زورق واحد لمكافحة الهجرة غير الشرعية في "زوارة" الليبية
![زورق واحد لمكافحة الهجرة غير الشرعية في](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/336332_Large_20150408080548_12.jpg)
يتعامل المسؤولون الآمنيون في مدينة زوارة الليبية، أحد أبرز مواقع انطلاق رحلات المهاجرين إلى أوروبا، مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية بموارد محدودة في ظل انحسار الدعم الرسمي بفعل استمرار النزاع المسلح في البلاد "زورق واحد، سيارة واحدة".
وتضم زوارة، التي تقع على بعد نحو 160 كلم غرب العاصمة طرابلس، و60 كلم عن الحدود التونسية، ساحلًا يمتد على مسافة 77 كلم، وتمثل بذلك إحدى نقطتي انطلاق رئيسيتين للمهربين إلى جانب منطقة القره بوللي شرق طرابلس.
ويقول أنور العطوشي: "سرية إسناد حرس وأمن السواحل" لوكالة فرانس برس "ليس لدينا أي إمكانيات فعلية في ميناء زوارة البحري"، هناك زورق واحد ورثناه عن النظام السابق، غالبًا ما يتعطل يغطي وحده ساحل زوارة بكامله.
ويضيف العطوشي، وهو يقف إلى جانب الزورق الرمادي الصغير على الرصيف البحري، والذي يكاد لا يتسع لأكثر من عشرة أشخاص "هناك 15 عنصرًا فقط يعملون بجهود ذاتية ويتركز عملهم على إنقاذ المهاجرين من البحر واعادتهم إلى الميناء ثم تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية".
ويصطف في هذا الميناء الصغير، مراكب صيد مختلفة الأحجام تعود إلى أبناء المدينة، طلي معظمها باللون الأزرق.
وأوضح العطوشي "عندما تكون أعداد المهاجرين كبيرة، نستعين بهذه المراكب الخاصة بعد موافقة أصحابها".
وتشهد ليبيا فوضى أمنية ونزاعًا مسلحًا سمحًا بتزايد الهجرة غير الشرعية عبر سواحلها التي تفتقد الرقابة الفعالة في ظل الإمكانات المحدودة لقوات خفر السواحل الليبية، وانشغال السلطات بالنزاع المسلح الدائر في ليبيا منذ الصيف الماضي.
ومع ساحل طوله ألف و770 كلم، تعتبر ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذي يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول إلى أوروبا. ولا تبعد السواحل الليبية أكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، التي تشهد كل عام وصول آلاف المهاجرين غير الشرعيين.
وكانت إيطاليا دعت الاتحاد الأوروبي الاثنين، إلى اتخاذ "تدابير ذات مغزي" لمواجهة التدفق المستمر للمهاجرين في المتوسط، وذلك بعد إنقاذ نحو ستة آلاف من هؤلاء في نهاية الأسبوع الفائت.
وشرعت مؤخرًا السلطات الليبية في طرابلس والتي لا يعترف المجتمع الدولي بشرعيتها، إلى ابراز جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر الإعلان عن كل عملية توقيف لمراكب مهاجرين، واصطحاب الصحافيين إلى مراكز الإيواء التي تضم نحو سبعة آلاف مهاجر أوقفوا خلال محاولتهم الهجرة.
ورغم ذلك، يؤكد جهاز خفر السواحل التابع لهذه السلطة، وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية المرتبط بوزارة الداخلية في حكومة طرابلس، أن السلطات الحاكمة في العاصمة تفتقد إلى الإمكانات للحد من محاولات الهجرة إلى أوروبا والتي تشمل آلاف الأشخاص إسبوعيا.
ويقول العقيد رضا عيسى أمر القطاع الأوسط لحرس السواحل لـ"فرانس برس": "نستخدم في المنطقة الوسطى مركبين، وزوارق مطاطية صغيرة، معظمها متهالكة وغير مجهزة بل نحن أدخلنا عليها تعديلات تناسب عملياتنا في مكافحة الهجرة".
وتابع "نحتاج إلى عشرة زوارق على الأقل متخصصة بهذه المسألة حتى نتمكن من الحد من الهجرة بشكل كبير".
وفي زوارة، التي تشهد المناطق الواقعة إلى جنوبها معارك يومية بين قوات "فجر ليبيا" التي تسيطر على معظم مناطق غرب ليبيا بما فيها هذه المدينة، وقوات الحكومة المعترف بها دوليًا والتي تمارس عملها من شرق البلاد، منطقة ساحلية مهجورة تمتد على مسافة كيلومترات ولا تخضع للرقابة الفعالة.
ويدفع غياب الرقابة هذا التجار إلى استغلال الفجوة الأمنية لإرسال قوارب المهاجرين من هذه المنطقة.
ويقول العقيد محمد سالم أمر الغرفة الأمنية المشتركة في زوارة "مهمتنا الأساسية حماية المدينة من أي خروقات أمنية، وبينها الهجرة غير الشرعية، لكننا لا نملك شيئًا لتحقيق ذلك. نحتاج مراكز إيواء، وميزانية كاملة، حتى أننا ندفع من جيوبنا الخاصة أحيانًا ثمن الغذاء للمهاجرين الذين نوقفهم".
ويضيف وهو يتحدث في غرفة صغيرة في مركز أمني في المدينة: "وجدنا فجأة أنفسنا نتعامل مع قضية لم تستطع أكبر الدول الأوروبية الحد منها".
وتابع سالم: "إمكاناتنا بدائية جدًا والحكومة لا تقدم شيئًا، نحتاج إلى سيارات دفع رباعي وزوارق وطيران ودعم مادي لإيواء المجموعات التي يتم القبض عليها، وأسلحة لمواجهة المهربين، وأجهزة مراقبة الاتصالات وأجهزة رؤية ليلية".
وذكر سالم أن في زوارة "سيارة واحدة، تتحرك، تقبض، تراقب".
يذكر أنه، منذ عهد معمر القذافي لم يكن الليبيون قادرين على السيطرة على حدودهم البرية التي يعبرها مئات الأشخاص القادمين خصوصًا من جنوب الصحراء والحالمين بالهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
وتتقاسم ليبيا حدودًا برية بطول حوالي خمسة آلاف كيلومتر مع مصر والسودان والنيجر وتشاد والجزائر وتونس.
واكبر تدفق للمهاجرين، مصدره شمال النيجر حيث ينقل هؤلاء عبر شبكات من المهربين الذين يأتون بهم إلى منطقتي الكفرة وسبها اللتين تعدان أهم مناطق تجمع المهاجرين في جنوب ليبيا.