ذكية.. لماحة.. مقاتلة عنيدة.. ثائرة.. دؤوبة.. ولنبدأ تفصيلاً، تستطيع الدكتورة «مايا مرسى»، وزيرة التضامن الجديدة، أن تحيد «بعض» خصومها أو المختلفين معها وتضمهم لصالح القضية «التى تؤمن بها» بكل ذكاء، وكذلك أن تسخر كل اتصالاتها الدولية والمحلية لخدمة «المرأة المصرية» التى تنحاز لها انحيازاً إيجابياً.
كنت طرفاً فى بعض معاركها -بقلمى- قبل أن أعرفها عن قرب، ربطنا الهم المشترك والرؤى والأفكار المتشابهة.. فأنا أرتبط بالفطرة بمنصب «المجلس القومى للمرأة» بكل ما تعنيه حروف هذا المجلس وقيادته وحركته ومشروعاته.. وحين التقيت بها، (عقب خلاف فى الرأى)، وجدت نفسى أمام «نموذج استثنائى»: إذا تحدثت مايا أسرتك بمنطقها.. أفكارها منظمة.. الرسالة التى تريد توصيلها واضحة.. هدفها من الحوار محدد: المنطق والرسالة والهدف هى سر جاذبيتها.. علاوة على (كاريزما خاصة) تسمى الحضور واليقظة والإلمام بالشأن العام والخبرة.
«المتمردة»: كنت أفاجأ دائماً بخروج دكتورة «مايا» عن النص، وكأنما اختارت أن تكتب نصها بقلمها، وأن تحدد عباراته حرفاً حرفاً: إذا ما تعرضت «أنثى» للعنف الجسدى أو المعنوى أعلنت غضبها على السوشيال ميديا وانفجرت بعريضة دفاع مكتوبة بحرفية شديدة وموضوعية «قانونية» وهى تعدد خطورة الابتزاز الإلكترونى، الختان، الضرب، تحميل المرأة فاتورة الطلاق، جرائم الكراهية والتمييز ضد المرأة.. إلخ ما تتعرض له «المصرية» من قاعدة الجهل والخرافة والاستبداد بالإناث.
وأشهد أننى كلما أسرعت لأخبرها بواقعة تعدٍ على أنثى وجدتها سباقة بخطوات، أبلغت النيابة العامة وأصدرت بياناً، وكتبت بمفرداتها الخاصة على الفيس بوك لا تدين الواقعة فحسب بل تشتبك مع أطرافها «مين ما كان».. ويفترض أن أكون الأسرع بحكم مهنتى كصحفية لكنها «مهمومة» إلى درجة اليقظة حتى فى منامها!
«الجدعة»: وقعت فى غرام «مايا مرسى» الإنسانة الجدعة التى تتألم لكل حرف وجع أو آهة تصدر عن امرأة على أرض مصر، أسرنى هذا التعاطف الذى يتجاوز حدود «المسئولية» بقلب يشعر بالألم أو الإهانة أو التلطيم على أبواب المحاكم.. لكن المسئولة كانت حاضرة دائماً بكل ما تملك من وسائل دفاع ورفع للقهر عن المرأة بعقل المسئولة وقلب الأخت: إنها «شقيقة المصريات».
«الأسود يليق بك»: كثيراً ما كنت أتساءل: كيف لهذه السيدة الرقيقة راقية الملامح والسلوك، القادمة من العمل بين جنبات الأمم المتحدة بعد أن عملت رئيساً إقليمياً لقسم النوع الاجتماعى بالمكتب الإقليمى لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى، كيف لها أن تتصدى لكل هذا العنف؟!
كيف تستطيع ملاحقة آلاف القضايا التى يتابعها المجلس، وتحتفى بعودة النساء للقضاء، ويتولى المجلس الذى كانت تترأسه شكاوى المغتصبات، وتتابع جهود الدولة لتغليظ عقوبة الختان (حتى تم القضاء عليه).. وهى التى تواجه أبشع أنواع العنف حين تقتحم مكتبها بهمجية بعض الحموات الرافضات لحقوق المطلقات «سعياً خلف مسكن الزوجية»؟!
كنت أعلم أنها «حزينة» لفقد ابنها الشاب، لكن اختيارها الدائم للون الأسود منحها هيبة «سفيرة النساء» كما أحب أن ألقبها، وقد نجحت على مختلف الأصعدة فى تحقيق مهمة السفيرة المشرفة لمصر وسيداتها.
«محامية النساء»: بعض النساء إذا تحدثن ربحن القضية.. والبعض الآخر يخسروك قضيتك من أول حرف، قد سعت «مرسى» لعرض قضيتها بكل السبل «حتى الدراما».. ودائماً ما كنت أتابعها تقدم «قيادة جديدة» للمجتمع من النساء وتدعمها حتى بقلمها.. إنها تعلم جيداً أن تمكين المرأة فى مراكز القيادة وصنع القرار من أهم أولويات المرحلة.
الدكتورة «مايا مرسى» كانت محظوظة أيضاً بأن تعمل فى ظل قيادة الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، «نصير المرأة»، لحماسه الشديد لتغيير وضعية المرأة التى كانت متدنية وإصدار القوانين اللازمة لرفع القهر عن النساء بل ومخاطبة المجتمع بشخصه الكريم فى قضايا مهمة مثل الضرب والطلاق الشفهى.
إنها «ابنة شرعية» لثورة 30 يونيو تجسد ملامح الانتماء والوطنية والرغبة فى الإصلاح والتغيير.. لقد نجحت بجدارة فى إدارة كل الملفات الشائكة التى تسلمتها وآن الأوان أن تحمل ملفات أكثر إرهاقاً وأهمية فـ«هذا قدرها».. أعترف بأنى منحازة وهو «انحياز مشروع» طالما كان فى محله: مبروك يا معالى الوزيرة.