برامج "المقالب": انصب وفبرك الضحكة تطلع حلوة

برامج "المقالب": انصب وفبرك الضحكة تطلع حلوة
تطورت برامج المقالب التى كانت تُعرض دائماً تزامناً مع شهر رمضان الكريم، حيث كانت تتجمّع الأسرة أمام شاشة التليفزيون، ويطغى على ملامحهم نوع من الدهشة والضحك، حيث لاقت تلك البرامج قبولاً كبيراً من الجمهور، مثل برنامج الكاميرا الخفية الذى كان يقدمه إبراهيم نصر.
ومن أشهر البرامج أيضاً برنامج «إدينى عقلك» الذى قدمه حسين مملوك ومنير مكرم، وبرنامج «نجومنا فى اليابان» الذى قدمته نشوى مصطفى، بعدما تنكّرت فى صورة مذيعة يابانية لا تجيد العربية، وبرنامج «حيلهم بينهم» الذى قدمه عمرو رمزى متقمصاً شخصية المذيع المستفز الذى يضايق النجوم، ومن أشهر نجوم برامج المقالب الفنان المرحوم حسين الإمام الذى كان يقدم برنامج مقالب بشكل مستمر كل رمضان، وغيرها من برامج المقالب التى كانت تقوم على أفكار وإمكانيات بسيطة، ثم ما لبثت أن تطورت تطوراً سريعاً من حيث التكلفة والتكنولوجيا المستخدمة والإمكانيات، ومن حيث الأفكار أيضاً، وخلقت بعض البرامج قدراً كبيراً من اللغط لأنها حاولت إبراز ردود الفعل لدى الممثلين والمشاهير.
يقول على عجوة، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة: «برامج المقالب غير ملائمة سواء فى شهر رمضان، أو غير رمضان، وتطور البرامج بتلك السرعة، ودفع مبالغ كبيرة فى تكلفتها، نتيجة المنافسة الشرسة لتحقيق الأرباح، فأصبحت الساحة الإعلامية أشبه بالسوق التى تباع فيها البرامج وتُشترى، والقنوات الخاصة لا تهتم سوى بالعائد والأرباح، ولا تعير المحتوى أو المضمون أى اهتمام، ولذلك هم شركاء حقيقيون فى تدمير الذوق العام، حتى أصبح الجمهور لا يهتم سوى بالتفاهات والماديات، واللافت للنظر أن برامج المقالب تطورت تطوراً كبيراً من حيث استخدام التكنولوجيا الحديثة، وأصحابها يعرفون جيداً كيف يجذبون الانتباه، من حيث اختيار ضيوف للبرامج من المشاهير، ورصد ردود أفعالهم على المقلب».
وعن الخروج من المأزق الإعلامى، يقول على عجوة: «الحل الوحيد أن تقوم وسائل الإعلام بعمل نقد ورصد لبعضها البعض، حيث تتبنى هى عملية تُعرف بـ«الفلترة»، وأن تطهّر نفسها بنفسها باستمرار، وأن تطرد العملة الجيدة العملة الرديئة، وتسليط الضوء على تلك السلبيات له أثر واضح فى توعية الجمهور بخطورة جلوس أبنائهم أمام برامج المقالب، وسماعهم لألفاظ وتعبيرات خارجة، والمشاهد نفسه يتم خداعه أحياناً من خلال تمثيلية مدبرة بين الضيف ومعد البرنامج تظهر فى صورة مقلب».
بينما يقول إسلام عبدالرؤوف، مدرس الإعلام بجامعة الأزهر: «هناك صراع قائم فى الإعلام فى كل مكان فى العالم حول أهمية المحتوى والمضمون للبرنامج، وبين جذبه لأعلى مشاهدة، وتوافد الإعلانات عليه، ولذلك يلجأ البعض للابتذال فى سبيل ارتفاع نسبة المشاهدة، وبعض البرامج لجأت للسخرية وإهانة ضيوفها فى مقابل الترويج ونجاح البرنامج، ويجب أن نطرح تساؤلاً عن تكلفة تلك البرامج لتصويرها بإمكانيات حديثة فى عرض البحر، أو فى الجو، وهل تلك التكلفة تستحق أن تنفق على المحتوى الذى تقدمه تلك البرامج، أم كان من باب أولى أن تنفق فيما يفيد المجتمع والنشء والشباب، ومن النقاط الخطيرة: هل يتم تصنيف ذلك المحتوى وتحديد الفئة العمرية التى تشاهده أم لا؟ فأطفال كثر يجدون فى برامج المقالب متعة المشاهدة، مما يدفعهم إلى تقليدها بشكل مستمر، وهذا يؤدى إلى أخطار حقيقية، وأحياناً تستخف تلك البرامج بعقول المشاهدين، حيث يكون هناك اتفاق ضمنى بين معدى البرامج وبين الضيوف لتأدية المقلب فيما يشبه المسرحية الهزلية». وعن طريق الخروج من تلك المأساة الإعلامية، يقول عبدالرؤوف: «نشهد حالياً نوعاً من الابتذال العام، وغياب أى نوع من مواثيق الشرف أو احترام أخلاقيات المهنة، وأقترح أن يأتى الحل من خلال كل وسيلة إعلامية على حدة، حيث تقدم كل وسيلة المواثيق الأخلاقية الخاصة بها، وأن تلتزم بها أمام الجمهور، وتلك هى وسيلة البقاء الوحيدة لتلك الوسائل، للمحافظة على ثقة جمهورها، فما نشاهده فى برامج يظهر فيها الضيوف يتفوهون بأبشع الألفاظ بعد معرفتهم أنهم تعرضوا لمقلب، أمر مؤسف، ولو تم وضع قانون يمنع ويجرّم ذلك لن يأتى بنتيجة كما يتصور البعض، لأن التغيير يجب أن يأتى من المجتمع والإعلاميين أنفسهم وليس من المشرعين».