محمد غالب يكتب: آن أوان جيل عصام عمر

محمد غالب

محمد غالب

كاتب صحفي

شاهدت فيلم إسماعيلية رايح جاى فى السينما، كانت تذكرته بداية لتعرفى على هذا العالم الساحر، أتذكر يومها جيداً مهما مرت السنوات وصدرت أحدث الأفلام وأجملها، حينها كنت طفلاً أضحك مع ضحكات الحضور، واختلس النظرات نحو الجماهير داخل القاعة التى امتلأت عن آخرها، وتابعت مندهشاً تفاعلهم وانفعالاتهم مع الأحداث. ٢٧ عاماً مضت وكأنها بالأمس ولم أكن أعلم قبل العرض، لماذا اختارت أسرتى فيلماً لمحمد فؤاد وهنيدى والنبوى لندخله ويكون أول فيلم أشاهده داخل قاعة سينما وبداية تعرفى عليها، بعدها أدركت أنه كان انطلاقة لجيل جديد صاعد أحبه الجمهور وتعلق بأفلامه.

من بعد إسماعيلية رايح جاى كان صعيدى فى الجامعة الأمريكية، عزز قوة الجيل السينمائى الصاعد بنجاحه الكبير وأكد على محبته وجماهيريته، والفيلم وقت عرضه كان حديث الناس فى الشوارع، وأحدث نقلة فى عالم الفن السابع على المستوى الجماهيرى داخل الوطن العربى، وخرجت أفلام بعدها لنجوم شباك من شباب أحبه الجمهور، جيل هنيدى والسقا وحلمى وأحمد عز وهانى سلامة وكريم عبدالعزيز ومحمد سعد وعلاء ولى الدين صاحب أيقونة فيلم الناظر والذى رحل فى عمر الـ٤٠ عاماً، بعد صدمة الوداع المفاجئ ولكن بقيت أفلامه وضحكته وذكراه.

كل ما مر من أحداث سينمائية جعلنى أتفهم جيداً قول أحمد السقا مع الإعلامية منى الشاذلى فى برنامج معكم: «محمد هنيدى صاحب فضل بعد ربنا على جيل كامل.. فهو رأس السهم التى عبرت وعبر وراءها جيلى».

بالفعل، فالجمهور أحب أعمالهم على مدار سنوات، ضحك على كوميديا هنيدى فى «همام فى أمستردام»، وعاش مع مغامرات السقا فى «أفريكانو»، ورومانسية هانى سلامة فى «السلم والتعبان»، وشاهد هانى رمزى فى «محامى خلع» بتوقيع وحيد حامد، واختلاف أحمد حلمى فى «آسف على الإزعاج».. وغيرها من الأفلام التى تعيش مهما مرت السنوات.

أحب الجمهور أيضاً بطلات الأفلام حينها مثل منى زكى، هند صبرى، وحنان ترك، غادة عادل ومنة شلبى وغيرهن. وما زال السهم الذى انطلق يعبر ويستمر، ولطلة فنانيه نفس المحبة عند الجمهور، وأفلامهم تحقق أعلى الإيرادات ومسلسلاتهم تلقى كبير النجاح. وما بين جيل هنيدى وزملائه، وجيل الكبار عادل إمام ونور الشريف وأحمد زكى ومحمود عبدالعزيز، ويحيى الفخرانى، ظهرت فى المنتصف مواهب مميزة ضمت محسن محيى الدين لكنها وياللأسف تخبطت بين توهة وسقوط وسوء اختيار واعتزال.

مرت السنوات، وفى عام ٢٠٠٦، تحديداً بعد ٩ سنوات من فيلم إسماعيلية رايح جاى، صدر فيلم أوقات فراغ من بطولة ثلاثة وجوة جديدة حينها، وهم أحمد حاتم، عمرو عابد وكريم قاسم، ولاقى نجاحاً كبيراً، على الرغم من منافسته لعدد من الأفلام المميزة التى صدرت فى نفس العام لنجوم أصحاب جماهيرية كبيرة، مثل أحمد حلمى بطل فيلمى جعلتنى مجرماً وظرف طارق، فيلم حليم بطولة أحمد زكى، خيانة مشروعة من بطولة هانى سلامة، وعمارة يعقوبيان لعادل إمام ونور الشريف، بالإضافة إلى فيلم فى محطة مصر من بطولة كريم عبدالعزيز ومنة شلبى، وعن العشق والهوى وبطله أحمد السقا.. وغيرها. واستمرت محاولات أبطال أوقات فراغ بعدها فى أفلام مثل «الماجيك» و«إيه يو سى» وغيرها ولكنها لم تلق الإقبال الجماهيرى المتوقع.

فلماذا يصعد فنانون نحو القمة ويختفى آخرون؟ وما مقاييس النجاح فى السينما والدراما؟

كل ما هنالك أن عوامل نجاح النجم دائماً معقدة، يجتهد الممثل، يختار سيناريو جيداً، ويشارك مع أهم المخرجين والكتاب، ولكن الجمهور فى النهاية هو المقياس وصاحب النتيجة والتقييم. هو الذى يختار ويحب ويشعر.

وأرى أن الجمهور أحب واختار وقرر تقديم الثقة والدعم لجيل شاب جديد، بعد ملاحظة وجود محبة واضحة وشديدة لعصام عمر بطل مسلسل بالطو، الذى عرض على منصة watch it، العام الماضى، وكأنه بداية انطلاق «عمر»، والتى بدأت ببالطو، وتتأكد بمسار إجبارى الذى نافس كبار النجوم فى الموسم الرمضانى، ورأيت خلال أحداثه محبة واضحة لأبطاله، وكلام قيل من الناس فى الشوارع وكتب بصدق على منصات السوشيال ميديا عن تعلق واحترام الجمهور لعصام عمر الذى يلقى قبولاً شديداً، ولديه طاقة كبيرة وطلة أحبها المشاهد، الذى آمن بموهبة بطله. كما أن المشارك فى بطولة المسلسل أحمد داش صاحب موهبة كبيرة وخبرات طويلة فى السينما والدراما على الرغم من صغر سنه.

ومن نفس الجيل.. أكد نور النبوى محبة الجمهور للوجوه المنطلقة الموهوبة، بعد النجاح الساحق لفيلم الحريفة من بطولته هو وعدد من الشباب الموهوب وتحقيقهم إيرادات تجاوزت الـ٥٥ مليون جنيه.. كما أثبت «نور» موهبته ومحبة الجمهور له فى مسلسل إمبراطورية ميم.

وأيضاً طه دسوقى، الذى تألق فى أعمال مختلفة بينها حالة خاصة، الذى تصدر التريند وقت عرضه، وشبهه البعض بالفنان عادل إمام فى بداياته، بالإضافة إلى أحمد مالك باختياراته الذكية على الرغم من قلة ظهوره. بين جيل وآخر، وبعد سنوات آن الأوان لعصام عمر ورفاقه أن يتسلموا الراية وأن تستمر معهم الحكايات لينطلقوا ويبدعوا فى أعمال سينمائية ودرامية أساسها الموهبة والاجتهاد والقبول وحب الجمهور.