عندما ينطلق مدفع رمضان

رفعت رشاد

رفعت رشاد

كاتب صحفي

عندما ينطلق مدفع رمضان وقت آذان المغرب ينطلق الصائمون أيضا لالتهام طعامهم وشرابهم . في هذا الوقت يتوقف كل نشاط ولا يكون هناك من يمارس عملا .. إلا قليلا . ينهمك الناس على الموائد والطبليات وفي موائد الرحمن يشربون ويأكلون ما عدا بعضهم , شاءت ظروف عملهم ألا يتناولوا إفطارهم في بيوتهم أو على موائد . إنما يأكلون وهم يعملون . 

هل تتوقف القطارات عن العمل في وقت الإفطار ؟ لا تتوقف القطارات , تظل في سيرها المعتاد تقطع المسافات ولا ينزل السائق أو محصل تذاكر القطار لتناول الإفطار في محطة ما أو عند قرية ما , إنما يمارس الجميع عمله في القطار وهم يتناولون إفطارهم مهما كان نوعه وشكله . يمكن أن يستمر سائق القطار أو المحصل على هذا الحال غالبية أيام الشهر , لكن هيئة السكة الحديد تراعي ترتيب الأجازات بما يسمح لك فرد من العاملين فيها أن يقضي وقتا لتناول الإفطار والسحور في بيته ومع عائلته .

ينطبق الأمر على سائق المترو , فالمترو لا يتوقف أثناء موعد الإفطار ويطل السائق في كابينته يقود المترو لكي يصل الناس إلى بيوتهم , بينما يتناول السائق ما تيسر من الشراب والطعام . وما ينطبق على السائق ينطبق على العاملين في محطات المترو من صرافي التذاكر والحراسة وغيرهم ممن يتواصل عملهم بدون انقطاع . واللافت أن بعض المواطنين يصعدون إلى المترو في طريقهم إلى مبتغاهم بينما يحملون كيس بلح أو ما توفر منه وعندما يحين موعد الآذان نجد هذا الشخص يوزع ما ليده على ركاب العربة التي يستقلها , وربما يكون نصيب الفرد بلحة واحدة أو أكثر لكن مشاركة الآخرين الإفطار بهذا الشكل تنشر مشاعر الود والإخاء بين الركاب .

لو تصادف أن كنت تسير في أحد الشوارع وقت الإطار ستجد أن هناك أكثر من مائدة إفطار نظمها شخص أو أكثر من أهالي المكان الذي تمر به , من يمر بالقرب من المائدة في هذا الوقت يجد صعوبة كبيرة لكي يفلت من أيدي منظمي المائدة الذين يصممون على دعوتك للإفطار على مائدتهم العامرة باللحوم بأنواعها والمشروبات والحلويات . هؤلاء المنظمون لا يتناولون إفطارهم إلا بعد أن ينتهي كل فرد من الجالسين على الموائد من تناول إفطاره وهم يمارسون هذا التقليد بكل حب ويشعرون بانهم يقومون بعمل خير وتكافل حض عليه الدين والأخلاق .

العديد من المهن التي لا يتمكن أصحابها من الإطار دوما على موائدهم في بيوتهم وبين أهلهم , منهم الأطباء في المستشفيات العامة وأطقم التمريض , ومنهم رجال الإسعاف , ومنهم رجال الشرطة الذي بالتأكيد لا يتركون الأقسام , وكذلك العاملون بالمطارات , وحراس المباني الرسمية والبنكية . كل هؤلاء تعودوا على الإفطار في مواقعهم , وينتظرون بفارغ الصبر فرصة الأجازات لكي ينعموا بإفطار بين أحبتهم في العائلة وفي البيوت .