محمد أبو عاصي: هناك أصابع خفية لا تريد أي اجتهاد جديد في الدين

محمد أبو عاصي: هناك أصابع خفية لا تريد أي اجتهاد جديد في الدين
قال الدكتور محمد سالم أبوعاصي، أستاذ التفسير، عميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، إن عدم الأخذ بتفسير القرآن تفسير مصلحي، مرجعة إما الجهل أو أننا نؤثر السلامة، وهناك أصابع خفية منها التيار السلفي لا يريد أي اجتهاد جديد، عندهم كل شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بدعة حتى لو أمر يستوجبه الواقع الآن.
وأضاف «أبوعاصي» خلال حديثه لبرنامج «أبواب القرآن» تقديم الإعلامي الدكتور محمد الباز، على قناتي «الحياة» و«إكسترا نيوز»: «مثلا لو صليت الجمعة وذكرت ربنا بصوت مرتفع يقولك بدعة لأن النبي لم يفعله، صدق الله العظيم بعد القرآن بدعة عند ابن عثيمين وهو من مشايخ السعودية، يقول في فتاويه إنك لو قرأت القرآن وقلت صدق الله العظيم هذه بدعة، النبي لم يقلها».
وعقب: «صدق الله العظيم، ليست آية لكن في القرآن ما يؤيدها (قل صدق الله)، وأحد الشباب ناقشني مرة وقال الشيخ في الجامع يقول صدق الله العظيم وهذه بدعة، رديت عليه قلت له ربنا يقول قل صدق الله، فقال لكن لم يقل (قل صدق الله العظيم)، قلت له أنت تجعل أننا عندما نصف الله بالعظمة بدعة؟».
ولفت إلى أن قول «صدق الله العظيم» في نهاية قراءة القرآن متواترة عن المشايخ، وهم قروأ على مشايخهم، تواتر عملي، أن الناس إجلالا للقرآن تقول صدق الله العظيم، فما البدعة في هذا؟».
وأردف: «السلفيون عندهم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة بدعة، الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام جهرًا بعد الأذان بدعة، أي ذكر تقوله بصوت مرتفع بدعة، الاحتفال بالمولد النبوي بدعة الاحتفال بالأعياد القومية بدعة، كل شيء بدعة لأن القاعدة لديهم كل شيء النبي لم يفعله بدعة، بينما الحكم الشرعي أن خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير، والاقتضاء يعني الطلب إما طلب فعل وإما طلب ترك، طلب الفعل الجازم الوجوب، طلب الفعل غير الجازم الندب، النهي الجازم التحريم النهي غير الجازم الكراهة، والتخيير الإباحة، يبقى بعرف الحكم حرام وحلال وواجب ومندوب من خطاب الله».
وأردف: «وإذا لم يكن هناك خطاب لا يكون حرام، لأن الترك ليس بحجة، يعني ترك النبي لا يدل على المنع، مثلا بعد صلاة الجمعة الناس اجتمعت في المسجد تقرأ قل هو الله أحد 3 مرات، النبي كان له أذكار مأثورة، مثل أذكار الصباح وأذكار المساء».
وأشار إلى أن الأوراد عند السادة الصوفية نوعان، أوراد أخذوها من الكتاب والسنة ولا شيء فيها، وأوراد قالوها عن تجارب شخصية، مثلا قال دعاء من نفسه أو ذكر معين في شدة ربنا فرج عنه هذه الشدة صارت تجربة شخصية.
وختم: «ما دام المعاني صحيحة ومعاني سليمة نقبلها، لكن هناك مشكلة ساعات تلزمني بما لم يلزمني الله يعني مثلا تروح للشيخ يقول لك قل يا لطيف ألف مرة، القرآن لم يذكر هذا إلا مرة أو مرتين في سورة يوسف إن ربي لطيف لما يشاء، يعني المقصود أن الأوراد إذا كانت متفقة مع الكتاب ومع السنة وإذا كانت بمعاني لا تختلف عن أصول الدين فنحن نقبلها».
سالم أبو عاصي: القرآنيون يكتفون به بحجة أنه «نور وبيان ومبين»
وقال أبوعاصي إنَّ القرآنيين يكتفون بالآية «ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء»، فيقول الطبطبائي وهو شيعي في المقدمة إن القرآن نور، القرآن بيان، القرآن مبين، القرآن لا حاجة إلى غيره.
وأضاف «أبو عاصي»، أنَّ القرآن بيان ومبين ونور وكل شيء، لكن هل السنة عندما تأتي تبين القرآن هل معنى ذلك أن القرآن غير بين؟ لما يقول «أقيموا الصلاة» كلام واضح لكن السنة تبين الكيفية، لما يقول «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها» الكلام واضح وبين، لكن السنة تبين المقادير التي يجب إخراجها في الزكاة.
وأشار إلى أن القرآنيين يفرقون بين السنة والسنة المحكية، والشبهة الثانية القوية في نظرهم أن هناك فرقا بين السنة الواقعية وبين السنة المحكية، يقول من أين أعلم أن ما تحكيه قاله النبي؟ ويستندون إلى أن الرواية بالمعنى هي الشائعة في السنة، فكل لا يروي باللفظ إنما يروي بالمعنى حسب الفهم الذي فهمه، والفهوم مختلفة ومن ثم المعاني مختلفة، فكيف تنسب للنبي هذا، ويقولون أن هناك أحاديث متعارضة هل يعقل منطقيا أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول كلام متعارض؟ «وما ينطق عن الهوى» لكن هناك أحاديث متعارضة في الظاهر، وهذا التعارض نشأ من الحكاية، أي أنه قول واحد للرسول لكن الصحابة والتابعين كل فهمه بشكل مختلف.
وقال أستاذ التفسير، إن الكثير من القرآنيين لا يعترفون بالسنة، وإنما يقولون كلمة حق أريد بها باطل، وهو قولهم «يكفينا كتاب الله».
ردود رافضي المنهج ليست قوية
وأضاف «أبو عاصي» أنَّ ردود رافضي منهج القرآنيين، ليست قوية، وتنحصر بين «كيف نصلي بدون السنة، عرفنا الصلاة من السنة»، بينما القرآنيون لا ينكرون التوارث العملي، أي أنهم يصلون كما وجدوا آبائهم يصلون، ولا يحتاجون لحديث لذلك.
ولفت إلى أن إنكار البيان يعني إنكار للمبين، والقرآن يقول «وأنزلنا إليك الذكر لتبين»، النبي عليه الصلاة والسلام وظيفته أن يبلغ القرآن ويبينه، فالقرآن فيه مجملات وعمومات ومطلقات لأنه كتاب معجز، فتأتي السنة تبين هذه القيود وتبين هذه الإطلاقات.
لماذا يرفض القرآنيون السنة؟
قال إن بعض الناس يقولون إن القرآنيين جماعة متآمرة على الدين وجماعة ممولة، مشيرًا إلى أنه لا يميل لهذه الاتهامات، ولكن دوافعهم الظاهرة أمرين، أن بعض الآيات يستمسكون بظواهرها والبعض الآخر شبهات على السنة.