خبير في الجماعات الإسلامية: الإرهاب تحول إلى "ظاهرة عالمية"

كتب: إمام أحمد

خبير في الجماعات الإسلامية: الإرهاب تحول إلى "ظاهرة عالمية"

خبير في الجماعات الإسلامية: الإرهاب تحول إلى "ظاهرة عالمية"

الدكتور نبيل عبدالفتاح، الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، قال إن الإرهاب تحول إلى «ظاهرة عالمية» واستطاع تجاوز الحدود الجغرافية والسياسية، وبالتالى تطورت مفاهيمه وأهدافه اعتماداً على وسائل حديثة جاءته من الغرب الذى يكفره ويحرض على الجهاد ضده، «حادثة شارلى إبدو فى فرنسا كانت بالغة الخطورة، وحملت دلائل وإشارات عديدة حول المرحلة الجديدة التى دخلها الإرهاب، وأثارت الفزع الأوروبى عموماً لأسباب عديدة، أهمها تحقيق رسالة مفادها أن التنظيم قادر على الوصول إلى أهدافه فى قلب أوروبا». «عبدالفتاح» أضاف أن الإرهاب أصبح جزءاً من النظام العالمى الذى يقوم على العولمة والانفتاح وتكنولوجيا الاتصال، مطالباً المجتمع الدولى والحكومات والهيئات ذات الصلة بإعادة النظر فى تحليل ظاهرة الإرهاب بعد التغييرات الكبيرة التى طرأت فى العقود الثلاثة الأخيرة، وإعداد ‏استراتيجية متكاملة لمواجهته بصورة متخصصة وعلمية، بعيداً عن وسائل المواجهة القديمة والمواقف السياسية المنحازة. تحت عنوان «كابوس أوروبا»، فى صحيفة «الجارديان» البريطانية، طرح الكاتب البريطانى سيمون تسدال، وجهة نظر أكد بها الرأى نفسه، قائلاً إن أوروبا تعيش كابوساً بسبب الإرهاب الذى تنامى بصورة كبيرة وتجاوز منطقة الشرق الأوسط، خاصة أن بعض العناصر الإرهابية فى أوروبا من مواطنى الدول وليسوا مهاجرين من المنطقة العربية والإسلامية: «بالنظر إلى حادث إطلاق النار على مجلة تشارلى إبدو الساخرة فى فرنسا، وإطلاق النار فى معبد يهودى بالدنمارك، سنجد أن هناك تشابهاً كبيراً بين العمليتين، ومنفذاهما من مواطنى الدولتين ولا تقف وراءهما منظمات إرهابية، واكتسبا الأفكار المتشددة خلال وجودها فى أوروبا، وهو ما يمثل كابوساً». «تسدال» اعتبر أن «الإنترنت» وما صاحبه من تطور بتكنولوجيا الاتصال يلعب دوراً سلبياً مزدوجاً فى تلك الأزمة، فمن ناحية فهو الوسيلة الرئيسية لنقل الأفكار المتشددة إلى الغرب وفى تضليل صغار السن عن بعد، ومن ناحية أخرى يزيد حجم الاستقطاب ويضخم ردود الفعل حول الحوادث المشابهة، الأمر الذى يعمق حالة «الإسلاموفوبيا» فى الغرب، ويضر بوحدة وتماسك المجتمعات الغربية التى تضم ملايين المنتمين لأصول إسلامية وعربية. الكابوس الأوروبى الذى أشار إليه «تسدال» ليس إلا كابوساً عالمياً، هذا ما أكدته دراسة أمنية أعدتها شركة «آى أو إن» لإدارة المخاطر الاستراتيجية والدولية، كبرى الشركات الأمنية على مستوى العالم، التى أوضحت أن الاقتصاديات الغربية الكبرى أصبحت هدفاً للتنظيمات الإرهابية بعد نجاحها فى تجنيد أعداد كبيرة من الإرهابيين فى عدة دول أوروبية، والبقاء فى دولهم كخلايا نائمة تعمل وقت الحاجة، وأوضحت الدراسة أن جميع دول العالم باتت معرضة لهجمات إرهابية، حتى تلك الموجودة فى أمريكا اللاتينية والبعيدة تماماً عن مواجهة التنظيمات الإرهابية، بعدما تضاعف التهديد الإرهابى بصورة كبيرة، ولم تعد هناك دولة آمنة أو بعيدة عن الإرهاب الداخلى أو الإرهاب العالمى. التغييرات الكبيرة التى طرأت تدريجياً على مفهوم وشكل وأسلوب وتخطيط وتسليح ونطاق الإرهاب، أدت إلى تغيير جوهرى فى أفكاره وأهدافه، وتركيز النظر إلى السلطة بدلاً من المجتمع، وتحويل دفة قيادة المعركة إلى ساحة «الطائفة الممتنعة» التى يقصد بها الجيوش، وإرجاء معركة «الطائفة الجاهلة» التى يقصد بها الشعوب، إلا فى حالة التعذر. الدكتور ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامى، قال إن استهداف قوات الجيش والشرطة، جنوداً أو معدات أو معسكرات، بات الهدف الأول على أجندة الإرهاب، من أجل كسر ما يصفونها بـ«الطائفة الممتنعة» ثم يَسلم لهم الحكم ويملكون الأرض وينفذون ما يتوهمون أنه شرع الله فى الطائفة التى لا تحمل السلاح وهم عموم المواطنين، مشيراً إلى أن تبنى هذه الاستراتيجية يرتبط بعوامل سياسية وليست فقهية: «التغييرات السياسية وحالة الفوضى وتفكك السلطة التى شهدتها عدة بلدان عربية، دفعت التنظيمات التكفيرية إلى رفع مستوى طموحها إلى مستوى احتلال الأرض وإقامة السلطة الإسلامية وكسر السلطة المدنية الكافرة بحسب معتقدها، لأنهم شعروا بأن الأمر بات سهلاً وهيناً وبإمكانهم القيام به، بدلاً من الاكتفاء بعمليات متفرقة وضعيفة من فترة لأخرى، سواء اغتيال أو تفجير، لا تحدث أثراً قوياً ومباشراً». الرجل الذى قاد مراجعات الجماعة الإسلامية فى التسعينات لتصحيح المسار بعد موجة من الإرهاب، أكد ضرورة الاهتمام بالمواجهة الفكرية إلى جانب المواجهة الأمنية والعسكرية، «هناك عناصر إرهابية تحمل السلاح، وهؤلاء لا نتعامل معهم إلا بسلاح الجيش والشرطة فى مصر وأى دولة أخرى، وهناك آخرون لا يحملون السلاح لكنهم يقفون على الحياد أو يتعاطفون أو مؤهلون لحمل السلاح، وهؤلاء يجب احتواؤهم والتعامل معهم بالرأى والفكر والخطاب من خلال المنابر التعليمية والثقافية والدينية والإعلامية»، وفى السياق ذاته حذر «ناجح» من ظاهرة شباب «الجماعات المفككة»، لأنهم يشكلون نواة جيدة للاستقطاب، ويمكن جذبهم إلى صفوف الإرهاب، وبالتالى يجب احتواؤهم وإعادة توجيههم، حتى لا يكونوا «شوكة» فى ظهر الدولة.