تنظيم "مدينة نصر" يعيد إنتاج وثائق "التكفير والهجرة" في "وثيقة فتح مصر"
وريقات قديمة وكلمات مكتوبة بأحبار باهتة، ضاعت أهميتها - مؤقتًا- بين الأسلحة والذخيرة التي ضبطت مع جهاديين.
هي "وثيقة فتح مصر"، التي اكتشفت الأجهزة الأمنية أهميتها أخيرا، خلال التحقيقات الجارية مع أعضاء خلية "مدينة نصر" الإرهابية، خصوصا لتضمنها خطة تنفذها 22 خلية جهادية سرية لاغتيال "رئيس الجمهورية وبابا الأرثوذكس وعدد من الشخصيات السياسية والأمنية والقبطية والإعلامية، وإحكام السيطرة على المواقع التي تتحكم في شبكة الاتصالات، والسيطرة على الطرق الرئيسية بين القاهرة والمحافظات". وهو ما أعاد إلى الأذهان مضمون وثائق جماعات التكفير والهجرة، التي خططت ونفذت عمليات إرهابية بمصر في أواخر سبعينات القرن الماضي.
الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع، وصاحب كتاب "الإرهاب المتأسلم: لماذا ومتى وإلى أين؟"، كان واحدا ممن اطلعوا على تلك الوثائق، روى لـ"الوطن" قصة تلك الوثائق اليدوية التي بدأت مع مؤسس جماعة التكفير والهجرة شكري مصطفى، الذي بنى أفكارها على أساس التكفير، حيث كان يتبع منهجًا تكفيريا يقول بأن "كل المجتمعات القائمة مجتمعات جاهلية وكافرة قطعاً، لأنهم تركوا التحاكم لشرع الله واستبدلوه بقوانين وضعية".
وأرجع السعيد كتابة تلك الوثائق بالحبر الشيمي والزعفران الأحمر، بخط اليد، إلى اعتقاد أصحابها بأن الطباعة وأدواتها من العتاد الذي صنعه الكفار، ومن ثم لا يجوز طباعة كلماته وخطبه ورسائله لأعضاء وأفراد جماعته بذلك "العتاد الكافر"، ومن هنا كانت الوثائق اليدوية لأفراد جماعة التكفير والهجرة.
شكري مصطفى، الذي وضع جميع أفكار ورسائل ووثائق "جماعة المسلمين" في 11 كراسة يصنعها أفراد الجماعة بأنفسهم، ويحفظون محتواها عن ظهر قلب، كتب من بين ما كتب فيها "المجتمعات الإسلامية كلها كافرة حتى تثبت العكس" و"النطق بالشهادتين غير كاف للحكم على الإنسان بالإسلام، فلا بد أن يتزامن معها قيامه بجميع الفرائض واجتنابه جميع المعاصي وألا يصر على الصغائر، فمن ترك واجبا أو ارتكب معصية فهو كافر".
ومن بين الوثائق اليدوية لـ"جماعة المسلمين" ننقل: "كل مسلم بلغته دعوة الجماعة بالانضمام إليها ولم ينضم، فهو كافر حتى ولو كان هذا المسلم يؤدي كل ما عليه من طاعات ويتجنب المعاصي والآثام". وعن التعامل مع الأعداء كانت بعض تلك الوثائق تنص على "خطتنا هي الفرار من العدو الوافد، تماما كالفرار من العدو المحلي وليست مواجهته".
عقيدة شكري مصطفى، مؤسس جماعة التكفير والهجرة، عن "العتاد الكافر"، أنكرها بعد ذلك، حسبما يروي رفعت السعيد، بإشارته إلى واقعة اغتيال الشيخ الذهبي، وزير الأوقاف، عام 1977، حيث قتل الشيخ الذهبي بالمسدس، وهو حسب نظرية شكري مصطفى "عتاد كافر".
واعتبر رئيس حزب التجمع، عودة الخلايا والتنظيمات السرية المسلحة والحديث عن دولة الخلافة مجددا في وثائق خلية "مدينة نصر" الإرهابية، بمثابة امتداد لأفكار الشيخ سيد قطب، العضو السابق في مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، مدللاً على ذلك بعدم إصدار جماعة الإخوان المسلمين أي بيان لإدانة تلك الخلايا الإرهابية وأعمالها التخريبية، التي تمثل إعادة إنتاج لأفكار متطرفة، حسب قوله.