هنا لا شىء على أرض الواقع.. والمصانع خرابات تستعد للافتتاح الوهمى

كتب: محمد مجدى وأحمد صبحى

هنا لا شىء على أرض الواقع.. والمصانع خرابات تستعد للافتتاح الوهمى

هنا لا شىء على أرض الواقع.. والمصانع خرابات تستعد للافتتاح الوهمى

بقى 15 يوماً على افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى مشروع الألف مصنع بالمنطقة الصناعية فى التجمع الثالث بمدينة القاهرة الجديدة. وفى حين أكدت تصريحات الدكتورة عبلة عبداللطيف، رئيس المجلس التخصصى للتنمية الاقتصادية، التابع لرئاسة الجمهورية، أن العمل مستمر بالمشروع، الذى سيفتتحه الرئيس، 30 يونيو المقبل، فإن جولة محررى «الوطن» بالمنطقة، أكدت ما نشرته الجريدة فى عددها الصادر الخميس الماضى، حين كشفت أن العمل لم يبدأ سوى فى 50 مصنعاً فقط من أصل الألف مصنع التى يستهدفها المشروع. «الوطن» خاضت تجربة استكشاف الموقع قبل الموعد المقرر للإعلان عن افتتاح المشروع، فبسؤال المواطنين عن المنطقة بعد وصولنا إلى شارع التسعين الشهير بالتجمع الخامس، قالوا إنها عقب محمية الغابة المتحجرة بقليل، ليفاجأ محررو الجريدة بعد عبور المحمية بوجود بعض المبانى التى لا تزال تحت الإنشاء، مقسمة إلى عدة «بلوكات» بعضها يستوعب مخازن لشركات ومصانع، وبعضها الآخر مصانع صغيرة ومتوسطة سواء أقمشة وملابس أو أعمال تشكيل للمعادن، أو مصانع «باركيه»، وبعض من المصانع الصغيرة لإنتاج الأسمنت اللازمة لبناء المصانع والعمارات، فضلاً عن مخازن لتخزين «خرسانة البناء»، ومصانع «بلاط» و«رخام» صغيرة، ومصانع نسيج ومطابع، حسب تأكيدات عدد من العمال بالمنطقة. المفاجأة كانت فى افتقار المنطقة لأدنى الاشتراطات والمعايير التى تؤهلها كمنطقة صناعية؛ فهى بأكملها مفتوحة ولا توجد حراسة للمصانع والشركات، اللهم إلا عدد قليل من المخازن والمصانع التى استعانت بـ«خفراء» لحراستها. حين تدخل المنطقة تختفى جميع أشكال الحياة، فلا مواصلات تصل إليها، ولا عمارات أو وحدات سكنية يعيش فيها الأهالى، ليس سوى بعض العمارات السكنية التى لم يتم تسكين إلا عدد قليل منها فى محيط المنطقة الصناعية.[FirstQuote] أثناء قدومك من مدخل المنطقة الصناعية ستجد تراكمات من مخلفات البناء سواء «كسر طوب» أو أتربة أو غيرها من مخلفات البناء، وسط تأكيدات عمال وأفراد حراسة المخازن والمصانع أن العمل يسير على قدم وساق، لكن ليس بالإمكان الانتهاء من الألف مصنع فى فترة زمنية لا تتجاوز أسبوعين. وزارة الإسكان تتولى مد المنطقة بالمرافق والخدمات التى تحتاجها، هكذا يتحدث المسئولون، مشددين على جدية الدولة فى الانتهاء من تجهيز «الألف مصنع» لافتتاحها فى الذكرى الثانية لإطاحة جموع المواطنين الغاضبين بحكم الإخوان، لكن الواقع يشير إلى أن المنطقة تفتقد كافة المقومات التى تحتاجها لتعمل تلك المصانع فى هذه الفترة الوجيزة. امتداد الطريق المقبل من محمية الغابات المتحجرة تجده ممهداً للسير بالسيارات بعد رصفه منذ عدة سنوات، إلا أن الحالة السيئة للمنطقة تجعلك تظن أنك فى «منطقة مهجورة»، فالطرق الجانبية عبارة عن منحنيات تأخذك صعوداً ونزولاً، وقد تلحق الضرر الجسيم بسيارتك أو بالمواد المنقولة لمصنعك إذا كانت قابلة للكسر. يتوجه نظرك لتجمعات المبانى المعدة لبناء المصانع والمخازن عليها؛ كل تجمع به مبنيان أو ثلاثة من أصل نحو عشرة مبان اكتمل بناؤها، لكن بعضها ما زال بـ«الطوب الأحمر»، وأخرى لم يتم بناء شىء فيها سوى «وضع الأساسات»، وثالثة لا تزال فى مرحلة التمهيد لوضع الخرسانة للبناء. وحين تصل لنهاية المنطقة، ستجد أعشاباً متناثرة على قارعة الطريق يليها صحراء جرداء وتلال من التراكمات الرملية والصخور. ما بين المبانى وبعضها البعض، هناك «أكشاك كهرباء» مفتوحة على هذا الطريق أو ذاك، بعضها موصل بكابلات أسفل تراكمات الرمال، والأخرى لا تزال مكشوفة على الطريق، وهو ما يبرره أصحاب مصانع وعمال بأن أغلبية المصانع تفتقد الكهرباء اللازمة لعملها، ما يضطر بعض المستثمرين الصغار والمتوسطين للاتفاق مع الشركة المسئولة عن المنطقة لمد كابلات لهم من «الأكشاك» وقد يبعد بعضها مسافات طويلة تصل إلى كيلومتر أو أكثر، حسبما أكد صاحب مصنع صغير لتشكيل المعادن. هناك مشهد كثير الظهور، وهو غسيل عمال لشركات نقل الأسمنت اللازم للبناء، ما يؤدى إلى انسداد مواسير الصرف الصحى، وانتشار مياه الصرف داخل المصانع والمخازن التى يكون بعضها فى «البدروم» لتصل لارتفاعات تبلغ 1٫7 متر، حسب تأكيدات عمال بالمصانع، وحتى 30 سنتيمتراً فى الأدوار الأرضية، وقال عدد من العمال وحراس المبانى، لـ«الوطن»، إن العمل بالمنطقة الصناعية كان على أشده فى فترة ما قبل 2011، لكنه توقف فجأة، وأضافوا: «قبل ما تبدأ ثورة 25 يناير.. كان الشغل جامد هنا فى الخدمات والناس اللى شغالة.. وبعد كده بدأت العملية تقف واحدة واحدة.. والفترة اللى فاتت عادت العجلة تدور». ويرى العمال أن نحو 30 إلى 40% من المنطقة الصناعية جاهزة للعمل قبل حلول 30 يونيو، مضيفين: «سمعنا من الصحف وبعض وسائل الإعلام أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هييجى يفتتح المشروع. وطبعاً كلنا معاه عشان خاطر مصر. شوف المصانع دى بعد ما تشتغل هتفتح كام بيت». ويتابع العمال والحراس: «المنطقة بها خدمات مثل الكهرباء والصرف الصحى والمياه. بس مستواها وحش أوى»، مضيفين: «الأهم من كده أن مفيش مواصلات بتوصل للمنطقة الصناعية هنا. وده بيمثل لينا تعب كتير أننا نيجى. حتى فيه بعض العمال مبقوش ييجوا عشان بيضطروا يصحوا من الفجر عشان يقدروا ييجوا. وبعض الشركات واجهت ده بأنها بتجيب أوتوبيس يجيبنا للشغل هنا». وأشاروا إلى أن المنطقة تعرضت أكثر من مرة لـ«طفح مياه الصرف» ما غطى عدداً من المخازن والمصانع بالمياه. أحد المصانع التى وقفنا أمامها، صمت حارسها لحظة حينما علم بأننا صحفيون ثم قال إن بناء المصنع انتهى منذ فترة، إلا أن المصنع لم يتم إدخال الكهرباء له، لذا فإنه لم يعمل، ويكلفه مالكه بحراسة الأرض. وأضاف الحارس أن بعض المنشآت بالمنطقة الصناعية تعرضت للتلف والسرقة فى فترة الانفلات الأمنى بعد ثورة 25 يناير، وهو ما أكدته شركة الكهرباء المسئولة عن المنطقة الصناعية. ويقول أحد المستثمرين، فضل عدم ذكر اسمه، إن المنطقة تظهر عليها بشائر الأمل للمستقبل، مشدداً على أنها ستخدم الوطن بشكل فعال بعد الانتهاء منها، متعجباً من عدم الانتهاء منها على الرغم من اهتمام أعلى المستويات السياسية بها. ويتابع أن الإنشاءات بالمنطقة شهدت تزايداً خلال المرحلة الماضية.