ميزة المصريين عن بقية خلق الله
لا أهتم كثيراً بنسبة تصويت المصريين بالخارج فى الانتخابات الرئاسية، ولا يشغلنى أيضاً لمن ستذهب أصواتهم، فهم فى كل الأحوال بتوافدهم فى اليوم الأول على مقار البعثات الدبلوماسية المصرية قدموا أروع صورة يمكنهم تقديمها للعالم فى حب الوطن، لم ينغلقوا على ذواتهم، وأثبتوا أن هذا الحب فى وجدان كل مصرى -سواء كان فى الداخل أو الخارج- فرض عين وليس فرض كفاية.
حرص أبناء مصر فى الخارج على المشاركة بكثافة فى استحقاق الانتخابات الرئاسية، وسط كل هذه الأجواء الملبدة بالغيوم التى تخيم على سماء بلدهم الأم، يؤكد إيمانهم وقناعاتهم بإمكانية عبور كل الصعاب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والدليل مشاركتهم فى اختيار من يقود البلاد خلال الفترة المقبلة.
مشاهد نقلتها شاشات التليفزيون ذات دلالة واضحة وضوح الشمس، ولا يمكن إغفالها، فهذا كهل طاعن فى السن يتكئ على أذرع من حوله لصعود سلم المقر الانتخابى ليدلى بصوته، وهو على يقين أن صوته هذا يرسم ملامح مستقبل مصر، وآخر اصطحب أطفاله الصغار، ويعرف تماماً أنهم لن يصوتوا معه، لكنه فقط يغرس فى وجدانهم عشق الوطن، ويعمق فى نفوسهم معنى الانتماء له مهما باعدت المسافات بينه وبينهم.
المصريون فى الخارج قدموا أمام العالم كله ما يؤكد أنهم ليسوا بمعزل عما يواجه بلدهم الأم من تحديات، وأنهم إحدى أهم الأوراق الرابحة فى يد الرئيس القادم لتجاوز كل الصعاب والأزمات الحالية والمتوقعة.
المشاركة بالتصويت فى الانتخابات الرئاسية هذه المرة تبدو كفرصة ذهبية لتمتين أواصر الصلة بين المصريين بالخارج والوطن، ومناسبة وطنية نستمد منها العزيمة والإصرار والإرادة لتحقيق تطلعات شعبنا وآماله فى مستقبل أكثر إشراقاً، نضمن به للأجيال القادمة أن تحيا حياة كريمة فى وطن آمن ومستقر ومزدهر.
وقدر الجيل الحالى هو مواجهة تحديات لم يواجهها مجتمعة ومحملة بكل هذه التشابكات والتعقيدات فى أى حقبة زمنية مرت بها مصر من قبل، ولا نملك الآن إلا الاصطفاف الوطنى كأحد أهم أسلحة المواجهة، ومشاهد تصويت المصريين فى الخارج وهم على بعد آلاف الأميال عن الوطن، هى بلا شك أحد أبرز ملامح هذا الاصطفاف.
الثابت أن دولاً كثيرة فى العالم تدعو مواطنيها فى الخارج للمشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية، وتتحقق المشاهد نفسها التى نراها الآن فى الانتخابات الرئاسية المصرية، فهو حق للناخبين وواجبهم أيضاً، ولكننى أدعو الجميع لمراعاة فروق حب الأوطان الذى يميز المصريين عن بقية خلق الله.