«تراويح على الأنقاض».. أهل غزة يصلون القيام تحت أصوات القصف

«تراويح على الأنقاض».. أهل غزة يصلون القيام تحت أصوات القصف
فوق أنقاض مسجد الفاروق المدمر، الذى ساوته صواريخ وقذائف قوات الاحتلال الإسرائيلى بالأرض، يقف عشرات الفلسطينيين من سكان رفح والنازحين إلى المدينة الصغيرة الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة فى صفوف متساوية لأداء صلاة التراويح، بينما تغطى الأرض الترابية المليئة بركام المنازل المقصوفة سجادات الصلاة والأقمشة وبعض من قطع الملابس التى لجأ إليها الفلسطينيون للسجود.
فيما تعلوهم عدد من المصابيح الملونة بأضواء خافتة كانوا قد اعتادوا وضعها على المساجد والمنازل والمحال التجارية بالتزامن مع حلول شهر رمضان الكريم فى الأعوام الماضية، ومن بين أصوات القصف العنيف الذى يزلزل الأرض من تحت أقدام المصلين تتزاحم أصوات الصواريخ مع تلاوة الإمام لآيات القرآن الكريم من سورة إبراهيم: «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ»، تترسخ أقدام الرجال والأطفال على الأرض رغم الغارات الجوية التى تشنها طائرات الاحتلال الإسرائيلى على القطاع منذ ما يزيد على 5 أشهر. «فى السنة اللى فاتت كنا نصلى التراويح فى الجوامع التى كانت أصوات قارئيها تصل إلى كل غزة، وبعد الصلاة نجلس فى حلقات تلاوة للقرآن الكريم وذكر الله، لكن الاحتلال حرمنا من حياتنا ومسح كل شىء هنا»، كلمات وصف بها ناجى محمد، شاب ثلاثينى نازح من مخيم الشاطئ غربى غزة إلى الجنوب، بعدما استهدفت المدفعية الإسرائيلية الثقيلة منزله ودكت الصواريخ الحارة المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إلا أن حب الحياة فى قلوب الغزاويين ما زالت حاضرة رغم مشاهد القتل والتنكيل والدمار التى لا تزال مستمرة.
وحول الحرص على أداء صلاة القيام وسط مخاطر من الاستهدافات الإسرائيلية يقول «ناجى»: «صلاة التراويح هى اللى بتحسسنا بقدوم رمضان، كل شىء راح سواء بشر أو حجر، ومفيش أى مظاهر للشهر الكريم، ومش باقى غير الصلاة، وهى اللى بتصبرنا على اللى بيصير فينا، وقدرنا الحمد لله نقيم كل الصلوات فى جماعة رغم تدمير كل المساجد فى المدينة»، فيما تتخذ السيدات ساتراً للصلاة، ويتابع: «حتى لو استشهدنا هنكون وإحنا ساجدين ومفيش أحسن من هيك نهاية».