«توشكى».. المهمة لم تكن سهلة
عاصرت ما تم تداوله عن (مشروع توشكى) خلال فترة تولي الدكتور كمال الجنزورى رئاسة الوزراء منذ عام ١٩٩٧، كُنت أدرك أن هذا المشروع يحقق الكثير لمصر، عقدنا عليه آمالاً كثيرة، كُنا نتمنى إستكماله، لكن آتت الرياح بما لا تشتهى السفن، توقف المشروع دون رجعة بعد جدل كبير وشد وجذب وصخب شديد إنتهى بغلق الملف بالضبة والمفتاح، أصيبنا بالإحباط لأننا كُنا نعتقد أن هذا الوطن يستحق أن يحقق الإكتفاء الذاتى من إحتياجاته الغذائية، يستصلح الأرض ليزرع ويتعب ليأتى اليوم الذى يحصد فيه ما زرعه ويفرح بما حققه .. نعم كانت آمالنا وطموحاتنا أن نأكُل من زَرعنا، لكن ليست كل الآمال تتحقق وليست كل الطموحات تتحق.
تمر السنين ويجرى فى النهر أمواجاً كثيرة وتعيش "مصر" سنوات عصيبة كانت كفيلة أن تجعلها فى مهب الريح، لكن الله حفظ بلادنا من شرور الأعداء وعادت لنا "مصر" جريحة، كان من المفترض أن يكون أمن وسلامة وإستقرار الوطن الهدف الأسمى وهو ما حدث بالفعل، حافظنا على أمن الوطن وتم القضاء على الإرهاب بلا رجعة، وفى نفس الوقت كانت "مصر" قد دخلت مرحلة البناء، كانت اليد اليمنى تحارب الإرهاب واليد اليسرى تبنى الوطن، تم فتح جميع الملفات القديمة، كان الهدف هو تحقيق تنمية شاملة لأننا نُدرك أن "مصر" تحتاج لتنمية فى كل المجالات.
توافرت الإرادة السياسية وعقد الرئيس عبدالفتاح السيسي العزم على تحقيق المستحيل من أجل الأجيال القادمة، وكان "مشروع توشكى" على رأس الأولويات التى ستُحقق تنمية حقيقية لمصر، فالمشروع ضخم وكان يستلزم غزو الصحراء والعمل على توفير تمويل ضخم، المهمة لم تكن سهلة على الإطلاق ولم تكن هناك قُدرة على تنفيذه رغم أن كل الدراسات قالت إنه مشروع قومى لا غنى عنه بشرط إعداد خطة شاملة تتضمن إنشاء بنية تحتية على أعلى مستوى لتصل المياه إلى أفرُع رئيسية فى توشكى وضرورة العمل على إنشاء ( محطات رى _ محطات مياه _ محطات رفع عملاقة ومهمتها نقل المياه _ محطات كهرباء _ شبكة طرق تخدم المشروع بإجمالي أطوال ٢٩٣٣ كم )، إضافة إلى البدء فى تسويه الأرض ثم حفر ( ٥١ ) مليون متر مكعب، تم عمل اللازم وبمتابعة مستمرة وإشراف دقيق من الرئيس السيسي.
"توشكى" مشروع عملاق، تم إستخدام كميات كبيرة من المتفجرات للتغلب على العائق الصخرى الذى تسبب فى إيقافه من قبل، فإرادتنا حديدية وعقيدة البناء قوية لدينا، وشعارنا ( لا تراجع عن البناء ولا إستسلام للأمر الواقع لأننا سنُغير الواقع )، فلن تكون الصحراء صفراء وسنُغير لونها للأخضر وسنُعمرها بسواعد شباب مصر .. بدأنا نحصد ثمار المجهود الضخم الذى بُذِل لسد الفجوة الغذائية، وتحول حلم "توشكى" إلى حقيقة لتعود الفائدة على الشعب المصرى كله بالخير، ونجحنا _ بإمتياز _ فى زيادة مساحة الأرض الزراعية وهذا لو تعلمون عظيم.
إنه _ بالفعل _ عصر المشروعات القومية الكبرى، المشروعات التى كانت بالنسبة لنا مُجرد أحلام نتمنى تحقيقها، ويحق لنا القول أنها كانت أحلام بعيدة المنال، والحمد لله تحققت الأحلام وأصبحت حقيقة نراها بأعيننا ونستفيد منها لتحقيق فائض فى الغذاء والتصدير، وبالفعل إرتفعت عائدات الصادرات الزراعية، واليوم نواصل طريقنا لتحقيق إنجاز تلو الأخر، إنجاز يُكتب للمصريين جميعاً.