غزة فتحت الملف
يتابع العالم أجمع، ولأول مرة فى تاريخ الصراع الإسرائيلى - العربى، ما يحدث فى قطاع غزة، حيث تقوم إسرائيل للشهر الثالث على التوالى، بأشرس حرب بين دولة نووية ومدنيين فلسطينيين، بدعوى مواجهة «إرهاب منظمة حماس»، وكأن الجيش الإسرائيلى الذى لم يتوقف أبداً عن اعتداءاته ضد الدول العربية، قد اكتشف أن الأطفال والنساء وكبار السن أعضاء نشطون فى المنظمة، وأراد بذلك أن يبرّر دماراً وحشياً وهدم أحياء بكاملها، تحت سمع وبصر البشرية كلها، والتى فتحت الحرب الوحشية أمام أعينها، ملف شعب عانى وما زال من ظلم فادح بقرار بريطانى ظالم وخبيث «إعطاء أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض».. فأولاً أفاقت غزة العقول بصدد هذه الأكذوبة الفادحة، واكتشف المخدوعون أن الفلسطينيين تعرّضوا، وما زالوا، لأفدح ظلم فى التاريخ، بطردهم من ديارهم، وتعرّضهم لمآسٍ يومية على أيدى الدولة الصهيونية، بحماية أمريكية، باعتبار إسرائيل حاملة طائرات أمريكية فى الشرق الأوسط.
كما فضحت حرب غزة الادعاءات التى أطلقها أسياد إسرائيل، بأن يهود العالم عادوا إلى أرضهم بعد قرون عدة من التشرّد والاضطهاد، وهو فى حال تصديقه، لا ذنب لنا فيه، خاصة أصحاب الأرض الفلسطينيين، الذين حوّلهم العدوان الوحشى إلى لاجئين فى خيام، شاهدها الجميع خلال الحرب.. وكأننا لسنا أحفاد الذين كانوا على هذه الأرض، حتى قبل نزول الديانة اليهودية، وقد أدت مشاهد الوحشية الإسرائيلية إلى فضح الأكذوبة وغيرها الكثير مما زلزل الضمير العالمى، فاندلعت المظاهرات المندّدة بالوحشية الإسرائيلية، لأول مرة منذ إنشاء إسرائيل، فى العواصم الغربية، خاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية، الراعية الأولى للعدوان الإسرائيلى، لدرجة انخفاض شعبية الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى أدنى مستوى، وكذلك تدهور شعبية حزبه الديمقراطى.
والملاحظة الجديرة بالذكر قيام مظاهرات من اليهود فى عدة مدن عالمية، أدانت جرائم إسرائيل فى غزة، وأكدت أنهم ضد الصهيونية التى تتّخذ الديانة اليهودية ذريعة لارتكاب جرائمها بدعوى مناهضة الإرهاب ضدها.. فتحت أحداث غزة ملف الأكاذيب الصهيونية عيون المخدوعين بأكذوبة، بدعوى محاربة تطرّف منظمة حماس وكأن آلاف الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، وبينهم نسبة هائلة من الأطفال الرّضع، أعضاء فى منظمة حماس، وليس الشعب الفلسطينى كله الواقع تحت الاحتلال، فى الضفة الغربية وغزة، هو من يقاوم الاحتلال ووحشيته التى لم يشهد لها العالم مثيلاً.
أيضاً أعلن الكثير من الصهاينة أنهم يسعون لتهجير الفلسطينيين تهجيراً قسرياً إلى خارج وطنهم والاستيلاء على أراضى القطاع والضفة، وقد جرّبت حكومة نتنياهو الاستعانة بالضغط الأمريكى على مصر، وهالهم موقف الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى برفض هذا التهجير، وكذلك فوجئوا بالرفض القاطع ذاته أمام ما اعتبروه إغراءً يصعب رفضه بسبب الظروف الدولية الصعبة وانعكاساتها على مصر.. وكان فتح هذه الصفحة التى أسهمت فى فضح المخطط الشيطانى، وفى صمود الأشقاء فى غزة، فى تأكيد ثقة المصريين فى رئيسهم، كما أوضحت بجلاء الانتخابات الرئاسية خلال الشهر الحالى.. هذا بعض ما أوضحته الحرب ضد غزة وغيره الكثير، وهو ما يحمل على صدق التحليلات المحلية والعالمية، بأنها الصفحة الأولى فى سجل النهاية.