.. واتسعت دائرة الصراع

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

حذرت مصر، منذ اليوم الأول للحرب على غزة، من اتساع دائرة الصراع فى المنطقة، وكررها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كل لقاءاته واتصالاته مع قادة دول العالم.

وفى أبريل الماضى تناقلت كل وسائل الإعلام العالمية تشديد الرئيس خلال استقباله ويليام بيرنز، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، على ضرورة العمل بجدية نحو التسوية العادلة للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين، وتأكيده على أن استمرار العدوان الإسرائيلى على غزة سيُلحق أبلغ الضرر بالأمن والاستقرار الإقليميين، وسيجر المنطقة إلى سيناريوهات لا يمكن التنبؤ بعواقبها.

الآن، وبعد عشرة شهور كاملة، منذ أطلقت مصر تحذيرها، حدث ما توقعته تماماً، وأصبحت المنطقة على فوهة بركان -بكل ما تجسده العبارة من معانٍ- والعالم كله يترقب اندلاع حرب شاملة، لا تُبقى ولا تذر، وفى الوقت نفسه يعجز (العالم) عن وضع حد لجنون سفاح يُدعى «نتنياهو»، يرهن حياة الملايين لقاء أشهر عديدة يقضيها فى منصبه رئيساً لحكومة الكيان الصهيونى، وبعدها يلقى مصيره التعس جزاء ما اقترفت يداه الملطخة حتى اللحظة بدماء عشرات الآلاف من الضحايا.

وإن جاز لنا إنصاف هذا السفاح الصهيونى، فهو لا يتحمل وحده مسئولية ما يحدث، فلولا الدعم الأمريكى اللا محدود -سياسياً ومالياً ولوجيستياً- لما استطاع الاستمرار فى غيه، متحدياً العالم كله بدوله ومؤسساته الأممية، ومحاكمه الجنائية التى تلاحقه كمجرم حرب.

ولم يكتف هذا السفاح بحدود المواجهة داخل غزة، وتعمَّد نقلها إلى الدول المحيطة، من لبنان إلى اليمن، وإلى سوريا وإيران، وما زال يستهدف جر دول أخرى لتضييق الفرصة (الضيقة فى الأصل) لإنهاء الصراع، وقطع الطريق على أى محاولة للوصول إلى حل لا يروى عطشه للدماء.

هذا الـ«نتنياهو» يحسب خطواته جيداً، ولم يغامر بتحديه لإيران، باغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى قلب العاصمة طهران، وقبلها بيوم واحد باستنفار حزب الله باغتيال القيادى العسكرى البارز فؤاد شكر، وقبل أن تصدر التصريحات التى تتوعد بالانتقام، قررت «واشنطن» تحريك «أصول عسكرية» إلى الشرق الأوسط قبل الرد المتوقع، وبالفعل تحركت حاملات الطائرات.

وأمر وزير الدفاع الأمريكى «لويد أوستن» كذلك بنشر طرادات ومدمرات إضافية، قادرة على الدفاع الصاروخى لكل من القيادة الأمريكية الأوروبية والقيادة المركزية الأمريكية، بالإضافة إلى نشر وحدات دفاع صاروخى برية إضافية فى المنطقة، وأخيراً، قرر «أوستن» إرسال سرب مقاتلات إضافية إلى الشرق الأوسط، لتعزيز قدرات الدفاع الجوى الأمريكية فى التصدى للصواريخ الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل، حال حدوث ذلك، كما تشير كل التوقعات «الاستخبارية»، بعد دفع إيران إلى الزاوية الضيقة، التى لا تتيح لها إلا المفاضلة بين الخيارات السيئة فقط، للرد على اغتيال «هنية».

ووفقاً لما نقلته صحيفة «وول ستريت» الأمريكية عن دبلوماسى إيرانى (لم تذكر اسمه) أشار إلى أن محاولات دول مختلفة لإقناع طهران بعدم التصعيد أصبحت بلا جدوى، بعد أن تجاوز «نتنياهو» كل الخطوط الحمراء، وأكد الدبلوماسى الإيرانى أن الرد سيكون سريعاً وقوياً.

ويبقى السؤال: أين مصر من كل هذا الجنون؟ والإجابة قالها الرئيس السيسى فى أكتوبر الماضى، خلال تفقده إجراءات تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة: «مصر تتعامل مع كل الأزمات بعقل وصبر لتحقيق ما أمكن، دون تجاوز فى استخدام القوة، ومن سمات الجيش المصرى أنه قوة رشيدة وحكيمة تبنى وتحمى ولا تعتدى».