ميدالية الأخلاق.. إنسانية «عمر المصري» تلهم العالم

محمد شنح

محمد شنح

كاتب صحفي

مئات المواقف والنماذج المشرفة من رياضيين كانت الأخلاق تاجا على رؤوسهم محليا وعالميا، وقدموا المعنى الإنساني الذي خلقت من أجله الرياضة بمواقف قدرها واحترمها العالم، فالرياضة ليست مجرد منافسة وسباق للحصول على الميداليات والجوائز، بل هي منصة تُظهر فيها القيم الإنسانية والأخلاق النبيلة.

وعلى مر التاريخ، شهدت الساحات الرياضية العديد من المواقف التي تجسد الروح الرياضية الحقيقية، حيث كانت الإنسانية والأخلاق في مقدمة اهتمامات الرياضيين، متفوقة على الرغبة في الفوز، والمواقف عديدة ولا تتسع مؤلفات لذكرها.

وإن كانت القلوب والعقول تسجل مواقف أيقونة الأخلاق الرياضية في مصر والعالم محمد صلاح، وصاحب وسام الشمس المشرقة محمد رشوان، الذي لم ينس له اليابانيون طيلة 40 عاما خلقه الرفيع وموقفه الإنساني مع لاعبها في أولمبياد لوس أنجلوس 1984.

كما سجل المحفل الأولمبي لحظة خالدة أخرى للعداء الكيني أبيل كيروي عندما توقف لمساعدة منافسه الكيني عندما أصيب في مارثون لندن 2012، وقرر أن يرافق زميله حتى وصل إلى خط النهاية، ليُظهر للعالم كيف يمكن للرياضة أن تكون وسيلة للتضامن والإنسانية.

ولن ينسى العالم الموقف النبيل لبطلة السباحة العالمية الهولندية كاترينا يوس في بطولة العالم للسباحة عام 2019، عندما توقفت لمساعدة منافستها الأمريكية، التي كانت تعاني من تقلصات عضلية في الماء، وأنقذت حياتها رغم أجواء المنافسة الشرسة.

وفي أولمبياد ريو 2016، شهد العالم واحدة من أجمل اللحظات الرياضية عندما تعثرت العداءة النيوزيلندية نيكي هامبلين وسقطت، فمدت العداءة الأمريكية آبي داجوستينو يدها لمساعدتها على النهوض، ورغم أن كلاهما تأخرتا في السباق، إلا أن تصرفهما الإنساني حصل على احترام وإعجاب الجميع، وأصبح رمزًا للروح الرياضية الحقيقية.

كلها مواقف إنسانية خالدة، يسجلها مجلد الإنسانية الرياضية، ولكنني أتوقف هنا عند طفل لم يتجاوز عمره وقت هذه المنافسة 8 أعوام، ليظهر لنا جميعا كيف تساعد التربية الإيجابية والتنشئة الأخلاقية في صناعة رياضي صاحب خلق إنساني رفيع، ففي أكتوبر عام 2018.

وخلال فعاليات بطولة منطقة القاهرة للثنائي، التي نظمها الاتحاد المصري للخماسى الحديث بنادي الرحاب، وأثناء سباق الجري فوجئ ناشئ نادي الصيد عمر حسام، صاحب الثمانية أعوام عندما تعرقل دون قصد بأحد منافسيه داخل تراك الجري، وهنا في لحظات لم يفكر إلا في إنقاذ زميله، وترك السباق ليعود ليحمل منافسه بعد سقوطه على الأرض ويساعده في إكمال السباق، بل أنه لم يكتف بذلك، بل أعطى كارت دخول المركز المتقدم لزميلة المصاب، ليضرب مثلا في الأخلاق الرياضية، التي يجب أن يتحلى بها مجتمعنا الرياضي.

موقف عمر وقتها تجاوز أسوار نادي الرحاب وسافر إلى كل مضامير سباقات الخماسي الحديث المحلية والعالمية، فسجله الاتحاد المصري للخماسي الحديث بتكريمه بميدالية الأخلاق الرياضية، ومنحته وزارة الشباب والرياضة وقتها لقب سفير الأخلاق الرياضية، ومنحه الاتحاد الدولي للخماسي الحديث جائزة اللعب النظيف، ليعلم الطفل المصري بعبقريته وأخلاقه العالم، الإنسانية كما يجب أن تكون.