بروفايل| "نصر أبوزيد".. أشعل ثورة تجديد الخطاب الدينى
![بروفايل|](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/364961_Large_20150626111536_72.jpg)
بأريحية يجلس على مقعد وثير، مرتدياً بزته الأنيقة، من بين أطرافها تنسدل «كرافتة» محكمة الربط، فيما يحيط منكبيه شال يتدلى على صدره، بهذه الهيئة بدا كثيراً أمام حشود مثقفة قصدته للاستماع إلى رؤيته فى تجديد الخطاب الدينى، وضرورة التحرر من سلطة النصوص وأولها القرآن الكريم الذى قال عنه إنه النص الأول والمركزى فى الثقافة.
لم يكن نصر حامد أبوزيد، المفكر والباحث المتخصص فى الدراسات الإسلامية، يدرى أنه سيثير عاصفة فى تسعينات القرن الماضى بكتابته فى الفكر الإسلامى والدينى ومعارضته سلطة النص المطلقة، وأن اتهامات الكفر والإلحاد ستوجه إليه بعد الخروج بأفكاره الصريحة فى أبحاث بعنوان «نقد الخطاب الدينى» للحصول على درجة الأستاذية عام 1995 من جامعة القاهرة، فى كلية الآداب بعد أن حصل على الليسانس فى قسم اللغة العربية والدكتوراه من ذات القسم فى الدراسات الإسلامية عام 1979، لتثار ضده موجة عارمة من النقد، كانت سبباً فى أشهر قضايا تكفير الكُتاب فى القرن العشرين، إذ صدر حكم قضائى بتفريقه عن زوجته بناء على دعوى حسبة، اعتبرته مرتداً عن الدين الإسلامى، فغادر البلاد مع زوجته وزميلته فى جامعة القاهرة الدكتورة ابتهال يونس، أستاذة الأدب الفرنسى، متجهاً إلى هولندا ليقيم هناك 15 عاماً حتى وفاته، حيث عمل أستاذاً للدراسات الإسلامية بجامعة لايدن.
كان «أبوزيد» شغوفاً بالدعوات التى تصله من الدول العربية لإلقاء المحاضرات والندوات، قضى 15 عاماً يقدم شروحات لأفكاره باللغات الأجنبية، فبعد مضى عدة سنوات من مغادرته البلاد وفى 2008 استجاب لدعوة من مكتبة الإسكندرية التى ألقى فيها 4 محاضرات فى ديسمبر إحداها عن التأويل اللاهوتى للقرآن الكريم، ليعود مجدداً إلى الأضواء بصورة علنية.[FirstQuote]
«إنها أكذوبة هائلة أن نرفع شعار لا اجتهاد فيما فيه نص، فالظروف تختلف، ويجب أن نركز على دعم الحرية لأنه مع غيابها يتوقف العقل تدريجياً عن النبض»، كلمات لم يتوقف عن ترديدها، إصراراً منه على دعوته لتجديد الخطاب الدينى، إذ كان يرى أن الحجاب ليس فرضاً على المسلمات، وأنه إذا كانت المسألة تتعلق بالفتنة فهناك رجال يفتنون النساء، منطلقاً من هذه الفكرة بضرورة فرض الحجاب على الرجال أيضاً.
واستنكر فى ندوة نظمتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة فى مايو 2008 بعنوان «الفن وخطاب التحريم»، اعتبار الحجاب فرضاً متسائلاً: «هل الفرائض زادت فريضة سادسة حتى نقول إن الحجاب فرض؟»، كما نادى بتطوير الأزهر وإثراء دوره التنويرى فى المجتمع.
داوم هجومه على العلماء والشيوخ الذين يفتون بتحريم التماثيل سواء من خلال صناعتها أو اقتنائها فى المنازل ووضعها فى الميادين، بدعوى الخشية من عبادتها، موضحاً أنه لم يعد خطراً على الإسلام والمسلمين فى الوقت الحالى وجود التماثيل، لأن قوة الإيمان لا تحتاج إلى إخفاء التماثيل، واستمر فى رؤيته الفكرية لتجديد الخطاب الدينى ليحصل على عدة جوائز وأوسمة، منها ميدالية «حرية العبادة» من مؤسسة إليانور وتيودور روزفلت 2002، وتنتهى مسيرته العلمية صباح الاثنين 5 يوليو 2010 بعد عودته إلى مصر بأسبوعين إثر إصابته بفيروس غريب فشل الأطباء فى علاجه، ليدخل فى غيبوبة انتهت بوفاته عن عمر يناهز 66 سنة، ليدفن فى مقابر أسرته بمنطقة قحافة بمدينة طنطا.