اقتراحان حول التعليم
رسائل كثيرة تلقيتها على «فيس بوك»، من المهندس مصطفى عمر زايد يصرخ فيها بسبب ما آل إليه حال التعليم، ويتساءل عن الثمن الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والنفسى الباهظ الذى تدفعه بلادنا جراء عدم انتظام طلاب المرحلة الثانوية فى الذهاب إلى المدارس.
ثم أطلق ذهنه ليجتهد فى حزمة من عدة نقاط، يرى فيها حلاً لمشكلة الدروس الخصوصية، أو هى اقتراح قابل للنظر والتأمل بغية التطوير. ويدفعنى تحمسه، وإحساسه بالمسئولية حيال بلدنا، إلى أن أستعرض اقتراحه، لاسيما أن الرجل مشغول بالمجال الذى لا تقدم ولا نهضة، بل لا حل لمشكلتنا الراهنة، والخروج من أزمتنا الشديدة، إلا بالاهتمام به وهو التعليم.
يطرح «زايد» اقتراحات مفيدة من قبيل أن تنظم المدرسة اليوم الدراسى على فترتين أو حتى ثلاث، للتغلب على كثافة الفصول حسب أعداد الطلاب فى كل مدرسة، ويُقسم الطلاب إلى مجموعات كل منها لا يتعدى عددها 25 فرداً. وتكون لكل مادة حصتان أسبوعياً، مدة كل حصة ساعة. ويُخصص يوم للمكتبة والمعامل والأنشطة الرياضية. ويتطلب هذا فتح أبواب المدارس الثانوية من السابعة صباحاً حتى السابعة مساء، وكل فترة دراسية يخصص فيها ساعة تقسم للطابور والراحة.
بذا يتوفر للطالب وقت كافٍ للمذاكرة، بدلاً من اللهاث وراء «السناتر»، التى يجب أن يتم منعها، بل وتجريمها، فور تطبيق هذا النظام الجديد، الذى سيوفر، فى الوقت نفسه، مليارات تنفقها الأسر على الدروس الخصوصية، وتقتطعها من قوتها.
ويقترح «زايد» أن يدفع كل طالب مائة جنيه شهرياً للمادة الواحدة، ويقول إن هذا يمثل ربع ما يُدفع للدروس الخصوصية، خارج المدرسة، على أن يحصل المدرسون على 80% من هذه الأموال، ويُوزع الباقى على الإداريين والعمال وأعمال الصيانة. ويتم تطوير الكتاب المدرسى بما يعمق محتواه، ويعرض مادته بطريقة جذابة فى الوقت نفسه.
الاقتراح الثانى يقدمه الأديب ومدرس الرياضيات القدير مصطفى سليمان، ويتحدث فيه عن ظاهرة الهروب، أو التسرب من التعليم، والالتحاق بمهن أو حرف أو أعمال، ويقول إن هناك من يرى أن الحل فى مواجهة هذه الظاهرة هو تمرير نجاح التلاميذ والطلاب بأى شكل، دون أى استحقاق أو جدارة، باسم تقليل أو منع هروبهم من التعليم، أو الشفقة عليهم، أو مراعاة ما يدفعه أهلوهم، ما أدى إلى تدمير التعليم، والحط من شأن المعلم، لاسيما أن مثل هذا الوضع زاد الطلاب بجاحة، وبات بعضهم يتصرف وكأن نجاحه، دون إجابة أو إجادة، هو حق له.
ويقول سليمان إن التعليم ينقسم إلى فنى بكل أنواعه وعام، ولا تزال هناك نظرة دونية فى المجتمع للتعليم الفنى، مع قليل من الاهتمام مثل أن يكون للطالب ربح من عمله، أو عمل فور تخرجه. وهنا يشير إلى استثناءات لبعض المدارس مثل مدرسة غبور أو توشيبا، ومدارس التمريض، ويتساءل: لماذا لا يُفتح هذا الباب على مصراعيه، ليجد طالب الثانوى الزراعى مساحة أرض للزراعة، وطالب الثانوى الصناعى مصنعاً يعمل به، مع أحقيته إذا رغب فى مواصلة تعليمه؟
أقول فى النهاية إن المصريين لا يكفون عن تقديم اقتراحات بخصوص التعليم وغيره، حتى إنهم ملأوا بنكاً للأفكار فى مجلس الوزراء أنشئ بعد ثورة يناير ثم توقف. بعض هذه الأفكار غير قابل للتطبيق، وبعضه يمكن الاستفادة منه، وبعضه ينطوى على حلول حقيقية، لكن كل هذه الاقتراحات تدل على أن الناس يبحثون عن حل لمشكلاتهم، وأنهم مشغولون دوماً بالقضايا العامة، والمصالح العامة، وهذا أمر طيب على أى حال.