«الحوار الوطني».. وما زال المصريون «إيد واحدة»

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

حالة تكاتُف لم تشهدها «مصر» من قبل تلك التى ظهر عليها الشعب المصرى خلال (ثورة 30 يونيو 2013)، يقظة غير مسبوقة لشعب أصيل يعرف قيمة وطنه، حالة استنفار قصوى للمواطنين الذين هبُّوا لنجدة وطن مكلوم كان يعانى من الفُرقة والفوضى بسبب وجود جماعة إرهابية متطرفة على رأس السلطة، جماعة سيطرت على الرئاسة والبرلمان والإعلام والشارع وكل شىء، لكنها كانت سيطرة دون وجه حق استخدمت خلالها اللعب على مشاعر الغلابة والضعفاء، احتكروا الدين واستخدموه لتضليل المواطنين والكذب عليهم باستخدام شعارات دينية، تكاتف الشعب المصرى وواجه تطرفهم وقرر خلعهم من الحكم.

ظل تكاتُف الشعب المصرى مستمراً حتى خرج المواطنون مرة أخرى لتفويض الفريق عبدالفتاح السيسى -وزير الدفاع وقتها- لمواجهة الإرهاب والقضاء على المتطرفين المسلحين الذين هددوا بارتكاب عمليات إرهابية، زاد تكاتف الشعب المصرى مع تزايد عمليات العنف والتفجيرات التى ارتكبتها تنظيمات إخوانية مُسلحة، كانت عمليات التفجير -التى ارتكبها خونة العصر- لا تفرق بين جندى أو مسلم أو مسيحى أو إعلامى أو قاضٍ أو سياسى أو ضابط أو موظف أو فلاح أو صعيدى أو بحرى، كانت التفجيرات تستهدف المصريين، وكان رد الفعل أسطورياً بأن زاد ترابط المصريين وقرروا استكمال مهمة الحفاظ على وطنهم وواجهوا بجسارة، كانت جنازات الشهداء خير شاهد على هذا الترابط والتكاتُف.

مع كل تحدٍّ جديد يطرأ على الساحة الداخلية والخارجية يظهر المعدن الحقيقى للشعب المصرى العظيم، أزمات اقتصادية عالمية -تؤثر بطبيعة الحال على «مصر»- يتحمل الشعب المصرى ويكون كل همه الحفاظ على الوطن حتى لو سيقسم اللقمة مع بعضه البعض، صراع دولى رهيب بين القوى العظمى ينتج عنه ضياع دول وتفتُت دول وتقسيم دول واستباحة سيادة دول، لكن الشعب المصرى ثابت -ثبات الجبال- على موقفه وتأييده لقائده الذى اختاره ليقود سفينة الوطن إلى بر الأمان، ظهور وكلاء الحرب -الفاعلين من غير الدول- الذين يقومون بدور أساسى فى الصراع فى منطقة الشرق الأوسط، لكن «مصر» -قيادة وشعباً- لا تعترف بهذه اللعبة ولا تتخوف ولا تهتز ولا تعقد صفقات فى الخفاء مع أحد، لكنها تعترف بسيادة الدول ولا تجرى نحو أى وكلاء أو تنظيمات لأنها تحترم شرعية الدول.

تكاتُف الشعب المصرى مُستمر وبلغ ذروته خلال (الحوار الوطنى)، كل الجلسات تؤكد -بما لا يدع مجالاً للشك- أن الشعب المصرى على قلب رجُل واحد، يتناقش السياسيون والحقوقيون والإعلاميون والشباب والأحزاب ونواب البرلمان ليخرجوا بصيغة توافقية قابلة للتنفيذ حول القضايا الحرجة التى تحتاج رأى الجميع، الحوار سيد الموقف، أرضية وطنية خالصة تلك التى يقف عليها كل المشاركين فى (الحوار الوطنى)، تكاتُف واضح حول كل ما يهم الوطن، (حوار وطنى) يعكس صورة حقيقية للشعب الذى يحمل هموم وطنه ويناقشها باستفاضة دون خطوط حمراء ودون مواربة ودون سقف والهدف صالح الوطن والمواطنين.. الكُل يحمل مسئولية الوطن على كتفيه، الكل يريد الخير للوطن، الكل يريد سلامة مصر وأهلها، وهذا هو التكاتُف الذى نريد إلقاء الضوء عليه، الكل يراعى الله فى الوطن، ووقت الشدائد والمحن الكل «كتف فى كتف» معتصمين بحبل الله فهو (نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ).