إسرائيل يجيد العبرية والعربية والإنجليزية، "ليست ثمة حدود عندما يتعلق الأمر بقمرك الصناعي". وذات صباح قريب، جلس اللداوي ومساعدته عفاف شيني على أريكة برتقالية اللون في منصة واطئة في مرآب السيارات، وثمة نافورة تطلق مياهها بالقرب منهما، وهما يستضيفان خبير تجميل، ومغني راب ومجموعة تؤدي أغاني دينية وكلهم من عرب إسرائيل. البرنامج الصباحي الذي يستمر لساعتين هو البرنامج الرئيسي، حيث يملأ بقية الوقت بأفلام الرسوم المتحركة والمسلسلات والأفلام الأجنبية، وسيعود برنامج حواري مسائي، كان يذاع على الهواء خلال شهر رمضان المنصرم، ليقدم مرة كل أسبوعين في سبتمبر. وتقدم البرامج الحوارية معلومات ونصائح عن نمط الحياة وأغان ومواد فكاهية، إلى جانب نقاشات بشأن القضايا الأكثر جدية، وتناول برنامج صباحي في الآونة الأخيرة قضية التحرش الجنسي في المجتمع العربي واستضاف قسا دعا إلى التسامح الديني. ويثير الضيوف على نحو تلقائي قضايا ساخنة مثل أدوار الجنسين وصراع الهوية، بحسب فادي زغيري، مقدم البرنامج المسائي. واستضاف في فقرة من البرنامج مخرجا عربيا أجرى مقابلات مع اليهود السفارديم، الذين يشكون من التمييز من الإسرائيليين من ذوي الجذور الأوروبية، وقال إن القضية لم يجر التطرق إليها بشكل صريح في إسرائيل. ويقول القائمون على القناة، إن "فلسطين 48" سدت فجوة في وسائل الإعلام المحلية. كما تخدم قناة فضائية أخرى عرب إسرائيل، وهي "هلا تي في"، لكنها تجارية، حسبما يقولون، ولا تخصص القنوات التلفزيونية الرئيسية الثلاث في إسرائيل سوى ساعات قليلة في الأسبوع للبرامج الناطقة بالعربية. وتخشى إسرائيل فيما يبدو أن تكون فلسطين 48 جزءا من محاولة من قبل عباس للتأثير على أكبر أقلية في إسرائيل، ولدى إغلاق موقع الإنتاج الشهر الماضي، قال وزير الأمن العام جلعاد إردان إنه لن يسمح بالإضرار بسيادة إسرائيل، وأن تحظى السلطة الفلسطينية بموطئ قدم. فيما قال مسؤولون إسرائيليون، إن القناة لم تحاول الحصول على إذن تشغيل، وزعم يوسي كوبر فاسر، مسؤول إسرائيلي سابق شارك في مراقبة وسائل الإعلام العربية، أن القناة أداة دعائية لعباس، مضيفا "نحن لا نحتاج تدخلا أجنبيا". وقال حسن، رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني، إن القناة تغطي مخاوف عرب إسرائيل من دون تحريض أو عنصرية أو دعوات إلى العنف، فيما قال مسؤولو الهيئة إنهم لن يفصحوا عن حجم الأموال التي تنفق على القناة في الوقت الراهن دون الإعلانات. كما قالوا إنهم لا يعرفون كم من الناس يشاهده، بالرغم من أن ضيوف البرنامج الحواري يقولون إن الجماهير بدأت تقترب منهم في الشوارع. ولا يزال نصف فلسطينيي العالم يعيش في الأراضي الفلسطينية، بينما يتناثر باقي الفلسطينيين، ومعظمهم من أحفاد اللاجئين الذين يعيشون في الأردن وسوريا ولبنان. بالنسبة لعرب إسرائيل، تمت تسوية قضية مصيرهم، عندما بدأت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية محادثات السلام قبل عقدين من الزمان، تحت إطار يقضي بأن يظل هؤلاء جزءا من إسرائيل. أما الهوية فهي قضية مختلفة، حيث يعاني عرب إسرائيل عملية شد وجذب على صعيد التكيف داخل مجتمع يهيمن عليه اليهود، وفي نفس الوقت حماية جذورهم الفلسطينية، وهو صراع يخيم عليه في بعض الأحيان ما يقول كثيرون إنه تحيز متواصل. وصل بعض هؤلاء إلى مناصب عليا داخل المجتمع الإسرائيلي ذي الطابع الغربي، لكن فجوات الدخل والتعليم لا تزال قائمة بين المجتمعات اليهودية والعربية. وتأثرت العلاقات بين عرب إسرائيل وأقاربهم عبر الخط الأخضر، الحدود غير المرئية قبل حرب عام 1967، جراء الموجات المتكررة من الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومع ذلك لم تنقطع العلاقات تماما. يرى عباس، أن عرب إسرائيل هم مفتاح خلق الدعم لحل الدولتين، وشارك الرئيس الفلسطيني في جهود هذا العام لدمج الأحزاب العربية الأصغر داخل إسرائيل في قائمة واحدة لزيادة نفوذهم السياسي. من جانبه، قال مفاوض السلام السابق أوري سافير، إنه ينبغي على عباس تركيز ضغوط السلام على اليهود الإسرائيليين، بالرغم من أنه وآخرون يقولون إن حملة إسرائيل على القناة مضللة. وقال محمد دراوشة محلل من عرب إسرائيل، "إذا كانت إسرائيل قلقة بشأن قلوب وعقول المواطنين العرب، فإنها بحاجة إلى تغيير واقع الاغتراب والتمييز.. تحتاج إلى عناق مواطنيها العرب بدلا من الحيلولة بيننا وبين أشقائنا الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة".