في الحزب الناصري بوسط البلد.. "الزعيم جمال" وحيداً

في الحزب الناصري بوسط البلد.. "الزعيم جمال" وحيداً
سيارات تجرى مسرعة، عشرات المارة يسيرون على جانبى الطريق، بائع صحف وكتب يلتف حوله بضعة مواطنين، فريقٌ منهم يكتفى بمطالعة العناوين المجانية، وآخر يسحب نسخاته المفضلة ويواصل طريقه بعد أن يدفع الثمن، محال ومنافذ تجارية تتنافس فى أعمال البيع والشراء وسط عدد لا يحصى من الفاترينات المتجاورة واللافتات التى تتداخل أسماؤها.. حياة لا تهدأ، وحركة لا تتوقف، كُلٌّ فى فَلَكٍ يَسْبَحُون مع الساعات الأولى من صباح يوم، لا يختلف كثيراً عن باقى أيام المصريين، لكن «الوطن» قررت أن تقضيه بطريقة أخرى فى أرض مختلفة، وواقع مغاير، تتوقف فيه الحياة، وتسكن بداخله الحركة، وتمر عقارب ساعته الزمنية بروتين بالغ، وتدق دقاتها بإيقاع ممل ومنفرد وسط سكون تام يسيطر على «دكاكين الأحزاب» الكاسدة بضاعتها، التى لا بيع فيها ولا شراء، المعزولة وراء أسوار شاهقة، وأبواب مغلقة، واجتماعات سريّة لا يعرف المواطن عنها شيئاً، ولا تترك فى حياته أثراً.
حال مماثل يسيطر على أبرز الأحزاب الممثلة لحقبة تاريخية تلت حقبة «حكومات الوفد» فى الثلاثينات والأربعينات، «تاريخ حاضر بقوة، وحاضر غائب تماماً» بهذه العبارة يمكن وصف المشهد داخل مقر الحزب العربى الناصرى، الموجود بالطابق الثانى من إحدى العمارات القديمة بمنطقة وسط البلد، جمال عبدالناصر حاضر بصوره وعباراته فى كل مكان من الحزب، بداية من ممر المدخل، مروراً بالغرف والمكاتب، وصولاً لقاعة الاجتماعات، وحتى جدران المطبخ والحمام، لكنه وحيد فى حضور يواجهه غياب لجميع الناصريين.
فى غرفة استقبال الضيوف والزائرين، كانت صورة الزعيم الراحل موجودة على مكتب خشبى صغير، فيما كان المقعد المقابل للمكتب خالياً، يعلوه على الحائط قصيدة بعنوان «قتلوك يا جمال».