حيثيات إعدام «مرسى» فى «الهروب الكبير»: اتصالات «المعزول» تؤكد تخابره

حيثيات إعدام «مرسى» فى «الهروب الكبير»: اتصالات «المعزول» تؤكد تخابره
أودعت، أمس، محكمة جنايات القاهرة أسباب حكمها الصادر فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون، بمعاقبة الرئيس المعزول، محمد مرسى، ومحمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، و4 آخرين من قيادات الجماعة، و93 متهماً هارباً، بالإعدام شنقاً، ومعاقبة بقية المتهمين بأحكام تراوحت ما بين السجن المؤبد وحتى الحبس لمدة سنتين، مع إلزامهم جميعاً بتعويض مدنى مؤقت قدره 250 مليون جنيه لصالح وزارة الداخلية.
صدر الحكم برئاسة المستشار شعبان الشامى، وعضوية المستشارين ياسر الأحمداوى، وناصر بربرى، وأمانة سر أحمد جاد، وأحمد رضا، وأكدت المحكمة أنه ثبت لديها من واقع التحريات التى أجراها جهازا المخابرات العامة والأمن الوطنى والشهادات المتعددة للشهود سواء من رجال الشرطة أو السجناء الذين عاصروا عمليات الاقتحام المسلح للسجون الثلاثة (وادى النطرون والمرج وأبوزعبل) والأحراز المصورة بالقضية أن الجرائم التى احتوتها أوراق القضية قد تمت وفقاً لمخطط ممنهج تزعّمته جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى بالتعاون مع جهات أجنبية، وأن تلك الجرائم قد وُضعت جميعاً تحت عنوان واحد هو «جريمة ارتكاب أفعال من شأنها المساس باستقلال البلاد وسلامة أراضيها» والمتمثلة فى دخول عناصر مسلحة إلى البلاد والتعدى على المنشآت الأمنية والحكومية بالشريط الحدودى بين مصر وفلسطين، وإجبار قوات الشرطة على التراجع إلى مدينة العريش، وبسطهم نفوذهم على كامل الشريط الحدودى ومدينتى رفح والشيخ زويد وفرضهم حظر التجول بهما.
وأضافت المحكمة أن الأفعال الإجرامية الماسة بأمن البلاد وسلامة أراضيها تمثلت أيضاً فى الاعتداء على 3 من أقوى السجون المصرية وأشدها تحصيناً، وتهريب من بها من مساجين خطرين وهى سجون المرج وأبوزعبل ووادى النطرون، واختطاف 3 من الضباط وأمين شرطة حال تأدية عملهم بقصد مبادلتهم بتابعيهم المودعين بالسجون المصرية، فضلاً عن وقوع جرائم أخرى كانت لازمة ومصاحبة لتنفيذ تلك الجرائم ونتيجة حتمية لها، تتمثل فى قتل مجندى السجون والسجناء والشروع فى قتل آخرين من الضباط والمجندين والمساجين، وإضرام النار عمداً فى مبانى تلك السجون وسرقة محتوياتها وتخريب الأملاك والمبانى العامة وتمكين مقبوض عليهم من الهرب، والتعدى على القائمين على تنفيذ القانون وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائرها، وسبقها التنسيق والهجوم واستهداف 160 قسم ومركز شرطة فى أنحاء الجمهورية.
وأضافت المحكمة أن جماعة الإخوان، وإن كانت جماعة منظمة مكتملة البنيان قبل ثورة 25 يناير، إلا أنها، فى ذلك الوقت، لم تكن تمتلك العدة والعتاد الكافيين لتنفيذ تلك الجرائم منفردة فى ضوء إحكام القبضة الأمنية عليها، الأمر الذى يقطع بأن هناك جهات خارجية تدخلت فى تنفيذ المخطط حتى أتمّته، لافتة إلى أن تلك الجهات الخارجية ما كان لها، مهما بلغت درجة تنظيمها وقوة استخباراتها، بلوغ مقاصدها داخل البلاد والوقوف على تفاصيلها الجغرافية وتحديد أماكن وجود النقاط الشرطية وأماكن السجون وأمثل الطرق للوصول إليها واستهدافها ثم الهرب والعودة إلى حيث كانت، إلا بالاستعانة بعناصر داخل البلاد. وتطرقت المحكمة إلى شهادة اللواء محمود وجدى، وزير الداخلية الأسبق، خلال جلسات المحاكمة، التى أكد من خلالها أن السجون المصرية لا يمكن اقتحامها بمعرفة الأهالى، وأن التسليح اللازم لاقتحام السجون فى مصر لا يتوافر سوى لقوات الأمن المركزى والقوات المسلحة، وأن السجون تم اقتحامها بمعرفة جهات أجنبية تواطأت معها جهات داخلية، وأنه رصد، إبان عمله، اتفاقاً لعناصر خارجية من حماس وحزب الله والجهاد الإسلامى وجيش الإسلام الفلسطينى مع عناصر داخلية، تم على أثره استهداف المنشآت الشرطية بالشريط الحدودى مع قطاع غزة لتسهيل دخول العناصر المسلحة إلى البلاد واقتحامها للسجون المصرية، مشيرة إلى أن تلك الشهادة أيدتها تحريات المقدم محمد مبروك، الضابط بقطاع الأمن الوطنى، الذى أكد أن جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى وجد فى مشروع «الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد» الذى قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتبنيه وما ينطوى عليه من إعادة تقسيم دول الشرق الأوسط، ما يحقق للجماعة والتنظيم رغبتهم فى الوصول إلى سلطة الحكم فى الدول العربية، وهو الأمر الذى كان محلاً للتحقيق من قبَل نيابة أمن الدولة العليا فى القضية رقم 500 لسنة 2008 حصر أمن الدولة العليا. واسترسلت المحكمة قائلة إن هذا المخطط الإخوانى تم رصد تفاصيله من خلال اللقاءات السرية المتعددة التى ضمت قيادات بجماعة الإخوان وقيادات بحزب الله اللبنانى وحركة حماس، التى تم خلالها الاتفاق على قيام الأخيرتين وحلفائهما الإقليميين بدور عسكرى فى مصر سعياً لإسقاط النظام القائم بها، على أن يتم ذلك الدور العسكرى بالتنسيق مع جماعة الإخوان، مشيرة إلى أن المحادثات الهاتفية بين المتهمين محمد مرسى وعضو التنظيم الدولى الإخوانى أحمد عبدالعاطى، والمأذون بتسجيلها بقرار من النيابة، قد أظهرت العلاقة والتنسيق بين الجماعة وأجهزة استخبارات أجنبية فى مقدمتها الاستخبارات الأمريكية والاستقواء بها للحصول على دعم لجماعة الإخوان فى تنفيذ مخططها وتأمين مستقبل الجماعة فى الشرق الأوسط، وأن تقوم المخابرات التركية بفتح قنوات اتصال بين الإخوان فى مصر ودول أخرى، علاوة على الدور القطرى فى تنفيذ المشروع الإجرامى المتمثل فى الدعم المالى من خلال ثروة قطر البترولية، والدعم السياسى بالسياسات الخارجية لقطر، والدعم الإعلامى من خلال شبكة قنوات الجزيرة القطرية.
وأضافت المحكمة أن تحريات المخابرات العامة كشفت النقاب عن أن الاتفاق بين جماعة الإخوان وحماس وحزب الله اللبنانى، فى سبيل الاستيلاء على الحكم فى مصر، تضمن تجهيز وتدريب عناصر مسلحة بمعرفة الحرس الثورى الإيرانى، تم الدفع بهم فعلياً من قطاع غزة إلى مصر إبان تظاهرات يناير 2011، ما يؤكد وجود نية خبيثة وعزم لا يتزعزع لدى المتهمين على إحداث الفوضى بالبلاد، وتوافق بين دول أجنبية على هذه النية واستعداد من حماس وحزب الله للتدخل فى الوقت المناسب لوضع ذلك العزم موضع التنفيذ، وأنه تم تحقيق هدفين رئيسيين هما ضرب جهاز الشرطة المصرية ضربة موجعة لإفقاده الحركة، من خلال استهداف 160 قسم ومركز شرطة على مستوى البلاد فى توقيت متزامن فى 28 يناير 2011، فضلاً عن الاستيلاء على ما بتلك الأقسام والمراكز من أسلحة وذخيرة، واقتحام السجون المصرية بدءاً من منتصف ذات الليلة وتهريب عناصر حركة حماس وحزب الله والعناصر البدوية من سيناء ممن حُكم عليهم فى قضايا إرهابية وتهريب المساجين الجنائيين لنشر الفوضى بالبلاد. وذكرت المحكمة أن تحريات أجهزة الأمن كشفت عن رصد تحركات المجموعات المسلحة التابعة لحزب الله وحماس فى 28 يناير 2011، حيث قامت بالتسلل إلى محافظة شمال سيناء مستقلة سيارات محملة بالأسلحة، ومدججة بأسلحة نارية ثقيلة (قذائف صاروخية وبنادق آلية) بالتعاون مع بعض عناصر جماعة الإخوان، وهاجمت تلك العناصر المسلحة، المنشآت الشرطية الموجودة بمدينة رفح المصرية، ما أدى إلى تراجع قوات الشرطة إلى العريش، وتلك العناصر الإجرامية المسلحة قامت بتفجير أحد خطوط الغاز بسيناء وإحراق أقسام شرطة رفح وقسم رابع العريش والقسيمة والشيخ زويد، وتدمير مكتبى جهاز أمن الدولة برفح والشيخ زويد، وأطلقوا قذائف صاروخية من طراز (آر بى جى) على معسكر الأمن المركزى بمنطقة الأحراش بالعريش، وقذائف مماثلة على فرع جهاز أمن الدولة بمدينة العريش، وتعدوا على نقاط التفتيش بمناطق «بلوظة والفرما والسلام والنصر وبئر لحفن وبغداد والخروبة وصدر حيطان والنقب» بشمال سيناء، وأحرقوا إدارة حماية البيئة بالعريش، وقتلوا وأصابوا العديد من ضباط وأفراد الشرطة بمديرية أمن شمال سيناء.
وأضافت المحكمة أن تلك المجموعات المسلحة انقسمت إلى 3 مجموعات اتجهت الأولى إلى سجن وادى النطرون، والثانية إلى سجن أبى زعبل، والثالثة إلى سجن المرج، لتحرير عناصر حزب الله وحماس والإخوان المسلمين والعناصر المتشددة من شمال سيناء المودعين بتلك السجون، واستعرضت المحكمة إقرارات وشهادات سجناء بسجون وادى النطرون والمرج وأبوزعبل، جرى الاستماع إلى أقوالهم فى مارس 2011، أى قبل صدور تحريات الأمن الوطنى والمخابرات العامة حول وقائع القضية، حيث أكدوا أن عمليات اقتحام السجن تمت من خلال مجموعات من الأعراب والملثمين وبعضهم يرتدى «الشال الفلسطينى» حاملين الأسلحة النارية الآلية والثقيلة، علاوة على ما قرره السجين أشرف محمد نظير بسجن المرج، من استماعه بنفسه إلى حديث للقيادى الحمساوى أيمن نوفل الذى كان مسجوناً بذات السجن، بأن عناصر مسلحة فى طريقها إلى القدوم لتحريره.