"الوطن" فى "أبومناع".. أول قرية سقطت فى قبضة "النصاب"
لا حديث لأهالى قرية «أبومناع بحرى» سوى عن «المستريح» والأموال التى جمعها منهم ونصبه عليهم، وأخبار القبض عليه، فهى أول قرية شهدت نشاط المستريح، وأهلها هم أول ضحاياه، بواسطة مندوبى «المستريح» من أقاربهم. ويبلغ عدد سكان القرية نحو 50 ألف شخص جميعهم من العرب وعائلات أخرى، وتبعد عن مركز دشنا ما يقرب من 6 كيلومترات، والمدخل الرئيسى الخاص بها قريب من الطريق الزراعى القاهرة - أسوان، وفى المقابل لها تقع قرية الصبريات.
داخل مندرة مساحتها لا تتجاوز 100 متر، اجتمع العشرات من أهالى قرية أبومناع بحرى، وتبدو عليهم علامات الخجل من الحديث عن عملية النصب، خوفاً من أن يتهمهم الناس بالطمع والجشع، ثم رووا تفاصيل الحكاية، وقال أحدهم: اشترينا سمك فى الميه زى اللى اشترى العتبة الخضرا، وأولادنا ساعدوا الغريب علشان ينصب علينا، الحكاية بدأت من 20 شهراً تقريباً فوجئنا بـ55 شاباً من جميع عائلات القرية وقبائلها يتحدثون عن إنشاء بنك صغير لاستثمار الأموال باسم شخص يُدعى أحمد مصطفى، ويعمل فى استثمار كروت الشحن وتجارة المواشى، وإنشاء المصانع وتجارة السيارات، وأضاف الأهالى أنهم فوجئوا بوجود ذلك الشخص بالقرية والاجتماع مع مندوبيه من حين لآخر، ويوزع الأموال عليهم، فحضر إلينا المندوبون من أقاربنا الذين تربطنا بهم علاقة قرب «ولاد عم ونسب» يروون لنا تفاصيل الاستثمار، ويقولون فلان الفلانى قبض 11 ألف جنيه مقابل إنه حط 100 ألف عند أحمد المستريح، ده راجل عنده فلوسات كتير حتى ولاد الوكيل وهوارة مشاركينه وكان بيشتغل عنديهم، وخلال شهرين تقريباً فوجئنا بأهالى القرية يتسلمون الأموال من المستريح ومندوبيه.[FirstQuote]
وأكد الضحايا، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أن كل مندوب من 55 مندوباً جمع ما يقرب من 5 إلى 15 مليون جنيه من كل عائلة، والأهالى قاموا ببيع ورهن أراضيهم والسيدات بعن مشغولاتهن الذهبية. وأضافوا أن سيدة تقيم فى المنطقة «البحرية» من القرية شاركت المندوبين فى جمع الأموال، واستغلت طيبة السيدات وبدأت تقنعهن ببيع مشغولاتهن الذهبية، وجزء من الإرث بالنسبة للأرامل والفتيات بالإضافة إلى أطباء وموظفات، وقالت إن عدد ضحاياها من النساء تجاوز 25 امرأة من كل عائلة.
وبعد مرور 8 أشهر من اكتشاف استثمار «المستريح» بدأ أهالى القرية صرف الأموال بطريقة غير مسبوقة لشراء الفاكهة واللحوم، وعلى حد تعبيرهم قالوا «عشنا أيام عز»، لكن فى بداية شهر نوفمبر الماضى امتنع «المستريح» ومندوبوه عن دفع الأرباح للأهالى، فتجمع عشرات منهم على جسر القرية وطالبوا المندوبين برد أموالهم، وقالوا: «فوجئنا بالمندوبين يقولون إن أموالنا لدى المستريح وهو من أخذها، ولديكم شيك بقيمة المبالغ الخاصة بكم، فتوجهنا إلى مقر الشركة بشارع محيى الدين أبوالعز بالمهندسين، وعقب دخولنا الشركة شاهدنا فتاة تجلس فى مكتب الدخول بالشركة لتسجيل الأسماء، وعندما سألنا عن «المستريح» أكدت أنه فى «مأمورية عمل»، ولم يغادر الأهالى المكتب حتى حضر «المستريح» ووقعت مشادة كلامية، ثم حضر شخص يدعى حسن الأشقر، وزعم أنه مستشار، ويعمل بمنصب عالٍ بالدولة، وبعد مرور ساعات من الحديث معه وقعت المشادات مرة أخرى بسبب قيام مزارع بالتعدى على «المستريح»، وطالبه برد مبلغ 600 ألف جنيه قيمة رهنية الأرض والمنزل، واكتشفنا أن المستشار ليس سوى شخص نصاب لا يعمل، وحاصل على ليسانس حقوق.[SecondImage]
وكشف الأهالى أن «المستريح» كان يعمل خادماً لدى عائلة هوارة فى قرية «أبومناع» وبدأ الاستثمار معهم، وكان شريكاً لآخرين من العائلات الكبرى، مثل حسين الوكيل وشقيقه فيصل، وشخص يدعى محمود رأفت فؤاد وآخر يدعى صلاح أبوالشيخ، وجميعهم تسلموا مبالغهم المالية، وبعد افتضاح عملية النصب وكشف الخبايا علمنا أن المندوبين اشتركوا مع المستريح وأصحابه فى النصب على المواطنين وأهالى القرى المجاورة واستولوا على ما يقرب من 150 مليون جنيه من أهالى القرية والنجوع المجاورة.
وأثناء حديثنا مع بعض الأهالى كشفوا أنه بسبب «المستريح» حدثت خلافات عائلية فى العديد من الأسر وصلت إلى حد الطرد من المنزل والطلاق عندما علم بعض الأزواج بأن زوجاتهم بعن مشغولاتهن الذهبية ووضعنها لدى «المستريح»، كما فوجئ أهالى عدد من العاملين بالسعودية ودول عربية بأن أبناءهم أرسلوا المبالغ المالية إلى مندوبى المستريح بدون علمهم.
ولم يخف الأهالى حالة الفرحة التى انتابتهم عندما سمعوا خبر إلقاء القبض على «المستريح»، وقالوا: «الحكومة هتجيب لنا حقنا»، فيما رد عليهم أحد كبار العائلات من الشباب قائلاً: «طمعكم خرب بيوتكم وخلى الناس تضحك عليكم اشتريتوا سمك فى ميه حتى شيكاتكم مضروبة ومش حقيقية»، فأجابه الضحايا بالقول: «يابويا بتضحك علينا ليه الهم مش طايلنا لوحدنا واللى كان بيخبى إنه بيستثمر وجعه على فلوسه خلاه عريان وكشف البلد كلها».