أسئلة شائكة عن «عودة التنظيمات المسلحة»

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

كثيرون يسألون: أين كانت «التنظيمات المسلحة»؟، ما سبب اختفائها طوال السنوات القليلة الماضية؟، ولماذا عادت مرة أخرى؟، وهل تبدَّلت أهدافها؟، ولماذا تغيرت خططها؟، وكيف تطور سلاحها؟، هل اعتزلوا الإرهاب والتطرف والعنف والقتل لفترة ثم عادوا مرة أخرى ليمارسوه أشد فتكاً؟، ولماذا اعتزلوا ولماذا عادوا من اعتزالهم؟، مَن يُنفق عليهم؟.

بعضهم كان مُلثماً ولم يظهر بوجهه أبداً وظهر بعد ذلك بوجهه وعرفناه من فيديوهاته وتهديداته وإرهابه ثم قرر بعد ذلك أن يخلع رداءه ويرتدى البدلة الشيك ويظهر لنا على أنه «رجل سياسة» مُحنك، وبعضهم فجأة حصل على جنسية دولة أخرى وأصبح «رجل أعمال» -بقُدرة قادر- يعيش حياة البيزنس والعمولات وحصل على توكيلات لأفخم البرندات العالمية ويقضى نصف وقته فى الطائرات والفنادق والسفريات، بعد ذلك لم يعد لهم نفس الأفكار ونفس الآراء وأصبحوا مُواطنين يُديرون ميليشيات مسلحة من بعيد لبعيد وأصبحوا مُجرد «مُورّدى إرهابيين»، يدفعون بهم للمعارك مع كل من يختلف معهم، يُروعون الآمنين، يُهددون الأقباط، لغة القتل والدم هى لغتهم لذلك شعارهم (جئناكم بالذبح)، لهم مُوَجّه ومُخطط ومُدبر يعملون تحت أمره.

«عودة التنظيمات المسلحة» مُريبة، هى بالفعل حالة لا بد أن تُدرَس وتُطرح للنقاش العام، بالتأكيد سنصل فى النهاية إلى حقيقة واضحة وهى (إنها عملية تجارة بالدين والأوطان والوطنية والشعارات الرنانة والشريعة الإسلامية)، هؤلاء ينطبق عليهم قول الله عز وجل فى «سورة آل عمران: الآية ٧٧»: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِى الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، تضيع الأوطان هكذا، تُشرد المجتمعات هكذا، تتحول الدول إلى أطلال ورماد على أيديهم، يتم قتل الإنسانية والبراءة والمستقبل على أيديهم، لا يعرفون البناء ولا يُدركون أن المحافظة على الأوطان واجب مُقدس، حللوا لأنفسهم الإفتاء بقطع الرؤوس وهُم مُجرد صبيان فى ملعب دولى واسع يتم استخدامهم كأدوات لتمهيد الأرض لكل انقسامات وفتن فى كل البلدان.

عودة «التنظيمات المسلحة» ليست عودة مُتوقعة، فقد توقع البعض أن قيادات هذه الميليشيات المسلحة انكشفوا وانتهوا وانتهت تنظيماتهم بانتهاء مُهمتهم التى دُفعوا لها دفعاً لكى تُهدم الأوطان على رأس الأبرياء، لكنهم ولأنهم «يويو» فى يد من يمولهم ويُسلحهم ويدربهم ويعطيهم التعليمات عادوا وهُم لا يُبالون من أن المجتمعات كشفتهم وكشفت مخططاتهم، عادوا وفى يدهم سلاح مُتطور، سلاح جيوش ما بين الطائرات المسيرة والدبابات والمدرعات والرادارات، إذن انتهت صلاحية السؤال: من أين حصلوا على هذا السلاح المتطور؟، فلهم الرعاية والدعم -المالى والتسليحى- ولهم الحماية ممن يستغلونهم أبشع استغلال.

المخططات الرامية لتقسيم الشرق الأوسط لا تنتهى ولن تنتهى، معروفة للرأى العام، تتغير طُرقها، تختلف أدواتها، مواعيدها غير مُحددة، وهدفها واحد، يريدون تقسيم المقَسم وتفتيت المفتت، يريدون تفريغ المنطقة والسيطرة على مُقدراتها وثرواتها، يُريدون ترويج سلاحهم وفتح أسواق جديدة له بإشعال المواجهات المسلحة.. واليقين لدى أن هذه «التنظيمات المسلحة» كانت خاملة ونائمة -نوماً عميقاً- طيلة هذه السنوات القليلة الماضية، كانت تحت الطلب مُنتظرة صفارة العودة، وقد جاءت لهم صفارة العودة، فاستيقظوا من نومهم، وهُم لا يعرفون ماذا يعملون؟، فعادوا بهذه الصورة الجديدة لتنفيذ مخطط قديم وتحقيق هدف قديم.