أحمد شعراني يكتب: يا أستاذ محمد صبحي.. الأرض كروية

أحمد شعراني يكتب: يا أستاذ محمد صبحي.. الأرض كروية
لا أعلم ماذا يسمي علماء النفس الأزمة التي يقع فيها الإنسان في عمر متقدم، وهو لا يزال حبيس أفكار ومبادئ ومصطلحات وتقاليد لا تصلح للزمن الذي يعيش فيه، على عكس شخصيات أخرى، عابرة للزمن، وأتحدث هنا تحديدًا عن الإنسان المُبدع أو الممثل على وجه الخصوص.
لماذا يأتي زمان على نجوم كبار، كانت تهتز لهم المسارح وشاشات العرض، وكانوا بالمعنى الشعبي والدارج، «يضحكوا الكراسي الفاضية»، لكن اليوم على العكس تمامًا، من المؤكد أن ما كان يُضحك أبناء الستينيات والخمسينيات لن يُضحك مواليد اليوم، ورأينا ذلك كثيرًا.
وأظن من بين هؤلاء الذين انتهى عصرهم، الفنان القدير وملك المسرح محمد صبحي، الذي كان ولا يزال واحدًا من ملوك التريند، قبل أن نعرف ما هو التريند؟، النجم الكبير محمد صبحي غير المتصالح تمامًا مع مقولة أن لكل وقت أذان، وهذه حكمة الحياة، وسنتها، فاليوم، ومنذ سنوات، النجم الكبير أصبح مجرد «كوميك» لرواد مواقع التواصل الاجتماعي.
محمد صبحي الديكتاتور، وأنا لست مُطلق هذا اللقب، إنما هو من قال في حق نفسه هذا الوصف، يحرص بين الحين والآخر على فتح معارك وأزمات في أكثر من جبهة، دون معرفة السر وراء ذلك، ويستغل دائمًا قيمته في ذاكرتنا في ما تستطيع أن تُطلق عليه «التنظير على الفاضي والمليان».
ولعل آخر تِلك الأزمات التي قرر أن يخترعها، تدوينة نشرها عبر صفحته على «فيسبوك» التي يسميها «الصفحة الرسمية للفنان محمد صبحي»، يهاجم فيها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية ويصفها بأنها اغتالت مسرحيته الأخيرة والتي عرضتها خلال الساعات الماضية عبر قناة «cbc»، وهي مسرحية «عيلة اتعملها بلوك».
وادعى أن المتحدة أخلت ببنود العقد بينهما، لأنها حذفت بعض المشاهد من المسرحية، إضافة إلى أنها عرضت المسرحية في توقيت غير مناسب، ولذلك قرر أن يلجأ للقانون.
الغريب في ما كتبه صبحي، اللجوء لمواقع التواصل الاجتماعي، رغم علمي الشديد بأن هناك علاقة وطيدة تجمعه بقيادات الشركة المتحدة، فلماذا لم يهاتفهم؟، ثم ولنفترض أن قناة cbc قررت حذف بعض المشاهد من المسرحية التي عرضتها، فهذا حقها كقناة عارضة، وهذا ما يحدث في أي قناة في العالم، ودائمًا من حق القناة إعادة مونتاج المحتوى الذي سيعرض عندها.
رغم ذلك أكدت الشركة المُتحدة في بيانها ردًا على «صبحي» أنها لم تحذف أي شيء من المسرحية، لكن السؤال للنجم محمد صبحي، هل إذا كانت القناة تابعة لكيان عربي أو دولي، هل كنت ستتعامل معها عبر الفيسبوك؟.
هناك معلومة ربما يغفلها نجمنا الكبير، وهي حق القنوات في تحديد موعد عرض العمل الفني، كلنا كعاملين في الميديا وأظن كثير من الجمهور يعلم ما يسمى بخريطة القناة، أو الخريطة البرامجية للقنوات، تِلك الخريطة التي يتم العمل عليها وطرحها ويُمنع منعًا باتًا العبث بها، وتعرض كل محتوى في الوقت التي تراه هي مناسبًا للعرض.
يا أستاذ محمد صبحي، بيان المُتحدة المنضبط التي نشرته ردًا على تصريحاتك الفيسبوكية الغريبة، قالت فيه إنها احترمت التعاقد على ثلاث مسرحيات الذي تم في وقت سابق بكثير، وعرض لك بالفعل مسرحية «نجوم الظهر»، ورغم عدم تحقيقها أي عائد جماهيري أو إعلاني، لم تفسخ عقدها وعرضت ثاني مسرحية ومستمرة في وعدها تقديرًا لك ولتاريخك.
«المتحدة» التزمت الصمت ولم تنقل الأمر للرأي العام، حينما أخليت أنت يا صبحي بالاتفاق، وذلك حينما اتفقت معك المتحدة بالتزام ضوابطها الأخلاقية، وأدخلت على المسرحية إيحاءات وألفاظا لا تقبلها الأسرة المصرية والأكواد الإعلامية، وأيضًا لم تلجأ الشركة للقانون حينما سربت عددا من مقاطع المسرحية عبر صفحتك، رغم أن هذا يخل بالعقد المُبرم بينكما.
يا أستاذ صبحي علمت أنك تستعين في السنوات الأخيرة بشباب صغير في محاولة منك لمواكبة كوميديا العصر، لكن تِلك المحاولات لم تعد لنا «ونيس» ولن تضحكنا في أي عمل مسرحي مثلما كنت تفعل، ويا أستاذي أريد أن أخبرك شيئًا، وردًا على تصريح تليفزيوني لك منذ أيام، الأرض كروية وليست مسطحة، وطبيعة الحياة الدوران، نحن اليوم لا نعيش زمن صبحي، فلكل وقت أذان.