د. أحمد السبكي يكتب: رؤية مستقبلية للرعاية الصحية

د. أحمد السبكي يكتب: رؤية مستقبلية للرعاية الصحية
- الجمهورية الجديدة
- دور المواطن تجاه بلده
- ملف الصحة
- ملف التعليم
- الجمهورية الجديدة
- دور المواطن تجاه بلده
- ملف الصحة
- ملف التعليم
خاضت الحكومات المصرية المتتالية منذ التسعينات عدة محاولات لتطوير المنظومة الصحية، ولكن كانت دائماً لا تكتمل لتحديات كثيرة، وها نحن على أعتاب الجمهورية الجديدة نقف فخورين بما حققناه من تطوير واضح وملموس فى المنظومة الصحية، فقد اتخذت مصر منذ عام 2014 خطوات جادة ودؤوبة فى تحقيق حلم طالما انتظره المصريون فى التغطية الصحية الشاملة بجودة تناسب عظمة هذا البلد، الرائد فى محيطه الإقليمى على مر العصور، ملتقى الأديان السماوية، معبر الأنبياء، مهد حضارة المتوسط وقلب أفريقيا النابض، ومركز العالم.
إذ وضع دستور 2014 الصحة فى موضع رفيع، فبالرغم من أن الصحة كانت دائماً نقطة حوار لمختلف السياسيين، ولكن لأول مرة ينص دستور مصرى على التزام الدولة بنظام تأمين صحى شامل يكفل كل المصريين دون النظر إلى مستواهم المادى أو الاجتماعى، مما يؤكد أيضاً ما نص عليه الدستور بأن الصحة حق لكل مواطن، الأمر الذى بات جلياً عندما تم إقرار قانون رقم 2 لعام 2018 الذى تم تدشين بموجبه منظومة التأمين الصحى الشامل بما يتوافق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، فمشروع التأمين الصحى الشامل هو أكبر ضمانة لعلاج كل المصريين بعدالة وكرامة وجودة عالمية.
وتميزت عملية الإصلاح الصحى التى قادها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بشكل ممنهج خلال السنوات القليلة الماضية بالأسس التشريعية التى عكف عليها البرلمان المصرى بغرفتيه بالتعاون مع الحكومة، والتى كانت بمثابة العمود الفقرى للنظام الصحى المصرى الجديد… والطريق الممهد لنظام صحى قوى فى الجمهورية الجديدة، فتلا قانون التأمين الصحى الشامل قانون ١٥١ لسنة ٢٠١٩ بشأن إنشاء الهيئة المصرية للشراء الموحد وهيئة الدواء المصرية، قانون ١٨٤ لسنة ٢٠٢٠ بشأن إنشاء صندوق مخاطر المهن الطبية، قانون ١٣٩ لسنة ٢٠٢١ بشأن إنشاء صندوق مواجهة الطوارئ الطبية، وأخيراً قانون ١٢ لسنة ٢٠٢٢ بشأن إنشاء وتنظيم المجلس الصحى المصرى.
وإذا كان الأساس التشريعى هو العمود الفقرى لعملية الإصلاح الصحى، فلا نغفل أبداً عن الجهود التى بذلتها الحكومة المصرية فى الأسس الأخرى، كتدريب العامل البشرى من الفرق الطبية والأطقم الإدارية القائمة على تقديم الخدمات الطبية، ودعم بيئة العمل كفريق واحد للارتقاء بالمنشأة الصحية وتحفيز المنشآت للتنافس من أجل تحسين تجربة المريض.
كما حرصت الحكومة، ممثلة فى الهيئات التى تم إنشاؤها حديثاً لإدارة منظومة التأمين الصحى الشامل كالهيئة العامة للرعاية الصحية، على الاستدامة المالية وكفاءة الإنفاق وتعظيم الموارد الذاتية عن طريق تحسين دورة عمل إدارة دورة الإيرادات، كما عملت هيئة الرعاية أيضاً على الاستخدام الأمثل للخدمات الصحية والتأكد من تسجيل كافة الخدمات المقدمة وحساب تكاليف الخدمات الصحية ومقارنتها بلوائح أسعار الجهات الدافعة، وذلك للوصول إلى أفضل سياسات حسن إدارة واحتواء تكاليف الخدمات الصحية بما لا يضر بجودة تقديم الخدمات، أيضاً اهتمت الدولة بتغطية المواطنين لتحميهم من مخاطر الأعباء المالية التى تحدث بسبب المرض.
