النائب طارق رضوان يكتب: إرث ثورة 30 يونيو
![النائب طارق رضوان](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/5275891521635704758.jpg)
النائب طارق رضوان
تحتل ثورة 30 يونيو مكانة مهمة فى تاريخ مصر الحديث. شكّلت هذه الثورة لحظة محورية فى المشهد السياسى فى البلاد، وكانت لها آثار بعيدة المدى لا تزال تشكل الديناميكيات الاجتماعية والسياسية فى مصر حتى يومنا هذا.
سلطت الأحداث التى أحاطت بثورة 30 يونيو الضوء على مظالم الشعب المصرى العميقة تجاه النظام الحاكم ومطالبته بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية. ونحن نحتفل بالذكرى الـ11 للثورة، فسيظل يوم 30 من يونيو 2013 على رأس الأيام الخالدة لمصر، حين انتفض شعب مصر العظيم ثائراً على من حاولوا اختطاف وطنه، رافضاً للظلم والطائفية والاستبداد، ومعلناً بصوتٍ هادر، ملأ أرجاء الدنيا أن هويةَ الوطن مصريةٌ أصيلة.. لا تقبل الاختطافَ أو التبديل.
أعلن الشعب المصرى يومها أن مصرَ للمصريين، مستقلة فى قرارها، ولا تتبع إلا إرادة شعبها، ومصالحه العليا، وكان الثلاثون من يونيو عنواناً لإعادة تأكيد وحدة الوطن، تحت هويته المصرية، الجامعة التى لا تُفرّق، والشاملة للشعب كله دون تمييز أو انقسام.
أؤكد ما قاله الرئيس السيسى من قبل، حينما تحدّث عن وعى هذا الشعب، الذى أسهم فى نجاح ثورة 30 يونيو، وكذلك مخزونه الحضارى العريق فى دعم جهود الدولة للمُضى قدماً نحو المسار الذى اخترناه معاً من خلال تنفيذ رؤية استراتيجية شاملة لبناء وطن قوى متقدّم وحديث، فى جميع المجالات، وذلك فى إطار برنامج وطنى للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى العميق والشامل وتعزيز قيم العلم الحديث ومناهجه فى جميع أوجه حياتنا، وذلك كخطوة على الدرب لتغيير واقع الحياة فى مصر، لما نرضاه ونفخر به ليكون حاضر ومستقبل مصر بعظمة ومجد ماضيها، وليجد كل مواطن فى هذا البلد متسعاً كريماً له ولأبنائه اليوم.
يمكن إرجاع السياق التاريخى الذى أدى إلى ثورة 30 يونيو إلى أحداث 2011، الذى شهد انتفاضات جماعية فى جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما فى ذلك مصر. كان الربيع العربى موجة من الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التى اجتاحت المنطقة، ودعت إلى إنهاء الحكم الاستبدادى والمطالبة بإصلاحات سياسية.
فازت جماعة الإخوان الإرهابية، وهى فصيل فاشى يتستّر تحت ستار الدين بالانتخابات الرئاسية عام 2012 فى مصر، وأصبح محمد مرسى الرئيس. وفى خلال هذه الفترة الوجيزة، سيطر الاستبداد، وسوء الإدارة الاقتصادية، ومحاولات توطيد السلطة فى أيدى جماعة الإخوان. وبلغ الاستياء المتزايد من حكم «مرسى» ذروته فى احتجاجات حاشدة فى 30 يونيو 2013، للمطالبة بالإطاحة به.
إن المشاهد التى شهدتها ثورة 30 يونيو كانت شهادة على قوة الشعب وإصراره على إحداث التغيير. وخرج ملايين المصريين بمختلف طوائفهم وانتمائهم دون تمييز إلى الشوارع للمطالبة باستقالة مرسى، ولوّحوا بالأعلام وردّدوا شعارات مناهضة لجماعة الإخوان. وكانت الاحتجاجات سلمية لكنها قوية، مما يعكس وحدة وتصميم الشعب المصرى فى سعيه من أجل مستقبل أفضل. تأسّست أيضاً حركة تمرد، على يد مجموعة من النشطاء الشباب الذين هدفوا إلى حشد الرأى العام ضد جماعة الإخوان والدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وقد ضربت دعوة الحركة للتغيير على وتر حساس لدى ملايين المصريين، مما أدى إلى واحدة من كبرى المظاهرات الحاشدة فى تاريخ مصر. كان تأثير ثورة 30 يونيو عميقاً وبعيد المدى، حيث شكل مسار السياسة والمجتمع المصرى فى السنوات التى تلت ذلك. وفى نهاية المطاف، أُطيح بمرسى من السلطة فى 3 يوليو 2013، فى أعقاب احتجاجات حاشدة.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن إرث ثورة 30 يونيو لا يزال يؤثر على الديناميكيات السياسية فى مصر ويشكل تطلعات شعبها إلى مجتمع أكثر شمولاً وديمقراطية، والتى انعكست فى التعديلات الدستورية فى ٢٠١٤. إن التحديات التى تواجهها مصر فى ما يتعلق بالإصلاح السياسى، والتنمية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية تتطلب بذل جهود متواصلة، والتى انعكست من خلال توافر الإرادة السياسية لعمل إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فى سبتمبر ٢٠٢١، وكذلك تفعيل الحوار الوطنى الشامل الذى أطلق فى منتصف عام ٢٠٢٢.