الخطوة الأولى لاكتساب الرضا الشعبى

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

المؤكد أن أى حكومة فى أى دولة تسعى لاكتساب الرضاء الشعبى عن أدائها وسياساتها، والفرصة قائمة أمام الحكومة الجديدة (المرتقبة) لتحقيق هذا الهدف، وما عليها إلا أن تتجاوب بطريقة أكثر ديناميكية مع آلية الحوار الوطنى، وأن تقوم بتنفيذ ما يخصها من مخرجات المرحلة الأولى للحوار، سواء عبر القرارات التنفيذية، أو التنسيق مع البرلمان لسن ما يلزم من قوانين جديدة أو تعديل القوانين الحالية، ولعل من أبرزها قانون الإجراءات الجنائية، لإنهاء الجدل حول مشكلة الحبس الاحتياطى، وقانون المجالس الشعبية المحلية، لاستكمال الشكل المؤسسى للدولة، وقانون انتخابات مجلسى النواب والشيوخ، حسبما تم الاتفاق عليه فى جلسات الحوار الوطنى.

هى إذن خطوة أولى وضرورية على طريق شاق وطويل لاكتساب الرضا الشعبى، خاصة أن المخرجات خرجت بالتوافق بين ممثلى الشعب المصرى داخل الحوار، سواء كانوا من الحزبيين أو السياسيين، أو النقابيين، وحتى الشباب والمرأة.

وجدية الحكومة المرتقبة فى التعامل مع هذه المخرجات، من شأنها تقديم رسالة قيِّمة بأهمية المشاركة الواسعة (السياسية والمجتمعية) باعتبارها المسلك الحضارى لحل مختلف القضايا الوطنية.

ومنذ دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى للحوار الوطنى، طرح البعض السؤال المحورى: مَن سيضمن جدية الحوار؟ وكانت إجابتى المباشرة: إنه الرئيس نفسه.

دعوة الرئيس السيسى لإجراء الحوار الوطنى أكدت أننا أسلوب غير مسبوق لإدارة الحكم فى البلاد، وقد استدعى الرئيس الشعب -لأول مرة- ليضع بنفسه جدول أعمال للدولة، وسيتم دعمه بإرادة سياسية من رأس النظام.

وللتذكرة فقط، اندلعت أحداث 25 يناير، وبعدها ثورة 30 يونيو، وكلا الحدثين أسقطا سُلطتين، ولم يقدما برنامجاً للحكم، واكتفى من شاركوا فى هذه أو تلك فقط بالهدف الوحيد (إسقاط السلطة)، وجاء الرئيس السيسى ليدعو لحوار وطنى ليقوم بتلك المهمة.

الدعوة للحوار الوطنى لم تكن من قبيل الترف السياسى، لكنها حملت الجدية اللازمة والملزمة لكل الأطراف، وزاد من جديتها إعلان الرئيس اهتمامه بمُخرجات وتوصيات المرحلة الأولى، التى بلغت 129 توصية، بواقع 30 فى المجال السياسى، و38 فى المجال الاقتصادى، و61 فى المجال المجتمعى، وكلها صدرت بالتوافق، وتنوعت ما بين مُقترحات تشريعية وإجراءات تنفيذية، وبعد رفعها إلى رئيس الجمهورية، أكد تطبيق ما يُمكن منها فى إطار صلاحياته القانونية والدستورية، وإحالة ما يلزم إلى الجهات المعنية بالدولة، ومن بينها الحكومة، وإلى مجلس النواب لدراستها، وبحث آلياتها التنفيذية والتشريعية.

وعلى الحكومة الجديدة أن تدرك أن الحوار (أى حوار) ليس مجرد «مكلمة» أو «فض مجالس»، لكنه فكرة عظيمة تناولتها عدة علوم إنسانية، مثل علم الاجتماع السياسى والفلسفة والمنطق وحتى علم الإدارة العامة، وكلها أجمعت، بصياغات مختلفة، على أن الحوار الصحيح الجيد هو فن مناقشة وتبادل الأفكار والآراء مع الآخر مباشرة بعقلانية واحترام لتوضيح ما هو قائم أو لحل المشكلات باستخدام أسس وقواعد الإقناع المنطقى بهذه الأفكار والآراء.

وحسناً ما فعله مجلس أمناء الحوار الوطنى من قبل بتشكيل لجنة لتنسيق تنفيذ مخرجات المرحلة الأولى بالتعاون مع الحكومة، وهو ما يؤكد جدية التعامل مع مخرجات الحوار، ويضمن متابعة تنفيذها، وكذلك قرار مجلس أمناء الحوار بمعاودة طرح تساؤلاته، والتنسيق مع الحكومة الجديدة فيما تم تنفيذه من توصيات، وما سيتم تنفيذه أيضاً.

الحكومة المنتهية ولايتها التزمت بجدول زمنى لتنفيذ توصيات المرحلة الأولى من الحوار الوطنى، وهذا الجدول أراه ملزماً للحكومة الجديدة، خاصة مع تكليف الدكتور مصطفى مدبولى بتشكيلها، وهو ما يعنى أنها لن تبدأ من الصفر، وإنا لمنتظرون.