سخونة «انتخابات الرئاسة» لم تأتِ من فراغ

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

الحراك السياسى الذى نُشاهده فى «مصر» -الآن- يدعونا للتأمل، فمُنذ ما يقرب من العام و«مصر» بها زخم سياسى لم تشهده من قبل، وتحديداً منذ بدء «الحوار الوطنى» الذى اشتركت فيه كل القوى السياسية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى والإعلاميين، فقد حضر الجميع بلا استثناء، كل من انتمى لجماعة تلوثت يدها بالدماء تم استبعاده.. ناقش المجتمعون فى «الحوار الوطنى» كل شىء، تَقَدمت الأحزاب برؤيتها وطَرح الجميع أفكاره ورؤاه، ساعات استماع مُطولة، لقاءات ونقاشات وجلسات استمرت حتى الساعات الأولى من الصباح

.. وبصراحة أقول: كانت جلسات نقاشية حامية، وتأكدنا أن الأحزاب المصرية لديها من الكوادر والخبرات الكثير ومن القِمَم العلمية القادرة على تقديم رؤيتها لخدمة الوطن الكثير ومن الشباب الدارس النابه الطامح للمشاركة الكثير ومن القادرين على المساهمة فى بناء الوطن الكثير.. وبنفس الصراحة أقول: كانت الأحزاب السياسية فى حاجة إلى هذه الدَّفعة التى ساعدتهم على إخراج كل ما لديهم من خبرات لتقديمها وعرضها للمناقشة على الفرقاء السياسيين، وكانت هذه الدفعة بمثابة عامل مساعد على زيادة النشاط الداخلى للأحزاب وهو ما نتج عنه وجود مرشحين لرئاسة الجمهورية من أبناء الأحزاب السياسية وهُم الآن يَعرِضون أنفسهم على الشعب المصرى من أجل نيل ثقته فى الانتخابات الرئاسية، وتزايُد نسبة المشاركة للمصريين بالخارج خير دليل على ذلك، فقد شاهدنا تزاحُمهم فى السفارات والقنصليات وتكدسهم للإدلاء بأصواتهم.

.. أما المشهد الانتخابى فى الداخل فحالة الحراك لم تشهدها «مصر» من قبل، فهناك مؤتمر انتخابى للدكتور عبدالسند يمامة، مرشح حزب الوفد، فى الخانكة وهو وسط أنصاره ومؤيديه، وهناك مؤتمر انتخابى لمرشح حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى فريد زهران فى الجيزة، وهناك مؤتمر انتخابى للمهندس حازم عمر، مرشح حزب الشعب الجمهورى، بحضور أعضاء مجلسى النواب والشورى وقيادات الحزب ومؤيديه، وفى نفس الوقت مؤتمر انتخابى للمرشح عبدالفتاح السيسى فى محافظة الغربية، وشاهدنا المرشحين فى كل القنوات الفضائية يعرضون برامجهم بكل حرية.. هذا -بالتحديد- هو الحراك السياسى الذى أقصده.

.. والثابت، أن ما يحدث فى «مصر» الآن يجعلنا نُدرِك أن المجتمع المصرى وصل لمرحلة كبيرة من الوعى بأهمية المشاركة فى الانتخابات، لأنها انتخابات تُجرى وسط تحديات كثيرة ومخاطر أكثر، وفى ظل مُحيط إقليمى مُتَقَلب وفى ظل أطماع دولية -لا تتوقف- فى أراضى وقرارات وثروات دول المنطقة.. حضر الشعب المصرى فى مظاهرات رفض التهجير ورفض تصفية القضية الفلسطينية، وحضر الشعب المصرى فى انتخابات الرئاسة بالخارج، وكل المؤشرات تؤكد لنا أن انتخابات الرئاسة فى الداخل ستكون أقوى فى نسبة المشاركة نتيجة توافر كل الأسباب التى تجعل الشعب يخرج للإدلاء بصوته ليقول للعالم بأن «شعب مصر» هو من يختار من يحكُمه، وهو الذى يُقرر مصيره بيده.. نعم، «مصر» تُجرى انتخابات الرئاسة فى ظل سخونة الأحداث الإقليمية، وهذا لو تعلمون عظيم.