اجتماع "الداخلية" قبل جمعة الغضب: "عبدالرحمن" يتوقع مظاهرات أكثر عنفا

كتب: الوليد إسماعيل

اجتماع "الداخلية" قبل جمعة الغضب: "عبدالرحمن" يتوقع مظاهرات أكثر عنفا

اجتماع "الداخلية" قبل جمعة الغضب: "عبدالرحمن" يتوقع مظاهرات أكثر عنفا

أربعة أعوام ونصف مرت على اندلاع ثورة «25 يناير» التى أطاحت بـ«مبارك وأركان نظامه» من الحكم، ثورة هزمت فيها حناجر الشباب وإرادتهم قهر الرصاص والغاز المسيل للدموع، لتلقى -بعد نجاحها بأيام- بنظام حكم كامل إلى السجون، والاتهامات كانت حاضرة بالعشرات: قتل متظاهرين، وفساد مالى، واستيلاء على المال العام. وعلى الرغم من مرور تلك السنوات والمحاكمات لـ«مبارك» ورجاله - وفى المقدمة منهم حبيب العادلى ولواءاته- فإن ما أفرج عنه من وثائق ومستندات ومعلومات عن تعامل الرئيس الأسبق ونظامه وجهاز مباحث أمن الدولة مع تحركات الشباب وثورتهم بقى «مخفياً فى ركن بعيد» لا يقبل الاقتراب أو الإفصاح عنه، وفى المقدمة من تلك المعلومات والمستندات تلك التى تجيب عن الأسئلة: كيف كان يدير جهاز مباحث أمن الدولة الموقف؟ وماذا كانت نصائحه لـ«العادلى» و«مبارك» طوال أيام الثورة وحتى لفظ النظام أنفاسه وسقط نهائياً فى الحادى عشر من فبراير عام 2011؟ «الوطن» استطاعت -كما عودت قراءها- أن تخترق ما يعتقده البعض مستحيلاً، وحصلت على مجموعة من الوثائق والمستندات الخاصة والخطيرة تحمل خاتم «سرى جداً»، وهى عبارة عن المكاتبات والمراسلات التى بعث بها اللواء حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، إلى اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، للتصرف واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة المتظاهرين والشباب المنتشرين فى الشوارع والميادين يهتفون بسقوط النظام، ويطالبون بـ«العيش والحرية والعدالة الاجتماعية». فى التقرير التالى «مسير 11»، قال «عبدالرحمن» لوزير الداخلية «إن أمن الدولة رصد بدء اعتماد المتظاهرين على رسائل الهواتف المحمولة، خاصة الموجودين فى ميدان التحرير، وإن نص تلك الرسائل هو: المعتصمين فى ميدان التحرير.. كلنا موجودين فى الميدان مش هنتحرك وهنبات وهنكمل مظاهراتنا بكره الصبح رغم كل اللى بيعمله الأمن، اللى يقدر ينزل للناس دى ينزل، واللى يقدر يجيب مياه وأكل يجيب واللى مايقدرش ينشر الخبر». وأورد التقرير أن «قوات الأمن تتعامل مع متظاهرى ميدان التحرير لتفريقهم، لكن مظاهرات أخرى تنطلق من حدائق القبة والإسكندرية، ويتم التعامل من قبَل قوات الأمن مع الأحداث فى السويس، وأن متظاهرى الغربية يواصلون تجمعاتهم»، وأخبر الجهاز حبيب العادلى بأن «هناك مصابين بين قوات الأمن نتيجة التعامل مع المتظاهرين بمحافظات القاهرة والإسكندرية والسويس والإسكندرية والغربية وكفر الشيخ والدقهلية، وأن وزارة الصحة أفادت بوصول 219 متظاهراً مصاباً: 106 بالقاهرة و101 بالسويس و3 بالإسماعيلية و3 ببورسعيد و3 بالإسكندرية و7 بالدقهلية ومصاب واحد بالمحلة». وذكر التقرير أن عقيد الشرطة السابق عمر عفيفى الموجود بالولايات المتحدة الأمريكية بث فيديو على شبكة الإنترنت عنوانه «خبر عاجل» تضمّن حث المتظاهرين بميدان التحرير على الانسحاب والتوجه إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون واقتحامه عبر الأبواب الخلفية الخاصة بالجراج والمخازن واحتلال المبنى لتسهيل تواصلهم عبر قنوات التليفزيون، كما أن جبهة علماء الأزهر أصدرت بياناً أكدت فيه جواز