"الوطن" فى موقع "حادث بني سويف".. زجاجة مياه وبطانية ودرع شرطة

كتب: محمد على زيدان

"الوطن" فى موقع "حادث بني سويف".. زجاجة مياه وبطانية ودرع شرطة

"الوطن" فى موقع "حادث بني سويف".. زجاجة مياه وبطانية ودرع شرطة

على الطريق الواصل بين مركزى الفشن وببا، التابعين لمحافظة بنى سويف، يتجاوز البعض بالمرور عكس حركة السير، بينما تنتشر، كتل صلبة من مخلفات البناء، ملقاة على حافة الطريق، ورصيف خرسانى يفصل بين الاتجاهين، تقع سيارتان مهشمتان بالكامل، لم يتبقَ منهما سوى أجزاء من الحديد، بعد أن تساوى كل منهما بسطح الأرض. فى مساء ليلة أمس الأول، وعلى بُعد أكثر من 20 كيلومتراً من مدينة بنى سويف، وقع حادث راح ضحيته 17 قتيلاً و4 جرحى، بينهم جنود شرطة، بعد اصطدام سيارة نقل بسيارة شرطة محمّلة بعدد من جنود الأمن المركزى أثناء مرورها فى الطريق. سيارة نقل بيضاء، الجزء الأمامى منها دمر تماماً، آثار الدماء المختلطة بزجاج السيارة الأمامى بعدما تحول إلى فتات صغيرة، لم يتبق من السيارة سوى زجاجة ماء فارغة، وبطانية صغيرة يضعها السائق فى كابينة سيارته أثناء السفر، واسم مكتوب باللون الأحمر ربما يشير إلى مالك السيارة، بينما سيارة الشرطة التى كانت تحمل الجنود، ملقاة خارجها إحدى الدروع الواقية التى يحملها أفراد الشرطة، فيما تنتشر آثار دماء على الجزء الخلفى من السيارة، الذى يحمل الجنود بداخله، بعدما تهشّمت بهم السيارة، وأدى إلى وفاة معظمهم، ولم يتبقَ منهم سوى 3 جنود نقلوا إلى القاهرة فى حالة خطيرة. عدد كبير من المارة يقطعون الطريق فى ساعة مبكرة من الصباح، يمرون على موقع الحادث، دون أن يعلموا شيئاً عن تفاصيله، يتساءلون أثناء مرورهم، وعلى وجوههم آثار التعجُّب من هول المشهد الذى يرونه بأعينهم، بينما وقف أحدهم، يُدعى محمود فؤاد، تاجر، كان يستقل «موتوسيكل»، قائلاً: «الحادثة دى حصلت بالليل على الساعة 9 كده، وكل اللى فيها مات تقريباً». يقول «محمود» الرجل الخمسينى، إنه أثناء عودة سيارة شرطة من كفر درويش التابع لمركز الفشن، اصطدمت، بسيارة نقل كان يستقلها بعض المواطنين من كفر جمعة التابع لمركز ببا. وأضاف: «الأهالى إمبارح اتجمعوا هنا بعد الحادث، وكانوا بيخرجوا فى الجثث واتنقلوا إلى المستشفى». وتابع: «تتكرر الحوادث على الطريق بسبب عدم الإضاءة الكافية عليه أثناء السير ليلاً، مع مرور بعض السيارات عكس الطريق». داخل مستشفى بنى سويف العام، يرقد محمد أحمد عبدالله، الذى يبلغ من العمر 22 سنة، الشخص الوحيد الذى نجا من بين 4 كانوا داخل سيارة النقل التى اصطدمت بسيارة الشرطة، قدم «محمد» اليسرى داخل جبيرة من الجبس مع ذراعه اليمنى، بينما آثار من الدماء تملأ كل أرجاء وجهه وداخل أذنيه. يقول «محمد» فى صوت خافت، إنه يعمل مساعداً لسائق على سيارة نقل، تنقل «الرمال والحصى» من الجبل، وأثناء طريقهم إلى الجبل، من أجل شحن شحنة جديدة من الرمال، فوجئوا بوجود سيارة للشرطة، كانت تحاول المرور من سيارة أخرى على طول الطريق، لكن كانت السرعة عالية، مما أدى إلى اصطدام السيارتين، ما لم يتذكر بعده «محمد» أى شىء سوى وجوده داخل المستشفى، قائلاً: «كنا طالعين الجبل نجيب نقلة، اللورى بتاع الشرطة خبط فى الرصيف، ماحاولش يلم نفسه، فضرب فى الرصيف». يتحدث «محمد» عن زملائه الذين ماتوا، والذين لم يرهم منذ آخر لحظة فارقوا فيها بعضهم البعض، إنه لم يشعر بنفسه سوى بعد وجوده داخل المستشفى بمركز «ببا» أثناء إسعاف ذراعه، بعدها نُقل إلى مستشفى «بنى سويف» العام.