سفينة تعود من تحت الجليد بعد 100 عام.. لغز «إندورانس» الغارقة في القطب الجنوبي

كتب: منة الصياد

سفينة تعود من تحت الجليد بعد 100 عام.. لغز «إندورانس» الغارقة في القطب الجنوبي

سفينة تعود من تحت الجليد بعد 100 عام.. لغز «إندورانس» الغارقة في القطب الجنوبي

في عالم البحار العميقة والأسرار المدفونة وقبل قرنٍ من الزمان، لم تكن «تيتانيك» المأساة الوحيدة التي طوتها أمواج المحيطات، إذ شهدت القارة القطبية الجنوبية قصة فقدان أخرى، لكن بسيناريو مختلف على متن سفينة إندورانس، التي قادها المستكشف الشجاع إرنست شاكلتون.

تروي أعماق الجليد حكاية سفينة تجمّدت وسط جليد بحر ويديل عام 1915، لتبقى أسطورتها عالقة في طيّات التاريخ حتى اكتشاف حطامها بعد أكثر من 100 عام، على عمق 3000 متر في عام 2022. فما الأسرار التي يحملها هذا الاكتشاف؟ وكيف كانت رحلة الصمود التي عاشها طاقم السفينة بين الجليد والموت؟

صور مذهلة لسفينة إرنست شاكلتون 

صورٌ مذهلةٌ التقطت لسفينة إرنست شاكلتون، أظهرت كيف كانت السفينة قبل فقدانها في الجليد عام 1915، فضلًا عما تحويه داخلها بدءًا من الأطباق المستخدمة في الوجبات اليومية، ومسدس الإشارة الذي أُطلق تكريمًا للسفينة الغارقة، وصولًا إلى التفاصيل الدقيقة للحياة على متنها، وفق «ديلي ميل» البريطانية. 

«أمر رائع للغاية.. الحطام سليم تقريبًا كما لو كانت قد غرقت أمس»، هكذا عبّر أحد ملتقطي الصور الأخيرة للسفينة الغارقة، مشيرا إلى أنّه منذ اكتشاف «إندورانس» لم يتمكن أحدٌ من إظهار أجزاء صغيرة من الحطام الخشبي الذي يبلغ طوله 44 مترًا، لكن المسح ثلاثي الأبعاد الجديد استخدم صورًا التقطت بواسطة روبوتات يتم تشغيلها عن بُعد، والتي دُمجت معًا لإنشاء «توأم رقمي» للحطام.

معلومات عن سفينة إندورانس «إرنست شاكلتون» 

وبحسب ما نشرته «ديلي ميل»، فإن السفينة إندورانس أُطلق عليها اسم «السير إرنست شاكلتون»، الذي قادها في رحلة استكشافية إلى القارة القطبية الجنوبية ولم تعد منها، وكانت تحوي 10 كبائن وغرفة مظلمة للمصورين الهواة، ولا تحتوي على مساحة للشحن، إذ كانت عديمة الفائدة كقارب صيد، ولم تكن فاخرة بما يكفي لاستخدامها كيخت.

أبحرت «إندورانس» إلى القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا من مدينة بليموث، جنوب غرب المملكة المتحدة، في ظهر 8 أغسطس عام 1924، ولم يكن حينها شاكلتون على متن السفينة، إذ كان في ليفربول وقتها وغادر على متن سفينة بريدية تدعى «أوروجايو» لينضم إلى طاقم «إندورانس» في بوينس آيرس، في 26 سبتمبر.

وبعد رحلةٍ خاليةٍ من الأحداث، وصل طاقم السفينة إلى جزيرة جورجيا الجنوبية، بجبال الألب في منتصف المحيط، في الخامس من نوفمبر 1914، ورحبت مجموعة من صيادي الحيتان النرويجيين، بلغ عددهم نحو ألفي صياد، بشاكلتون وطاقمه الذين توقعوا أن يقضوا بضعة أيام فقط هناك، لكن صيادي الحيتان أخبروهم أنّ الجيلد هذا العام سيّئ، ومكث طاقم السفينة أسابيع عدة.

انطلاق السفينة مرة أخرى

استكملت السفينة رحلتها مجددا، في الخامس من ديسمبر، تشق بحر ويديل الجليدي، وبعد 3 أيام شاهدوا أول كتلة جليدية على خط عرض 57 درجة جنوبًا، ليتأكد طاقم السفينة أنّ تحذيرات صائدي الحيتان من الجليد صحيحة، بحسب «ديلي ميل».

ناضلت السفينة وسط الجليد، وتحركت ببطء لكن بحلول العاشر من يناير 1915، شوهدت الأرض عند 72 درجة و2 دقيقة جنوبًا، وكانت هذه هي الجبهة الجليدية لأرض كوتس التي شوهدت لأول مرة في عام 1902، وبدأ الطاقم في الاستعداد للهبوط في خليج فاهسل.

وبعد 5 أيام قطعت السفينة 120 ميلاً، لكن سرعان ما بدأ الجليد المتراكم يعيق التقدم مرة أخرى، وتبين أن أعدادًا كبيرة من الفقمة تُشكل وجودًا مزعجًا لحركة السفينة، كان كل شيء على ما يرام كما يمكن توقعه حتى بعد منتصف الشتاء، لكن في 14 يوليو، كان هناك ضجيج من أسفل مؤخرة السفينة، وحاول «شاكلتون» تفسيره على أنّه حوت، لكن أحد النجارين علم بأنّه الجليد ضغط السفينة، وأنّه لن يكون لديها فرصة كبيرة للبقاء على قيد الحياة، بحسب «ديلي ميل».

وبعد أسابيع من معاناة السفينة وسط الظروف الجليدية الصعبة، تحطمت الأجزاء السفلية من السفينة ورسى حطامها فوق الجليد لمدة شهر ما سمح بإنقاذ المؤون بينما خيم أفراد طاقمها على بُعد أميال قليلة في منطقة أكثر استقرارًا، وفي الحادي والعشرين من نوفمبر عام 1915، شاهد وسمع أفراد طاقمها حركات قوية حيث سمحت الالتواءات النهائية للجليد لحطام السفينة بالانزلاق تحت السطح.

ولحسن الحظ تمكن الطاقم من الفرار من خلال إطلاق قوارب النجاة والوصول إلى الجزر القريبة.


مواضيع متعلقة