«مصر» تُصر على إنقاذ غزة
مُنذ نشوب المواجهات فى قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس فى ( ٧ أكتوبر الماضى ) وما تلاها من دمار وخراب فى غزة و "مصر" تحاول بكل السُبل ( إنقاذ غزة ) .. نعم .. تحاول "مصر" _ ومؤسساتها الرسمية _ إنقاذ غزة من يد الإحتلال الغاشم الذى دمر كل شيء من مستشفيات ومدارس وجامعات ومؤسسات ومساجد ولا يجد الأشقاء فى القطاع الغذاء والدواء والماء والوقود والكهرباء.
ففى الوقت الذى كان الجميع يتحدث فيه عن ( مستقبل غزة ) أو اليوم التالى فى غزة ( The Next Day ) ، كانت "مصر" تبحث عن عملية إنقاذ غزة وأهلها وتُقدم _ بكل ما أوتيت _ المساعدات الإنسانية وكانت الشاحنات تدخل وبها كل ما يحتاجه الأشقاء ، حتى احتياجات الأطفال والسيدات بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة، كانت "مصر" تبحث عن وقف إطلاق النار وإتمام عملية تبادل الأسرى والمحتجزين وإدخال المساعدات وقدمت ذلك فى مبادرة وعرضتها على الجانبين وتم التأكيد على أنها "مُبادرة أولية" قابلة للحذف والإضافة بالتوافق بين إسرائيل وحركة حماس.
استمرت الأوضاع عليه ما هى عليه وسط حالة من الضبابية والشد والجذب بين الجانبين طوال الأشهر الأربعة الماضية كانت "مصر" خلالها حريصة على ضرورة إدخال المساعدات لإنقاذ أهل غزة ، جاء "أنطونيو جوتيرش" الأمين العام للأمم المتحدة إلى "مصر" وزار معبر رفح مرتين وعقد مؤتمرين صحفيين من أمام المعبر وخاطب العالم وطالب بضرورة إدخال المساعدات الهائلة التى رأها مُنتظرة على جانبي الطريق بعد التعنت الإسرائيلي المُستمر ، جاء بعض نواب الكونجرس الأمريكى _ ديموقراطيين وجمهوريين _ وزاروا المعبر ، جاء بعض الوزراء الأوروبيين وزاروا المعبر ، وخلال هذه الأوقات كانت "مصر" تعمل بكل قوة فى المنظمات الدولية وتطالب بضرورة إدخال المساعدات ، وشملت خطابات "الرئيس السيسي" فى جميع المناسبات الوطنية واللقاءات مع الرؤساء والقيادات العربية والأوروبية خلال تلك الفترة على مُناشدات بإدخال المساعدات ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ، وشملت كلمات وزير الخارجية سامح شكرى خلال كل المؤتمرات الصحفية التى عقدها مع كل وزراء الخارجية العرب أو وزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي على ضرورة إدخال المساعدات ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
حينما ذهبت "مصر" للأمم المتحدة كان مسعاها يهدف وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات لإنقاذ أهالي غزة والتى ساءت أوضاعهم المعيشية لدرجة إن حذرت جميع المنظمات الإغاثية الدولية من حدوث مجاعة فى غزة .. كانت "مصر" حريصة على إدخال المساعدات والتى وصلت مساهمتها فيها إلى ( ٨٤ ٪ ) من حجم المساعدات التى تصل إلى قطاع غزة ، وإستقبلت "مصر" آلاف المصابين ويتم علاجهم فى المستشفيات المصرية .. ذهبت "مصر" لمحكمة العدل الدولية وكل ما تتطلع إليه هو إدخال المساعدات ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وإدانة إسرائيل على مجازرها اللإنسانية وإعتداءتها المتكررة والتى تصل إلى الإبادة الجماعية المُتعمدة _ مع سبق الإصرار والترصُد _ وهو ما شاهدناه فى قصف مستشفى المعمدانى والشفاء وقصف مقرات المنظمات الإغاثة الدولية ومقتل بعض موظفيها.
وما تفعله "مصر" _ مؤخراً _ من قيادتها للمفاوضات الآن _ بكل شجاعة وعقلانية وإقدام _ والتى أطلقت عليها الصُحف الإسرائيلية بأنها ( مفاوضات اللحظة الأخيرة ) يؤكد على إصرار "مصر" على إنقاذ غزة التى دُمر أكثر من ( ٨٥ ٪ ) من منازل ومقرات حكومية وبنية تحتية وأصبح كل هذا مُجرد ( أطلال ) ، فى هذا الوقت يأتى دور "مصر" المستمر القوى لإنجاح المفاوضات فى الوقت الحاسم قبل إنجراف نتنياهو وحكومته على التمادى فى مجازرهم.