اخرجوا من «محور فيلادلفيا»

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

 العلاقات المصرية - الأمريكية استراتيجية، وطيدة، راسخة، تعاون فى مجالات عِدة، مُمتدة منذ زمنٍ بعيدٍ.. فى «اتفاقية كامب ديفيد» كان الجانب الأمريكى شاهداً ووسيطاً وضامناً وراعياً، ونجحت الاتفاقية وما زالت سارية.. وخلال المفاوضات الجارية بين الجانب الإسرائيلى وحركة حماس تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دوراً أساسياً مع مصر وقطر.. تواصل دائم ونقاشات مُستمرة ورعاية كاملة لسير المفاوضات.

خلال 20 يوماً الماضية كان التواصل المصرى - الأمريكى قد وصل لمستوى مُتقدم، ففى 8 أغسطس الحالى أصدرت مصر وأمريكا وقطر بياناً ثلاثياً يقضى بضرورة التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة ولقى إشادة دولية وتأييداً واسعاً من عدد من الدول المعنية بالأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط وهو البيان الذى عُرِف بـ«لقد حان الوقت..»، ثم تَبعه بيان ثلاثى آخر بنفس المطلب فى يوم 16 أغسطس الحالى، وفى نفس اليوم تلقى الرئيس السيسى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكى «بايدن»، وفى يوم 20 أغسطس الحالى جاء وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن» إلى «مصر» والتقى بالرئيس السيسى، ومنذ ثلاثة أيام -الموافق 24 أغسطس- تلقى الرئيس السيسى اتصالاً هاتفياً من الرئيس «بايدن»، وأمس الأول -الموافق 25 أغسطس- التقى الرئيس السيسى بـ«تشارلز براون»، وقبلها جاء إلى مصر «وليم بيرنز»، مدير المخابرات الأمريكية، والتقى بالرئيس السيسى.. وفى كل هذه اللقاءات والاتصالات مع كبار مسئولى الإدارة الأمريكية كان «الرئيس السيسى» يحذر من اتساع رُقعة الصراع فى المنطقة وخطورة فتح جبهات جديدة وتأثير ذلك على الأمن والسلم الإقليميين، تحذيرات «الرئيس السيسى» كانت جادة وتحمل فى طياتها وجهة النظر المصرية الرامية لضرورة وقف عاجل لإطلاق النار فى قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية وإتمام عملية تبادل الأسرى والمُحتجزين.

وبالرغم من العلاقات الوطيدة بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر، فإن الموقف المصرى ثابت وقوى وراسخ ولا يتزحزح أبداً تجاه الدفاع عن القضية الفلسطينية ورفض النهج الإسرائيلى المُعيق للمفاوضات وأيضاً عدم التخلى عن محددات الأمن القومى المصرى والتصدى لكل المُهددات التى ظهرت مؤخراً ومنها -بطبيعة الحال- إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» على الوجود فى محور فيلادلفيا وعدم الانسحاب منه.. وكما هو معلوم فإن «محور فيلادلفيا» يوجد داخل الأراضى الفلسطينية وطوله 14 كم وعرضه يتراوح بين 150 متراً و500 متر فى بعض الأجزاء.

من الواضح أن وجود الجيش الإسرائيلى فى «محور فيلادلفيا» لقى تأييداً أمريكياً، وبعد أن رأت «أمريكا» أن «مصر» رافضة ومُصرة على ضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلى من محور فيلادلفيا عرضت مُقترحات جديدة تقضى بانسحاب جزئى للجيش الإسرائيلى من محور فيلادلفيا على مراحل، لكن «مصر» رفضت، فتم تعديل المقترح لكى يكون هناك انسحاب كامل للجيش الإسرائيلى من محور فيلادلفيا شريطة أن يتم إنشاء 8 أبراج مُراقبة فى الـ14 كم، رفضت «مصر»، فتنازل الأمريكان وقالوا إنه سيتم تعديل المُقترح إلى تقليل أبراج المُراقبة إلى 3 أبراج مُراقبة فقط، فرفضت «مصر»، وتم تقليصها إلى بُرجين فقط، لكن رفضت «مصر».

رفضت «مصر» وجود الجيش الإسرائيلى فى محور فيلادلفيا وأصرت على انسحابه وطالبت بخروجه منه والالتزام بما تم الاتفاق عليه فى معاهدة كامب ديفيد.. موقف عظيم ومُشرف من «مصر» والتى لا تتنازل عن حقوقها ولا تخضع لأى ضغوط وتضع أمنها القومى نُصب أعينها.