«مجاعة فِعلية» في غزة

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

تصريحات مأساوية تلك التى أدلى بها «أسامة حمدان - مسئول العلاقات الدولية بحركة حماس» أمس الأول، تصريحات أصابتنا جميعاً بصدمة وجعلتنا نبكى على العدالة التى ترنحت والمبادئ الدولية التى انتُهكت والقيم الإنسانية التى دُفنت فى التراب بلا عودة، تصريحات مَست قلوبنا وأيقظت مشاعرنا وكشفت لنا عن حجم الألم التى ينتاب الأشقاء فى غزة.

«حمدان» قال نصاً: أهالى قطاع غزة يواجهون كارثة إنسانية بمعنى الكلمة فى ظل نقص مقومات الحياة، وهو ما ينذر بارتفاع عدد الضحايا والمصابين بشكل كبير، فمن لم يمُت بالقتل أو القنص أو الحرق سيموت بالجوع والعطش والمرض، وأُطالب «سيجريد كاج» - السياسية الهولندية - مُنسقة الأمم المتحدة للإشراف على شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة والتى تسلَّمت مهامها يوم الاثنين الماضى بتحرُك عاجل وعمل جاد ينهى معاناة كل الفلسطينيين النازحين فى قطاع غزة.

وألا تخضع لكل ضغوط الاحتلال وإملاءات ممن يُقدمون الدعم للاحتلال بتعطيل المهام الإنسانية فى القطاع، وأن تسعى بشكل عاجل إلى العمل على تدفُق المساعدات المطلوبة للقطاع، خاصة مناطق الشمال التى وصلت إلى حد «المجاعة الفعلية»، وأن تسعى إلى تسهيل دخول الوقود إلى المستشفيات والمخابز ومحطات المياه والصرف الصحى، وأن تعمل على تشغيل مراكز العمل المدنى التى دمرها الاحتلال).قالها «أسامة حمدان» إنها (مجاعة فِعلية فى غزة).

يا الله.. لم يعد هناك أى مصداقية للمنظمات الحقوقية الدولية فقد اختفت بياناتهم بعد أن كانوا يقلبون الدنيا ولا يُقعدونها عن تعرض مواطن للتعذيب أو حبس سياسى أو التنكيل بإعلامى والآن أغمضوا عيونهم عن التنكيل بشعب بأكمله وقتل وتشريد شعب بأكمله، لم يرتجف لهم رِمش بعد انتشار (المجاعة الفِعلية) التى انتشرت فى قطاع غزة، انتشرت الخيام فى جنوب غزة.

والآن يتسابق الأهالى على الحصول على خيمة ليُقيموا فيها وتمنع عنهم البرد الشديد فى الطقس القارس البرودة، بعض الرجال اضطر للخروج من الخيمة ليتيح الفرصة للسيدات لكى يتسترن فيها ولو لساعات قليلة، إنها مأساة حقيقية والمسئول الأول عنها الاحتلال الذى لا يرحم.فى الحقيقة، القوى الدولية لم تعُد تهتم بما يحدث فى غزة من خراب ودمار وهوان ومجاعة.

اعتادوا على رؤية مشاهد الهدم والتشريد وانهيار المنازل، والجميع يعلم -تمام العِلم- بأن قرار وقف الحرب فى يد الولايات المتحدة الأمريكية، لكن بيان أمس الصادر عن البيت الأبيض قال نصاً: لا إيقاف لإطلاق النار فى غزة.. ما كل هذا البطش؟ ما كل هذا الجبروت؟ ما كل هذا الشر؟ هل تريدون استمرار قتل الأطفال؟

الوضع الداخلى فى أمريكا يُؤكد حدوث تصدُع فى علاقة جو بايدن -الرئيس الأمريكى- بالرأى العام الداخلى فى كل الولايات، فالمظاهرات زادت والرأى العام غاضب والمعارضة غير راضية عن كل هذه الجرائم، بالتأكيد فإن أمريكا فَقدت الكثير من مصداقيتها منذ (٧ أكتوبر) وحتى الآن، فقدت أمريكا عدالتها وأشياء أخرى وسيكون كل هذا عاملاً مؤثراً جداً فى انتخابات الرئاسة فى نوفمبر القادمالوضع الداخلى فى إسرائيل غير مُبشر.

فالانقسامات تضرب الكنيست، والمُشاحنات تضرب الحكومة، والشارع الإسرائيلى يغلى من جرَّاء عدم الإفراج عن الرهائن والأسرى، ونسبة نزوح الإسرائيليين للخارج ارتفعت، وانهارت السياحة والبورصة وأُغلقت المصانع وارتفعت معدلات البطالة بدرجة غير مسبوقة وتزايدت أعداد الشباب الذى يطلبون إعانة البطالة.

كل هذا يمثل عبئاً كبيراً على الاقتصاد الإسرائيلى الذى على وشك الانهيار، إضافة إلى ارتفاع مُعدلات الإنفاق العسكرىما يهمنا هنا فى المقام الأول ضرورة وقف إطلاق النار حتى يتم البدء فى إغاثة أهالى غزة الذين يعانون من الجوع والمرض والتشريد ولا يجدون الطعام والشراب والدواء والوقود.