الشيعة والسنة وأوهام الخلافة والعصمة

عادل نعمان

عادل نعمان

كاتب صحفي

الشيعة تعنى الأنصار والعشيرة (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّه)، وارتبط مفهوم الشيعة بحب على بن أبى طالب، وابنيه من السيدة فاطمة الزهراء، الحسن والحسين، وأحقيتهم بالخلافة والإمامة عن غيرهم لأن الرسول أوصى بها فى قوله لعلى: «أنت منى بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبى بعدى». وقالوا عن خطبة الوداع إن الرسول قال: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبداً كتاب الله وعترتى» آل بيت النبى. أهل السنة يقولون: «وسنتى». بعد استشهاد عثمان بن عفان، انقسم المسلمون فرقاً، فرقة موالية لعلى (الشيعة)، وفرقة اعتزلت الخلاف؛ منهم عبدالله بن عمر، وسعد بن أبى وقاص. وفرقة خرجت على بيعة على؛ منهم طلحة والزبير وخرجا إلى البصرة لحربه، وفرقة خرجت لمعاوية فى الشام للانقضاض على الخلافة فى حينها. الشيعة الأوائل ناصروا علياً ضد طلحة والزبير والسيدة عائشة فى موقعة الجمل، لأنه ابن عم النبى وربيبه وأبو ذريته، وناصروه فى حربه ضد معاوية فى معركة صفين. خرج منهم الخوارج، وهم الذين خرجوا عليه، وكفّروه حين قبل التحكيم بينه وبين معاوية، وحجتهم أنه لا يحق للخليفة أن يحكم فى أمر حسمه الله، وخلعوا بيعته وكفّروه وقاتلهم وقتلوه. بعد مقتل على، تولى ابنه الحسن الخلافة، وأجرى صلحاً مع معاوية حقناً لدماء المسلمين، على أن يتولى معاوية الخلافة، وتئول له بعد موت معاوية، أو الحسين إذا مات. وعاد أهل بيت النبى، على رأسهم الحسن، إلى المدينة، وقتلته زوجته بوضعها السم له فى العسل بإيعاز من معاوية (كما قالوا)، تلتها مجزرة كربلاء، مات فيها الحسين وكثير من آل بيت النبى على يد جيوش يزيد بن معاوية. بعد مقتل الحسين أخذ فكر الشيعة مناحى عدة. ■ ذهبت فرقة «الكيسانية»، نسبة إلى المختار الكيسانى الذى دعا للإمامة، إلى «محمد بن النفيس» ابن على، وأمه «خولة بنت جعفر». ■ فرقة رأت الإمامة فى سبطى النبى، الحسن والحسين، وانقسموا فيما بينهم بين مؤيد للخلافة فى بيت الحسن، ومنهم مؤيد للخلافة فى بيت الحسين، واختُلف من فى بيت الحسين بين إمامة ابنه على زين العابدين، أو حفيده زيد بن على زين العابدين (الزيدية)، و«الإمامية» رأوا إمامة محمد الباقر بن على زين العابدين، «والعمارية» ذهبوا إلى إمامة محمد بن جعفر الصادق «والإسماعيلية» الى إسماعيل بن جعفر الصادق، وهكذا. ما هو الخلاف حول فكرة الإمامة؟ «أهل السنة» يرون الخلافة فى قريش لحديث الرسول: «الأئمة من قريش»، وقالوا: إن الرسول ترك الأمر للمسلمين، واستخلفوا أبا بكر وهو قرشى، وقالوا: «اختاره لديننا فاخترناه لدنيانا»، وقالوا: إن العصمة للنبى وليست فى غيره حتى بيت النبى ذاته. «الشيعة الزيدية» ترى أن الإمامة لاتكون إلا فى نسل الإمام على، لوجوب أن يكون الإمام أهل علم وطهارة، وهى موجودة فى القرآن «إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا». «الزيدية» ترى أن الأنبياء معصومون والأئمة ليسوا كذلك، لكنهم مهتدون، لا يقعون فى عظائم الأمور، وأن الله قد علمهم وأدبهم. «الشيعة الاثنا عشرية» تقول: إن الرسول قد أوصى بالخلافة صراحة للأئمة الاثنى عشر، يبدأون بعلى بن أبى طالب وتنتهى عند آخرهم المهدى المنتظر (محمد بن الحسن العسكرى)، وإنه قد اختفى فى سرداب فى بيته، مخافة القتل، وسيعود يوماً يقيم العدل بين العباد، ويرون أن الإمامة ركن أساسى من أركان الإسلام، تاركها كافر، أما عن العصمة: فهم معصومون عصمة الأنبياء. حول المهدى المنتظر يرى «أهل السنة» أن الله سيرسل إماماً عادلاً من آل بيت النبى، لقول الرسول «يبعث الله رجلاً منا يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً». «الزيدية» متفقون مع أهل السنة حول المهدى المنتظر، لكنه من نسل الحسن بن على، وليس محمد بن الحسن العسكرى كما قرر الشيعة الاثنا عشرية. أما عن الفصائل المغالية فى الشيعة، السبئية، على يد بن سبأ، والغرابية (أن تشابهاً كاملاً بين محمد وعلى)، والدروز، والإسماعيلية، والإباضية، والعلويين، فهذا يطول الحديث عنه ويجدون رفضاً من فصائل الشيعة الأخرى. أرأيتم يا سادة، الخلاف بين السنة والشيعة. هل الخلافة من قريش، أو فى بيت النبى، وهل فى بيت الحسن أو بيت الحسين؟ وهل النبى قد أوصى بها لعلى وأولاده؟ أم هل أوصى بها صراحة للاثنى عشر إماماً؟ وهل الإمام المنتظر من آل بيت النبى عامة؟ أم من نسل الحسين أو نسل الحسن؟ وهل الإمامة ركن من أركان الإسلام؟ وهل العصمة للنبى؟ وهل الأئمة معصومون عصمة الأنبياء أم مهديون هداية من الله دون عصمة؟ أيها المسلمون الأعزاء، من أهل الشيعة وأهل السنة، أرأيتم أن الخلاف لا يستوحب الشقاق؟ والأمر حُسم منذ قرون، ولن يجدى الصراع حول إمامة انقضى تاريخها وأوانها. وسواء خرجت من بيت على إلى بيت أبى بكر وضلت طريقها أو أصابته، أو عادت له وتصالح فيها على والحسن فلن يفيد هذا الأمر أو يضر. هل ندفع نحن المسلمين فى اليمن الآن فاتورة الصراع الأزلى بين مذهبين اختلفا حول أوهام الخلافة والإمامة.