الخروج على الحاكم نتيجة تعطيل شرع الله واستشراء مظاهر الكفر ومطالبة المواطنين بالتظاهر والتعبير عن تضررهم بعبارة «اخرجوا لتعذروا أولاً إلى الله ثم لتعذروا ثانياً إلى العالم الذى يستشرفكم اليوم ثم لتعذروا إلى التاريخ ثالثاً الذى لا يغفل ولا يتغافل». ومع الساعات الأولى ليوم 26 يناير، بعث جهاز مباحث أمن الدولة إلى حبيب العادلى بتقرير جديد حمل رقم «مسير 12» قال فيه «إن القوات الأمنية تمكنت من تفريق المتظاهرين بميدان التحرير وإن عددهم كان 5 آلاف لكنهم قسموا أنفسهم بعد تفريقهم إلى مجموعات متفرقة، توجهت واحدة منها إلى منطقة دوران شبرا بعدد 3000 متظاهر وأخرى بعدد 400 متظاهر إلى شارع محمد فريد و500 آخرين إلى مقر الحزب الوطنى بشارع الكورنيش وقاموا برشقه بالحجارة واقتحامه وإتلاف 3 سيارات داخله، كما تجمع 1000 آخرون فى شارع 26 يوليو وانطلقوا إلى شارع الجمهورية و500 إلى شارع عماد الدين ومثلهم إلى شارع صبرى أبوعلم وإن المتظاهرين أحرقوا سيارات الشرطة الموجودة أسفل كوبرى عبدالمنعم رياض دون حدوث إصابات أو وفيات. وفى ذات التقرير، أخبر حسن عبدالرحمن حبيب العادلى بأن «حزب الوفد عقد مؤتمراً صحفياً حضره الدكتور السيد البدوى شحاتة أيّد فيه مطالب القوى السياسية المتمثلة فى حل مجلس الشعب وإجراء انتخابات برلمانية بنظام القائمة النسبية غير المشروطة وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى ولجنة تأسيسية لوضع دستور جديد يحقق مبدأ سيادة الأمة ويكفل الفصل بين السلطات وإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية». وبعد تفاقم الأحداث واشتعال المظاهرات يوم 25 يناير وتمكن المتظاهرين من دخول ميدان التحرير وإشعال جميع الشوارع والميادين، عقد حبيب العادلى، وزير الداخلية، اجتماعاً ثانياً بمساعديه يوم 27 يناير 2011 فى مبنى الوزارة بـ«لاظوغلى» ضم حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، وعدلى فايد، مساعد الأمن العام، وإسماعيل الشاعر وآخرين لمناقشة تطورات الأحداث وما سمى آنذاك بـ«جمعة الغضب»، التى يجرى الإعداد لها لتكون يوم 28 يناير، بالإضافة إلى مناقشة ما جرى فى السويس وسقوط شهداء بها، ومشاركة مجموعات من شباب الإخوان بما يشير إلى أن مظاهرات 28 يناير ستكون أكثر عنفاً. وعرض قيادات الوزارة على «العادلى» تعزيز القوات لتوقع اقتحام المتظاهرين لميدان التحرير، بالإضافة إلى قطع الاتصالات لفترة محدودة بمناطق معينة لمنع أى تحركات تنظيمية تتم من خلالها لتحريك مجموعات من المتظاهرين، ومن جانبه، توقع حسن عبدالرحمن فى الاجتماع حشداً أكبر للمظاهرات من نظيرتها فى 25 يناير، وأن الإخوان سيشاركون بقدراتهم وخداعهم، بينما طالب عدلى فايد بإلغاء مباراة لكرة القدم كانت ستجرى فى يوم 28 يناير حتى لا يشارك الألتراس ويتم استخدامهم فى المظاهرات. ومن جانبه، شدد حبيب العادلى على ضرورة منع متظاهرى محافظة الجيزة من التدفق للقاهرة عبر المنافذ الخمسة التى تربط المحافظتين.وخلال الساعات التى أعقبت فض ميادين التحرير فى الساعات الأولى لصباح يوم 26 يناير وتناثر المتظاهرين فى الشوارع والميادين المحيطة بالميدان، مواصلين هتافاتهم ومطالباتهم بسقوط النظام، لم تتوقف تقارير جهاز مباحث أمن الدولة التى ترصد كافة الأحداث وترسلها إلى مكتب وزير الداخلية حبيب العادلى، وهى التقارير التى قدمت لمحكمة جنايات القاهرة التى كانت تنظر قضية القرن من قبل خالد عبدالباسط، محامى حسن عبدالرحمن.