صفقة الاحتلال الآمن!

كشفت المعلومات المسربة عن خطة هروب بشار الأسد بشكل آمن عن شكل وأطراف وحصص صفقة كعكة سوريا، وأنّها كانت مقدمة للاحتلال الآمن للقوات الإسرائيلية للأراضي السورية!

التقطت خيوط الصفقة من خبر نقلته وكاله الأنباء الروسية «تاس»، حيث ذكرت أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب إجراء تحقيق داخلي في المخابرات الروسية لكشف الخطأ الذي حدث وتسبب في عدم التنبؤ بتسارع تقدم الميليشيات المسلحة إلى العاصمة دمشق والحجم الحقيقي لقوة هذه الميليشيات!

وبحثت عن كل الأخبار المتعلقة بالموضوع، فوجدت خبرا آخر عن تكليف الرئيس بوتين للمخابرات الروسية بعملية تهريب بشار الأسد، وظني أنّ هذه الخطة تم الاتفاق عليها يوم 28 نوفمبر عندما كان بشار يزور روسيا لطلب المعاونة لمواجهة هجوم ميليشيات المعارضة، ورفضت روسيا لتقاعس الجيش السوري عن القيام بمهامه الأساسية في التصدي، وقد تم إعلان ذلك في حينه، ما شجع الميليشيات على التقدم.

وكانت خطة الهروب قائمة على عاملين رئيسيين:

- أن تكون في طي الكتمان وتتسم بالسرية المطلقة حتى عن أقرب المقربين، حيث لم يخبر بشار أخاه ماهر!

- التمويه على الهروب من خلال توصيل رسالة لقادة الجيش أنّ هناك دعما روسيا وإيرانيا في الطريق، وقد نفذ بشار ذلك، حيث اجتمع مع قادة جيشه يوم الهروب وأمرهم باستمرار المواجهة لحين وصول الدعم بعد أن نجح في إقناع الجانب الروسي بتغيير موقفه، وغادر الاجتماع على أنّه متجها إلى منزله وأمر مستشارة الإعلام أن تقابله في مكتبه ببيته للإعداد لبيان سيلقيه على الشعب السوري!

أما تنفيذ الخطة فبدأ بمرافقة عناصر من المخابرات الروسية لبشار عقب اجتماعه مع قادة جيشه -الذين أعدوا أيضا خطة لهروبهم دون علم بشار عبر طائرة أقلعت بهم من مطار دمشق- واصطحبوه إلى القاعدة العسكرية الروسية، وفي هذه الأثناء تم تسريب خبر أن بشار هرب بطائرته وأنه تم رصدها ولكنها اختفت من على الرادار، بما يوحي بأنها قد تكون سقطت. 

وبعد عدة ساعات أصدر الكرملين بيانا مقتضبا يعلن فيه أنّ بشار وصل روسيا للانضمام إلى أسرته التي سبقته لموسكو بيومين، وأنّ الرئيس بوتين قد منحه حق اللجوء لدواعٍ إنسانية.. وفي نفس التوقيت أعلنت الميليشيات دخولها إلى دمشق والاستيلاء عليها وألقى أحمد الشرع بيانا من داخل الجامع الأموي في مشهد ذكّرنا بما حدث في العراق.

وضمت أطراف الصفقة الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وإيران وروسيا وميليشيات المعارضة وممثلها «الجولاني» الشهير بأحمد الشرع.

ونصت بنودها على:

- الخروج الآمن لبشار مقابل دخول آمن لقوات الاحتلال الإسرائيلية واحتلالها ما تبقى من هضبة الجولان والمنطقة العازلة الموجودة في الأراضي السورية وأي أراضٍ أخرى سورية تحتاجها إسرائيل، وتمكين قوات الاحتلال من تدمير البنية الأساسية العسكرية نهائيا والقضاء على أسلحة الجيش السوري.

- تقوم روسيا بتعطيل صواريخ الدفاع الجوي (s400) الموجودة على الأراضي السورية، لعدم إعاقة طائرات إسرائيل.

- ضمان استمرار بقاء القاعدتين الروسيتين في سوريا، مع سحب باقي قواتها من خطوط المواجهة في سوريا وتوجيهها إلى ليبيا، ووقف الدعم العسكري لأوكرانيا، وإنهاء الحرب مع احتفاظ روسيا بما قالت إنها أراضٍ روسية، وعدم انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، وخروج زيلينسكي من كييف لاجئا إلى إحدى الدول الأوروبية، لكن الصفقة لم تتضمن أي ضمانات بشأن إلغاء العقوبات على موسكو.

- عدم تدخل إيران بأي شكل من الأشكال أثناء تنفيذ الهروب الآمن لبشار واحتلال إسرائيل الآمن للأراضي السورية وسحب عناصر حزب الله من الأراضي السورية، في مقابل عدم شن إسرائيل أي غارات مجددا على أراضيها أو مراكز أبحاثها النووية، وهذه صيغة مناسبة لإيران رغم إنهاء نفوذها في سوريا، لكنه يُعد ضمانا لاستكمال أبحاثها النووية التي تنتهي العام القادم!

- تكون تركيا هي المحرك الأساسي لميليشيات المعارضة، وقد ظهر ذلك جليا في مشهد جلوس رئيس المخابرات التركية في السيارة التي كان يقودها أحمد الشرع وتفقد شوارع دمشق عقب الصلاة في المسجد الأموي.

سوريا الآن أصبحت منزوعة الجيش ومنزوعة السيادة على أراضيها، وأراضيها لم تعد موحدة، ولكنها لن تتحول إلى أفغانستان، ولن تتحول ميليشيات المعارضة السورية إلى طالبان، فقد تعلمت الولايات المتحدة الدرس، وروّضت ميليشيات سوريا ترويضاً يجعلها دائما تسير على مبدأ السمع والطاعة لها، وستجفف منابع تمويلها بأي أسلحة تجعلها تتمرد كما فعلت طالبان.

القادم أسوأ.