عادل إمام.. لماذا خلّد زكي جمعة؟
- البنك المركزي الأوروبي
- تبييض أموال
- حول العالم
- رئيس مصر
- عملة افتراضية
- فرض ضرائب
- فرض ضريبة
- أحكام
- أداة
- أشخاص
- البنك المركزي الأوروبي
- تبييض أموال
- حول العالم
- رئيس مصر
- عملة افتراضية
- فرض ضرائب
- فرض ضريبة
- أحكام
- أداة
- أشخاص
عرضت القناة الوثائقية المصرية ندوة قديمة للفنان عادل إمام بمعرض الكتاب، قدمها الراحل سمير سرحان عام 2000، حملت الندوة برأيى بعض أسرار جلوس الزعيم على القمة منذ السبعينات حتى تقاعد إجبارياً عن البطولة بفرمان الزمن، وأعلن ولداه اعتزاله منذ أسابيع.
حوّل عادل إمام الندوة لحالة «مسرحة» متكاملة تكسب إجاباته إشادة فورية، من الجمهور تصفيقاً وضحكاً، ويخرج خطابه ناعماً متماسكاً عاكساً لوعى ثاقب، دون تثاقف أو ادعاء للمعرفة.
عكس الخطاب دور الفنان ووعيه، ومشوار حياته، ونظرته للتنوير والمال، والشهرة وكثير من النقاط المفصلية التى قد تعرقل مسيرة الفنان وتنهيه، أو يمثل تعامله معها منهجاً للسطوع الدائم.
حين تحدث مثلاً عن المال قال إنه جلس عامين بلا مليم واحد دخل بيته بعد فترة نجاح لافت فى الإذاعة والسينما «نسيونى بس كنت باحب شغلى»، «كنت أختار وأرفض، لكن اختياراتى عادت علىَّ فى وقت متأخر بعائد ضخم»... «أحصل على أعلى أجر فى السينما.. لكن أذهب بالمال لزوجتى ولا أتعامل معه».
ألا تذكرك هذه الاجابات بحالة شبيهة.. حين خفت توزيع نجيب محفوظ فى النصف الأول من الثمانينات، وبدا للجميع أنه يستعد للغروب، ثم جاءت نوبل لتنير مشروعه الضخم وتنتزع اعترافاً عالمياً.. وما بين الغروب وإعادة الإشراق.. تظهر «فلسفة الواجب».. أن أعمل ما أحب بضمير ووعى، وتأتى النتائج وقت ما تأتى، ثم يكون المال ملمحاً من ملامح الاعتراف وتنقية للاختيارات لا طريقاً لتخريب المشروع. والإيمان بأن النجومية فى أبسط تعريفاتها امتلاك القدرة على أن تقول لا. فالمال فى وعى الزعيم ليس رزقاً هابطاً بلا حسابات على ما اعتاد التواكليون من المضحكين الجدد ترديده منذ عشرين عاماً حتى قَدِم الجديد وما عاد يضحك، أو ما يردده ناشئو الكوميديا أصحاب الوعى البدائى الشعبوى المحافظ ممن ينسحقون أمام المال أو شهرة فنان أجنبى.
داعبه أحد الحضور فى ندوة المعرض وذكّره بنشأة عائلته فى قرية بالمنصورة، وسؤاله عما فعل للمنصورة وأهلها.. وعى الفنان دفعه للقفز على «المناطقية» والتفاخر القبلى، بالقول: أقدم فنى لكل مصر والعرب، وقدمت عرضاً بالكامل لصالح مركز الكلى بالمدينة بلغ وقتها 400 ألف جنيه. وهو الفنان الشجاع الذى تصدى للإرهاب فى ذروة الصحوة، وفى قلب أسيوط، بعرض مسرحى محفوف بالخطر والمدرك لقيمة الفنان وبُعده الإقليمى والعربى، ويدرك قيمة نفسه.
لم يمشِ الزعيم مشواراً ملائكياً، بلا أخطاء، لكن الفرق أن وعيه أدار أخطاءه، لم يترك عقله للصدفة، فى خطواته الأولى بمسرح كلية الزراعة كان يدرك محدودية قدراته الجسدية والشكلية، بل تهكم على نفسه بتنمر ذاتى، كشاب غير وسيم، لكن عقله والتقاطه للمفارقة، وثّقا إيمانه بنفسه، وحين تحدث عن «زكى جمعة» الإفيه الأشهر بمدرسة المشاغبين، قال إن محمد زكى جمعة سبقه بأربع سنوات كقائد لفريق التمثيل بالكلية، كان شاباً يجيد القراءة، ويتذوق باحتراف الموسيقى الكلاسيك، وقارئاً للتراث المسرحى والنقدى، ومُلماً بالسياق الثقافى والسياسى والاجتماعى فى زمنه».. وهكذا أيضاً مشى الزعيم على الدرب.
فى مقطع عابر لـ«الريلز» منذ سنوات تهكم عادل إمام فى حفل لتكريمه، قال: «إننى لا أريد أن أقول كلاماً كبيراً عن دور الفن الطليعى، وكيف تحرك الفنون الشعوب، أو أتكلم عن الدراما.. وشكسبير و......» استكمل الحديث بتهكم جسدى ولفظى واضح استدعى الضحك بشدة.. لكن المدقق فى النص المتهَكم عليه يكتشف نصاً متماسكاً جاداً، لن يردده إلا قارئ هاضم للثقافة، وربما لو قرأته مكتوباً لن تكتشف أنه تهكم. هذه بعض أسرار خلود الزعيم.. يتهكم على المعرفة بمعرفة. لتصل أنه يهاجم الجمود لا المعرفة.. التثاقف لا الثقافة.. الخرافة لا الدين.. الأدلجة لا الفن.