مصر على رادار الاقتصاد العالمي
على الأرض فعلياً بدأت الخطوات الجادة لتحرير النظام الاقتصادى العالمى من سيطرة الدول السبع الكبرى، وتقود مجموعة «بريكس» جهود إصلاح الهيكل المالى لهذا النظام، وتصحيح ما سماه «أنطونيو جويتيريش»، الأمين العام للأمم المتحدة، «الأخطاء التاريخية، والتحيز والظلم المتأصل فى الهيكل المالى الدولى الحالى».
وفيما يمكن وصفه بـ«الانتخاب الطبيعى» استدعت «بريكس» مصر لتكون إحدى أهم الدول الفاعلة فى هذا المسار، وهذا ما أكدته «ديلما روسيف»، رئيسة بنك التنمية الجديد (الذراع الاقتصادية لتجمع «بريكس») خلال استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى لها يوم الأربعاء الماضى.
وقالت «روسيف» إن بنك التنمية الجديد حريص على العمل المشترك مع مصر للقيام بدور فعال فى مساندة الدول الأعضاء، وكذا الدول النامية بشكل عام، بما يدعم جهود تحسين النظام الاقتصادى العالمى ليصبح أكثر عدالة.
وأكد الرئيس السيسى أهمية دور البنك الجديد فى إقامة بيئة دولية داعمة للاقتصادات الناشئة والدول النامية، كما أكد اعتزاز مصر باستضافة الملتقى الدولى الأول للبنك، وأشار إلى أهمية الملتقى ودوره فى دفع جهود تيسير التعاملات بين الدول الأعضاء بالعملات المحلية، ومناقشة فرص التعاون المستقبلية بين أعضاء تجمع «بريكس»، سواء المؤسسون والجدد.
لم يكن اختيار مصر لاستضافة الملتقى الأول للبنك (وهى المرة الأولى التى يعقد فيها أحد مؤتمراته خارج إحدى الدول المؤسسة لتجمع «بريكس») من قبيل المصادفة، وهذا ما كشفه «أنيل كيشورا» نائب الرئيس والمدير التنفيذى للبنك خلال الجلسة النقاشية الأولى للملتقى، وكان عنوانها «خطة مصر متعددة الأبعاد نحو النمو والاستثمار».
قال «كيشورا» إن قدرة مصر الهائلة على تنظيم المؤتمرات أصبحت لافتة، وأظهرت احترافية رائعة فى تنظيم مؤتمر المناخ (COP27).
وخلال الجلسة أكد نائب الرئيس والمدير التنفيذى لبنك التنمية الجديد إن مصر تملك كل المقومات التى تضعها فى مصاف الدول المرشحة لتحقيق أفضل معدلات النمو، وتتيح فرصاً كبيرة للاستثمار وخلق الوظائف.
وأكد «كيشورا» التزام البنك بتقديم كل الدعم لمصر للوصول لأفضل مستوى، خاصة أن موقعها الاستراتيجى يؤهلها لأن تكون المحور الرئيسى والأهم لنقل الكهرباء والطاقة والبيانات بين كافة أنحاء العالم، ويسمح لها أيضاً بأن تكون وجهة جاذبة لأنواع مختلفة من السياحة من جميع أنحاء العالم.
هنا تقف مصر -كما هو نهجها دائماً- كلاعب رئيسى فى صياغة السياسات الإقليمية والدولية، حيث لا تملك ترف الانكفاء على الذات، وهذا ما يفرضه عليها مكانها، الذى وصفه الراحل جمال حمدان بأنه «فلتة جغرافية»، ومكانتها التى اكتسبتها عبر التاريخ، كبلد اعتاد الانفتاح على الآخر، والتفاعل مع بقية الأمم والثقافات الأخرى لتحقيق الأمن والسلام، ليس لذاته فقط، وإنما للمجتمع الإنسانى.