التضامن.. امرأة

هدى رشوان

هدى رشوان

كاتب صحفي

خلال سنوات عملي، كان لي الحظ في لقاء العديد من النماذج النسائية المُلهمة في مصر وحول العالم، كل واحدة منهم قصة تروى، وحكاية يجب أن تسطر في التاريخ، ولأن الشخص يتأثر بالناجحين الذين خرجوا من نفس بيئته، لفت نظري سيدة هادئة، جادة، بشوشة دائما عند لقاء الناس، تُخفي بين ضلوعها قلبا من ذهب، هي الدكتورة مايا مرسي التي تولت منصب وزيرة التضامن الاجتماعي.

عند ذكر اسمها يتبادر إلى الذهن السيدة التي حفرت في الصخر حتى تصل إلى القمة، مايا القادمة من العمل بين جنبات الأمم المتحدة بعد أن عملت رئيساً إقليمياً لقسم النوع الاجتماعي بالمكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، التي تتمتع بخلفية تعليمية متميزة في علوم الاجتماع، وعملت في مجال العمل الاجتماعي لسنوات عديدة قبل دخولها الحياة السياسية، تولت مناصب مختلفة في العديد من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدولية، مما أثرى تجربتها في التعامل مع قضايا الفقر والتمييز والحقوق الاجتماعية.

مايا التي استطاعت مُلاحقة آلاف القضايا التي يتابعها المجلس القومي للمرأة، تراها تحتفي بعودة النساء للقضاء، ويتولى المجلس الذي كانت تترأسه شكاوى الأرامل والمطلقات، وتتابع جهود الدولة لتغليظ عقوبة الختان، وتقف في وجه المجلس الحسبي وتتطالب بقانون الوصايا، وتتعرض للعنف حينما تقتحم مكتبها بهمجية بعض الحموات الرافضات لحقوق المطلقات سعياً خلف مسكن الزوجية، خلطة إنسانية مهنية سرها الرهان على أن نظام 30 يونيو، قائداً وحكومة، لن يخذل عظيمات مصر.

وخلال 8 سنوات عملها بالمجلس القومي للمرأة استطاعت مايا أن تخلق حالة إنسانية خاصة جدا، تنشر طاقتها الإيجابية رغم صعوبة الظروف الصعبة التي مرت عليها، إلا أنها كانت مثل أعلى وقدوة من طراز فريد من نوعه، تربطها علاقات إنسانية بجميع الموظفات والموظفين من أصغر موظف إلى أكبر قيادة بالمجلس، تٌشاركهم أفراحهم وأحزانهم، ولم تكن تتردد لحظة في تقديم المساعدة لأى موظف يتعرض لمشكلة، وكانت لها بصمة شخصية في حياة جميع من عمل تحت قيادتها علاوة على دعمها الكبير لتمكين الشباب.

بمهمة تحدٍ جديدة، تتولى مايا مرسي حقيبة وزارة التضامن الاجتماعي، التزام قوي ببناء مستقبل أفضل لكافة شرائح المجتمع، مما يمثل نقلة نوعية في تطوير السياسات الاجتماعية وتحقيق التنمية المستدامة، فرصة لإحداث تغيير إيجابي حقيقي يؤثر على حياة الملايين في مصر تتمثل في توفير الحماية الاجتماعية الكافية للفئات الضعيفة، وتحسين شبكات الرعاية الاجتماعية، وتعزيز فرص العمل للشباب، وتقديم دعم مستدام للأسر المحتاجة من خلال تحويل السياسات الاجتماعية إلى واقع عملي يساهم في تعزيز العدالة والمساواة في المجتمع المصري.

باختيار مايا مرسي لتولي وزارة التضامن الاجتماعي، تشهد مصر على التزام قوي لتحقيق زيادة ملموسة في معايير المعيشة والحياة الكريمة لجميع المواطنين، من خلال تنفيذ برامج ومشاريع تنموية موجهة.

العديد من الملفات المفتوحة والجاري العمل عليها تركتها نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي لخليفتها على كرسي الوزارة مايا مرسي، حيث يُنظر إليها باعتبارها جزءًا أساسيًا من الجهود الحكومية للتصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، ومع ذلك، فإن الطريق مليء بالتحديات التي تتطلب التفاني والابتكار لتحقيق الأهداف المسطرة.