زيادة حدة الخلافات بين «بايدن ونتنياهو»

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

لا ينسي الإسرائيليون أن الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" فعل كل شيء لصالح إسرائيل ، فهو أول رئيس أمريكي يعترف بـ "القدس" عاصمة لإسرائيل ، كما أنه حرص على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ، وإعترف أيضا بالسيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية والجولان المحتلة ، لدرجة أن "ترامب" قال فى إحدى مؤتمراته الصحفية نصاً : ما مِن رئيس أمريكي ساعد إسرائيل بِقدر ما فعلت أنا 

 

.. لذلك حينما جاء "بايدن" وتولى رئاسة أمريكا عمل على تقديم كل يد العون والمساعدة لإسرائيل ، ومُنذ أحداث السابع من أكتوبر الماضية والرئيس الأمريكى "بايدن" يفعل الكثير لإرضاء إسرائيل ، فقد تجاوز إختصاص الكونجرس ( ٥ ) مرات وأرسل مساعدات عسكرية ومالية ، وحضر إجتماعات مجلس الحرب الإسرائيلي ، وإستخدم حق الفيتو فى مجلس الأمن عِدة مرات لحماية إسرائيل وعدم إدانتها

 

.. لكن خلال الفترة القليلة الماضية ظهرت الخلافات بين "بايدن" و "نتنياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي وزادت حِدتها ، فخرج "بايدن" وقال نصاً : إن هناك ( ٣٠ ) ألف قتيل _ بحسب تصريحاته _ فى غزة معظمهم من الأطفال والنساء وإقتحام رفح خط أحمر .. كمان أن كبار المسئولين الأمريكان إنتقدوا تصميم "نتنياهو" على إقتحام رفح بداية من أنتوني بلينكن وزير الخارجية ولويد أوستن وزير الدفاع وجاك سوليفان مستشار الأمن القومى وجون كيربي مُنسق الإتصال بمجلس الأمن القومى الأمريكي ، لكن التصريحات الأخيرة الصادرة من "كامالا هاريس" نائبة الرئيس الأمريكي كانت بمثابة ضربة قاضية للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية والتى قالت فيها : إن إقتحام رفح مرفوض ولا أستبعد أن تكون هناك عواقب أمريكية على إسرائيل

 

.. كل هذه الضغوط الأمريكية الرسمية لا تختلف عن الضغوط التى مارسها عدد من كبار قادة الكونجرس المنتمين للحزب الديموقراطي الموالى للرئيس "بايدن" ومنهم "كريس كونز" الذى قال : إن إقتحام رفح غير قابل للتنفيذ على الإطلاق ومن الصعب تَقبُل ذلك الأمر ، و "تشاك شومر" زعيم الأغلبية فى مجلس النواب" الذى حذر "نتنياهو" ودعا لإنتخابات مُبكرة فى إسرائيل وضرورة تخلي "نتنياهو" عن وزراء متطرفين فى حكومته وقال : إن نتنياهو يمشى خلف آراء الوزراء المتطرفون فى حكومته .. كل هذا يؤكد لنا أن أمريكا بصدد إتخاذ خطوات تصعيدية مُتدرجة ضد "نتنياهو" بسبب تصميمه على إقتحام رفح وقد تصل بنا هذه الخطوات فى نهاية المطاف لدعم رحيل نتنياهو وحكومته

 

.. وقد جاءت تصريحات أنطونيو جوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة بمثابة عامل ضغط كبير على أمريكا وإسرائيل معاً والتى قال فيها نصاً : إن إمريكا لديها قدرة خاصة للضغط على إسرائيل لمنع إقتحام رفح .. وقد إعتبر الإسرائيليون أن إمتناع أمريكا عن إستخدام الفيتو ضد قرار وقف إطلاق النار فى غزة بمثابة تخلي أمريكا عن الدفاع عن إسرائيل ، ليس هذا فقط بل إعتبروا القرار غير مُلزم وهو مُجرد توجيه أو موقف من الأمم المتحدة حيال الأزمة فقط .. لكن "نتنياهو" رد على "بايدن" وقرر عدم إرسال إثنين من كبار مستشاريه إلى واشنطن وهما ( وزير الشئون الإستراتيجية رون ديرمر _ مستشار الأمن القومى تساحى هنجبي ) والذى كان مُقرراً لهما أن يلتقيا بـ "جاك سوليفان" مستشار الأمن القومى الأمريكى لمناقشة بدائل إقتحام رفح

 

.. المسئولون الأمريكان والرأى العام الأمريكى أصابهم صدمة كبرى من تعامل "نتنياهو" الغير مسئول بعد أن قدمت أمريكا كل هذا الدعم _ العسكرى والدبلوماسي والمالي _ لإسرائيل ، لكن التسريبات الأخيرة والتى نشرتها الصحف الأمريكية نقلاً عن مسئولين أمريكان كبار تقول : إن إجراء إتصال تليفونى بين ( بايدن ونتنياهو ) ليس على جدول أعمال "بايدن" فى الوقت الحالي

 

.. والسؤال هو : على ماذا يُراهن "نتنياهو" ؟ بالتأكيد يراهن على الإنتخابات الأمريكية وإمكانية نجاح "ترامب" فيها ، خاصة وهو الذى قدم دعماً غير مسبوقاً لإسرائيل خلال فترة توليه الرئاسة ، وما يُدعم ذلك التوجه هو التزايُد الملحوظ فى شعبية "ترامب" بطريقة مُلفتة