«الجبهة الوسطية»: أدلة الإخوان الشرعية لاستهداف القضاة «باطلة»

«الجبهة الوسطية»: أدلة الإخوان الشرعية لاستهداف القضاة «باطلة»
تعد اللجنة الدينية بالجبهة الوسطية دراسة موسعة عن أسباب الإرهاب والعنف الفقهية، التى تعتمد عليها الجماعات المتطرفة فى استهداف مختلف فئات الشعب، من رجال الجيش والشرطة والمواطنين، والرد عليها وتفنيدها.
وحصلت «الوطن» على جزء من الدراسة، أنهته الجبهة الوسطية، يتعلق بالرد على استهداف الإخوان والجماعات التكفيرية للقضاة وممتلكاتهم، وأسرهم، وأعدها لفيف من قيادات الجبهة الوسطية وأعضاء لجنتها الدينية، وهم الدكتور صبرة القاسمى، والشيخ ياسر سعد، وأحمد أبوالمجد، ومحمد أبوالمجد، وخالد عبدالفتاح، وأحمد مختار.
واعتمدت الدراسة على رصد المقولات الفقهية والأدلة الشرعية التى ينتهجها الإخوان والجماعات التكفيرية فى استهداف القضاة واستحلال دمائهم وأموالهم وممتلكاتهم، وأوضحت أن استهداف القضاة بدأ بتدمير سياراتهم وممتلكاتهم، الأمر الذى كان يمثل مرحلة أولى ضدهم، وانتهت بمرحلة استهداف القضاة أنفسهم وقتلهم، وكانت ذروة تلك العمليات الإرهابية واقعة اغتيال النائب العام، وقبلها عملية اغتيال ثلاثة من شباب القضاة فى العريش.
وقالت الدراسة إن الإرهابيين يتفقون قبل تنفيذ عملياتهم الإرهابية على ضرورة إيجاد منطلق فقهى يعتمدون عليه فى تنفيذ عملياتهم حتى يجدوا مبرراً دينياً لجرائمهم، وهم لا ينظرون إلى أنفسهم على أنهم مجرمون أو قتلة، وإنما ينفذون أمراً حلالاً واجباً عليهم تنفيذه، ويعتمدون فى ذلك على أدلة فقهية، واتفق الفصيلان الإخوان والتكفيريون على أنهم بتنفيذ عمليات القتل واستهداف الممتلكات والأرواح ينفذون الشرع، على حد زعمهم.
وحسب الدراسة فإن الإخوان يعتمدون على فكرة «القصاص» فى استهدافهم للقضاة، ويعتقدون أنهم ينفذون الشرع الحنيف، والأمر ليس من الشرع فى شىء، ورغم تقارب الإخوان مع الجهاديين والتكفيريين فى العمل الجهادى فإن أدلتهم الفقهية تختلف عنهم، فهم يعتمدون على الآية القرآنية التى تقول: «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ»، وهم بذلك يعتقدون أنهم ينفذون القصاص الذى هو حياة وضرورة، فما يفعلونه ضد ممتلكات القضاة وأرواحهم، وقبلهم رجال الشرطة والجيش، وبعض أفراد المجتمع، قصاص يجب عليهم عمله، لأن القصاص فرض كفاية، إذا لم يوجد من ينفذه أصبح فرض عين على كل إخوانى أن ينفذه.[FirstQuote]
وأضافت: «الإخوان لا يكفرون القضاة، ولا يعنى تكفيرهم أنهم لا يمارسون عمليات ضدهم، فالقصاص من المسلم قبل الكافر، إلا أن رؤيتهم الشرعية فى هذا الأمر فيها خلل، فهم بعد تنفيذ القصاص يدّعون أن المقتص منه يدخل النار وينسون أن القصاص أو الحد يُطهر صاحبه، وكل عملية ينفذها الإخوان سواء عبر تنظيماتهم الإرهابية كالعقاب الثورى، أو المقاومة الشعبية، أو مولوتوف، أو مجهولين، فإنها قصاص، وكل مظاهرة ينظمونها فى الشارع هدفها القصاص، أما التكفيريون والجهاديون، فإنهم يصنعون مزيجاً غريباً من مصطلحات جهادية، كالحاكمية، والطائفة الممتنعة، والردة، يبررون بها عملياتهم الإرهابية، فالقضاة عندهم يحكمون بغير ما أنزل الله، فهم خالفوا مبدأ الحاكمية، وهم طائفة ممتنعة، امتنعت عن تطبيق شرع الله رغم قدرتها عليه، لذلك كفروا وارتدوا فأصبح استهدافهم حلالاً، لأنهم قضاة الطواغيت، كما يرد فى إصدارات تلك الجماعات التكفيرية».
وأوضحت دراسة الجبهة الوسطية أن خطورة ما يفعله الإخوان والتكفيريون هو استخدام الدين وتأويله لتبرير عمليات إرهابية تستهدف الآمنين دون وجه حق، واستخدام أدلة فقهية دون أخرى، والاختيار فيما بينها لتبرير مواقفهم وإقناع أتباعهم بها، وتصويرها على أنها من الدين.
