تعرف على مكاسب وخسائر صفقة الصواريخ الروسية S-300 إلى إيران

كتب: محمد حامد

تعرف على مكاسب وخسائر صفقة الصواريخ الروسية S-300 إلى إيران

تعرف على مكاسب وخسائر صفقة الصواريخ الروسية S-300 إلى إيران

عقب توصل مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس أمن الأمم المتحدة، إضافة إلى ألمانيا وإيران، إلى اتفاق إطاري مع إيران، يقضي بأن توقف طهران برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الدولية والأمريكية المفروضة عليها، بسبب طموحها النووي غير السلمي، أعلنت روسيا في أول خطوةٍ لرفع العقوبات على صادرات السلاح لطهران، رفع الحظر عن تصدير صواريخ S-300 الدفاعية المتطورة إلى إيران، وهو القرار الذي أثار غضب المسؤولين الغربيين والإسرائيليين على حدٍّ سواء. وحول التعرف على أسباب إعلان روسيا هذا الاتفاق في هذا التوقيت، وإيجابياته وسلبياته، سلط المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، الضوء على تحليل لنيكولاي كوزانوف، الباحث ببرنامج السياسة الخارجية والأمنية بمركز كارنيجي في موسكو، يرى فيه أنه على الرغم من أن توقيت الإعلان عن بيع سلاح روسي لإيران، عقب التوصل إلى الاتفاق بشأن السلاح النووي الايراني كان مفاجئًا، وأن تحرك "الكرملين" كان متوقعًا لأسباب منطقية. وأشار كوزانوف، إلى أن موضوع صواريخ S-300 بدأ مع بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وإن كانت السلطات الإيرانية ربما حلمت باقتنائها قبل ذلك، في الوقت الذي وقّعت فيه الحكومة الروسية عقدًا لبيع 5 بطاريات من S-300 عام 2007، حين زار بوتين طهران، بدا الكرملين مترددًا في تنفيذ الاتفاق، لأنه كان متشككًا في نوايا السلطات الإيرانية فيما يخص برنامجها النووي. وأضاف الباحث، أن الشكوك الروسية ازدادت، بعد الكشف المفاجئ عن الخطط الإيرانية لبناء مفاعل تخصيب ثانٍ في 2009، إضافة إلى أنه في أكتوبر ونوفمبر 2009 رفضت إيران بشكل مفاجئ استبدال الوقود النووي منخفض التخصيب بالوقود مرتفع التخصيب، الذي كان يهدف إلى تشغيل مفاعل طهران البحثي تحت رقابة أوروبية، ودعمت روسيا بقوة اتفاق التبادل، ظنًّا منها أنه لن يؤكد نوايا إيران السلمية تجاه الغرب فحسب، وإنما سيهدئ أيضًا مخاوف موسكو بشأن الاستخدام المحتمل لليورانيوم منخفض التخصيب. وتابع أن الرئيس الروسي آنذاك، ديمتري ميدفيديف، وصف السلوك الإيراني بأنه غير لائق، واعترف بأن طهران تقترب من تحقيق القدرة على إنتاج أسلحة نووية، واعتبر أن اللجوء لعقوبات دولية جديدة أصبح حتميًّا، وهو ما أدى بالفعل إلى تبني قرارين لمجلس الأمن بالأمم المتحدة، وأصدر ميدفيديف مرسومًا رئاسيًّا رقم 1154 في عام 2010، ليوقف بموجبه رسميًّا صفقة بيع صواريخ S-300 لإيران. وحول توقيت الإعلان عن صفقة الأسلحة الدفاعية لإيران، يُشير كوزانوف في تحليله، إلى أن الموقف أصبح أكثر ديناميكية بعد اختتام المفاوضات بين طهران ومجموعة الدول الخمس دائمة العضوية في لوزان بسويسرا في 2 أبريل 2015، وأن السلطات الروسية بدت راضية للغاية، عن نتائج المحادثات واحتمالات الاتفاق النهائي في المستقبل. ويرى كوزانوف، أنه بعد توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة، وإذا