حين تزوجها «النبي»

خلاف كبير ساد بين كتاب السيرة حول العمر الذى تزوج فيه النبى من السيدة خديجة، رضى الله عنها، الشائع أن النبى تزوجها فى عمر الـ25، أما هى فكانت فى الـ40 من عمرها، وأن زواجهما أثمر عن إنجاب ثلاثة ذكور، وأربع إناث.

علمياً لا يوجد مانع من أن تُنجب سيدة فى الأربعين من عمرها، خصوصاً إذا كانت قد أنجبت قبل ذلك، وقد حكيت لك أن «خديجة» تزوجت مرتين قبل النبى، وأنجبت من الزوجين.

يقول «ابن الأثير» فى «الكامل فى التاريخ»: «وكان تزوجها -يقصد خديجة- قبله عتيق بن عائذ بن عبدالله بن مخزوم ومات عنها، وتزوجها بعد عتيق أبوهالة بن زرارة بن نباش التميمى، فولدت له هند بن أبى هالة، ثم مات عنها».

الأرجح أن السيدة خديجة كانت فى سن أقل من الـ40 حين تزوجها النبى، صلى الله عليه وسلم. ينقل «ابن كثير» فى «البداية والنهاية» أن: «عمرو بن أسد -عم السيدة خديجة- زوّج خديجة من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعمره خمساً وعشرين سنة، وهكذا نقل البيهقى عن الحاكم أنه كان عمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين تزوج خديجة خمساً وعشرين سنة، وكان عمرها إذ ذاك خمساً وثلاثين وقيل خمساً وعشرين سنة».

ما ينقله ابن كثير يؤكد أن عمر السيدة خديجة كان تحت الأربعين حين تزوجت النبى، ويشير مرة إلى أن سنها كانت 35 سنة، ويشير مرتين إلى أنها كانت 25 سنة، مما يجعلنا نميل إلى الرواية الثانية.

فالأرجح -والله أعلم- أن السيدة خديجة كانت فى مثل عمر النبى، حين أكرمها الله بالزواج منه (25 سنة)، ووارد فى ظل البيئة التى نشأت فيها أن تكون قد تزوّجت مرتين فى مثل هذه السن، لأن الفتيات كن يتزوجن مبكراً، فلو حسبت مثلاً أنها تزوجت فى سن 18 سنة، ثم مات عنها زوجها الأول فى سن الـ21، ثم تزوجت ثانية ثم مات عنها زوجها قبل أن تبلغ الخامسة والعشرين، فستجد أن حسبة الأرقام موضوعية للغاية.

والدليل على ذلك أن ابنها من زوجها الثانى «هند بن أبى هالة» كان طفلاً وليداً حين تزوجت «خديجة» من النبى، وأنه صلى الله عليه وسلم، من تعهّده بالتربية والرعاية، وقد عاش «هند» حياته يفخر بأنه «ابن السيدة خديجة»، و«ربيب رسول الله»، وشقيق فاطمة ريحانة رسول الله، وخال الحسن والحسين والسيدة زينب أحفاد النبى، ولهند حديث شهير فى وصف النبى، أبدع فيه فى تقريب صورة النبى وخلقه الكريم وطبائعه كإنسان إلى الأجيال المتتالية من المسلمين.

الأرجح أن السيدة خديجة تزوجت النبى وهى فى الخامسة والعشرين من عمرها، يُدلل على ذلك أنها أنجبت له كل أولاده من الذكور، باستثناء إبراهيم، ومن الإناث (7 أولاد)، وإذا كانت بعض الروايات تشير إلى أن السيدة خديجة توفيت فى الـ50 من عمرها، فليس من المعقول أن تكون أنجبت أولادها من النبى فى سن الـ40، أى خلال 10 سنوات.