وفنّدت دراسة الجبهة الوسطية أدلة الإخوان والتكفيريين الفقهية والشرعية لاستهداف القضاة، متابعة: «فيما يخص دعاوى الإخوان بالقصاص من القضاة، فإنه أمر متهافت مردود عليه، لا يثبت أمام الحجة والبينة، أولها أن القضاة لم يثبت عليهم أنهم قتلوا أحداً، ولا حرّضوا على قتل أحد، ولا شاركوا فى قتل أحد، وبعض ما يصدره القضاة من أحكام إصداره ضرورة، بعد أن تبين لهم أن المتهم مذنب، فلا فرق بينه وبين القاضى فى المحكمة الشرعية إن وُجدت، لأن القاضيين العادى والشرعى سيحكمان بإدانة المتهم، كما أن للمتهم فرصة أن ينقض الحكم إذا رأى أن فيه غبناً له، الأمر الذى لا يتوفر فى بعض المحاكم الشرعية».
وتابعت: «كما أن القضاة الذين قُتلوا فى عمليات إرهابية لم يثبت عليهم أنهم تناولوا قضايا الإخوان أو غيرهم، مع التأكيد أن من يتناولون قضايا الإخوان أو قضايا الإرهابيين لا يجب القصاص منهم، والقصاص منهم باطل، فاستهداف النائب العام، وقبله قضاة العريش، وقبلهم ممتلكات وأسر القضاة، قتل للنفس التى من قتلها فكأنما قتل الناس جميعاً».
وأشارت الدراسة إلى أن الإخوان والتكفيريين لديهم خلل فى فهم تطبيق القصاص، فالذى يطبق القصاص ولى أمر المسلمين، أو الحاكم، وهو هنا الدولة، التى للأسف دخلوا معها فى خصومة، ومعادلة صفرية، وهى حجة عليهم، لأن الدولة أعلنت فى دستورها أن مرجعيتها أحكام الشريعة الإسلامية، وأن دينها الرسمى الإسلام، فهى حجة عليهم، وكذلك كل دم يراق، فإنه حجة عليهم يوم القيامة».
وعن الأدلة الشرعية والفقهية للتكفيريين التى يجعلونها مرجعية لتكفير القضاة وقتلهم، قالت الدراسة: «اعتماد التكفيريين فى استهدافهم القضاة على الحاكمية والطائفة الممتنعة وادعائهم ردة القضاة أمر باطل، فالقضاة يحكمون بالقانون الذى لا يتعارض مع الدستور، ويوضع فيه روحه، ونصوص القانون مستوحاة من الدستور الذى يؤكد على إسلامية الدولية، سواء باعتبار الدين الإسلامى دينها الرسمى، أو باعتبار أحكام الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع، كما جاء فى الدستور الذى أقرته البلاد بعد ثورة 30 يونيو».
وتابعت: «القول بأن القضاة يخالفون مبدأ الحاكمية باطل، وقول بالهوى لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، واستهداف القضاة وقتلهم قتل لمسلم معصوم الدماء، من كبائر الذنوب التى توجب العقاب الأبدى فى جهنم، أما قولهم إنهم طائفة ممتنعة امتنعت عن تطبيق الشريعة فإنه أيضاً أمر باطل، لأنهم يحكمون كما جاء سابقاً بناء على قوانين لا تختلف مع الدستور الذى ينص على مرجعية الإسلام وأحكامه، وتلك الحال من القوانين التى نراها هى اجتهاد فى التشريع، مثل الاجتهاد الفقهى فى الأشياء التى ليس فيها نص مثل تنظيم المرور، وتوثيق البيع، والمكاتبات، والزواج، وله أصل حينما سُئل النبى الكريم -صلى الله عله وسلم- عن «تأبير» النخل، فقال (أنتم أعلم بأمور دنياكم)».
وأكدت الجبهة الوسطية أن استهداف القضاة أمر حرام شرعاً، لأنه يخالف القاعدة الفقهية المعروفة، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وفى استهداف القضاة مفاسد كثيرة، منها هدم العدالة والمجتمع، وإدخال الدولة فى فوضى جنائية تهدد المجتمع وتؤدى إلى فنائه، وبالتالى فإن الحفاظ على القضاة واجب شرعى.
من جانبه، قال صبرة القاسمى، منسق الجبهة الوسطية، إنهم عقب انتهاء الدراسة سيعرضونها على الأزهر الشريف لإقرارها، خصوصاً أن بعض من أعدوها من علماء الأزهر، على أن تُطبع على نفقة الجبهة وتوزع على الشباب فى المساجد وفى أماكن تجمعهم، كما ستوزع إلكترونياً عبر مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعى، وستكون دون حقوق نشر لتعم الفائدة، وستكون متاحة للشباب فى السجون الذين أدينوا أو ما زالوا رهن التحقيق فى قضايا عنف ضد الدولة والمجتمع، لتوضيح الحقيقة من الأدلة التى ورطهم فيها بعض قياداتهم.