تم تطبيقُ هذا الاتفاق كما ينبغي، فقد يؤكد للجميع أن إيران لن تكون قادرةً على تطوير برنامجها النووي العسكري سرًّا، وهذا يُرضي موسكو. ويعتبر كوزانوف، تسليم صواريخ S-300، أحد المحفزات التي قدمتها روسيا لإيران، مقابل المرونة الإيرانية في لوزان، كما تعتقد موسكو أيضًا، أن قرارها بوقف تصدير الصواريخ إلى إيران في 2010 لم يحظ بالتقدير الكافي في الغرب، والذي يُعد أحد أسباب قرار بوتين برفع حظر مدفيديف، فهو مبرر جيد للكرملين لإعادة التفكير في أسلوبه القديم. وأشار كوزانوف، إلى أن وقف تصدير الصواريخ S-300 إلى إيران، كلف روسيا الكثير، حيث خسرت موسكو 800 مليون دولار، والتي توقعت الحصول عليها لقاء بيع الصواريخ إلى إيران، وواجه التعاون المستقبلي بين الجيش الروسي وإيران تساؤلات عدة، كما تراجعت مصداقية البلاد كمصدِّر للسلاح، حيث قدّمت إيران دعوى تعويض أمام محكمة التحكيم الدولية بقيمة 4 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تفوز إيران بالتعويض، ومن ثمّ فإنها ليست مصادفةً بالتأكيد أن يؤدي قرار موسكو باستئناف صفقة الصواريخ لإيران إلى إنهاء إجراءات المحاكمة. وحول إيجابيات وسلبيات صفقة صواريخ S-300 الروسية لإيران، يقول كوزانوف عن إيجابيات الصفقة، إن الحسابات العملية بدورها، كانت سببًا في قرار موسكو، فهي مهتمة بتأمين نفوذها السياسي في إيران، إلى جانب تعزيز وجودها الاقتصادي، وربما تُساعد صفقات الأسلحة جزئيًّا على الأقل في تحقيق تلك الأهداف. وأضاف أن التمهيد المطلوب لتجدد التعاون العسكري بين روسيا وإيران، جاء عبر الاتفاقية التي تم توقيعها، إبان زيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو إلى طهران، غير أن هذه الوثيقة تقريبًا وضعت إطار التعاون الروسي الإيراني في مجالات تبادل المعلومات والتدريب العسكري والتعليم وتنسيق جهود مكافحة الإرهاب. وعن الجانب السلبي، يقول كوزانوف إن تصدير صواريخ S-300، قد يتسبب في صفعة قوية للعلاقات الروسية الإسرائيلية، لهذا لا يبدو أن قرار بوتين برفع الحظر جاء بعد تفكير عميق، لأنه خلال السنوات الأخيرة، وضعت موسكو على قمة أولوياتها تحسين العلاقات مع إسرائيل، وفي 2014 وصلت التجارة المتبادلة بين البلدين، إلى 3.4 مليارات دولار، وهو تقريبًا ضعف حجم التجارة مع إيران. يضيف كوزانوف، أن الحكومة الإسرائيلية التزمت الصمت، إزاء تدخل موسكو في أوكرانيا، ورفضت الانضمام إلى عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد روسيا، وحتى موقف موسكو القديم المؤيد للفلسطينيين، أصبح مجرد قيد رمزي في العلاقات الثنائية مع إسرائيل. وينهي كوزانوف تحليله بقوله، إنه تحت هذه الظروف لا ينبغي على المجتمع الدولي المبالغة في خطر تسليم إيران صواريخ S-300، أو التغاضي عنها، فبينما من المستحيل تقريبًا أن يتراجع بوتين في قراره، فإن هذا لا يعني أنه لا يوجد ما يمكن عمله، فالقرار يوحي بأنه من المتوقع أن تقدم موسكو خدمات تقنية ودعمًا للصواريخ S-300 طالما بقيت على الأراضي الإيرانية، وربما يحوِّل الغرب وغيرهم من القوى الإقليمية، تركيزهم إلى إقناع موسكو بوضع شرط تقديم ذلك الدعم لإيران بحسب سلوكها في المنطقة، لا سيما علاقتها مع إسرائيل.