وتتبنى منظومة التأمين الصحى الشامل نظام طب الأسرة أسوة بدول العالم، فهو بمثابة خط الدفاع الأول لأى نظام صحى، حيث يتم ربط عدد من المنتفعين على منشآت طب الأسرة طبقاً للتوزيع الجغرافى ليبدأ المريض رحلته مع طبيب الأسرة الخاص به، مما يؤدى إلى بناء علاقة وطيدة بين المنتفع ومقدم الخدمة وضمان استمرارية وشمولية الخدمات الصحية والطبية، والعمل على الكشف المبكر للأمراض وعلاجها، ومن ثم تقليل تكاليف العبء المرضى والضغط اللاحق على المستشفيات، كما اهتمت المنظومة بالخدمات التى تقدم للمرأة، وبلغت نسبة السيدات المنتفعات من منظومة التأمين الصحى الشامل 50% من إجمالى المنتفعين.
ولم يكن التطوير ليكتمل بدون إنشاء وتطوير بنية تحتية قوية بأحدث الأساليب التكنولوجية، ولأول مرة فى تاريخ مصر أصبح لمنتفعى منظومة التأمين الصحى الشامل ملف طبى إلكترونى موحد، واستخدام الأكواد العالمية فى التشخيص والعلاج لضمان جودة الخدمات المقدمة.
ولم تكن الصحة بعيدة عن الحوافز التى قدمتها الحكومة المصرية للقطاع الخاص، فلا يمكن تحقيق هذه الرؤية المستقبلية للرعاية الصحية إلا من خلال التعاون بين القطاع الحكومى والخاص والمجتمع المدنى، يجب أن تكون هناك شراكة قوية وتعاون مستمر لتحقيق التغيير وتحسين النظام الصحى بشكل شامل.
إن الإنجازات التى حدثت فى الدولة الجديدة ما كانت أن تكتمل لولا تضحيات رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية البواسل، صخرة الوطن التى انكسر عليها كل من سولت له نفسه تدنيس تراب مصر الطاهر، فتحية لأرواح شهدائنا الذين ضحوا بأرواحهم فى الحفاظ على تراب هذا الوطن وصون كرامته، ليعيشوا أبداً مصدر فخر لنا ولأجياله القادمة.
لقد كان عهد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى للمصريين والعالم بأن تبقى الدولة ورايتها مرفوعة خفاقة، وبتوفيق ونصر من الله أريد لنا أن نوفى بالعهد، فالجمهورية الجديدة التى نحن على أعتابها هى أكبر دليل للعالم بأسره على أن عظمة مصر وشعبها لا تنتهى ولا تتغير بتغير الزمان، فهى تشكلت معالمها على مدار عشرة آلاف سنة من المعرفة والتجارب ترسب بعضها فوق بعض، مما يفسر لنا تلك اللحظات من التاريخ التى نرى فيها مصر تشهد طفرةً مدهشةً فى قليل من الوقت، وتأتى بأعمال عُجاب فى طرفة عين.
وها نحن على أعتاب الجمهورية الجديدة، نجدد العهد للسيد رئيس الجمهورية وللشعب المصرى الطاهر النبيل، بأننا لن ندخر جهداً فى مواجهة التحديات، ولن تكل عزيمتنا حتى نبقى راية مصر مرفوعة خفاقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأن نكون خير خلف لخير سلف من أجدادنا المصريين الذين علموا الدنيا معانى الإنسانية والمروءة والحضارة والعلوم.
حفظ الله مصر.. عزيزة أبية.. وصان أرضها حرة كريمة.. ووفق شعبها إلى سبل التقدم والرخاء.
وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.
* رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية
المشرف العام على مشروعى التأمين الصحى وحياة كريمة بوزارة الصحة