هدنة «غزة» كسرت أنف «غالانت»
- الثروة الحيوانية
- الرئيس عبد الفتاح السيسى
- كفر الشيخ
- الثروة الحيوانية
- الرئيس عبد الفتاح السيسى
- كفر الشيخ
لم يساورنى أدنى شك بأن غزة ستنتصر عاجلاً أو آجلاً بصرف النظر عن حجم الدمار الذى خلفه الاحتلال الإسرائيلى، هذا اليقين لم يأتِ من فراغ فقد ارتكب الاحتلال الصهيونى آلاف المجازر منذ أن حط رحال إجرامه فى المنطقة قبل أكثر من 75 عاماً، ولم يستطع كسر شوكة المقاومة أو طمس الهوية الفلسطينية وقضيتها التى تمثل قلب الأمة النابض، وهو ما حدث مؤخراً بعد 45 يوماً من العدوان عقب عملية طوفان الأقصى.
الآن وقد وضعت الحرب أوزارها، ولو مؤقتاً، بعد توقيع هدنة بين المقاومة الفلسطينية ممثلة فى حركة حماس والجهاد الإسلامى، بوساطة مصرية قطرية، أستطيع القول إن غزة انتصرت، وكسرت شوكة الاحتلال الصهيونى ووزير دفاعه غالانت، ذلك المجرم الذى وصف الشعب الفلسطينى المرابط فى غزة بأنهم «حيوانات بشرية»، ولم يحقق شيئاً مما وعد به رغم آلة القتل التى يمتلكها وفوارق التسليح، وأمام هذا الفشل صوب بنك أهدافه تجاه الأطفال والنساء والمدنيين، سواء كانوا فى بيوتهم أو فى المستشفيات ودور العبادة، أو حتى أثناء نزوحهم من الشمال إلى الجنوب، لم يسلم أحد من إجرام الاحتلال الذى كان يحاول لملمة كرامته المبعثرة.
نحو 14 ألف شهيد و30 ألف مصاب خلفه الاعتداء الصهيونى على شعب فلسطين خاصة فى قطاع غزة خلال شهر ونصف الشهر منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر الماضى، لكن فى المقابل فإن المقاومة حصدت المئات من قتلى جنود الاحتلال وعتادهم المتطور، ولم تقف المكاسب عند هذا الحد، فقد حققت المقاومة نصراً معنوياً للقضية الفلسطينية على مستوى معركة الوعى خارج فلسطين، إذ خرجت مظاهرات حاشدة فى عواصم أعتى الدول التى تناصر الكيان الصهيونى وعلى رأسها لندن فى بريطانيا وواشنطن فى الولايات المتحدة الأمريكية، وستظهر ثمار هذا المد التوعوى على المدى البعيد.
كل هذا النصر المادى والمعنوى لا يعنى نسيان ما ارتكبه الاحتلال من مجازر وما سبّبه من غصة فى حلق كل حر فى العالم، تلك المجازر التى تقض مضجع المؤمنين بالقضية الفلسطينية وحقهم المشروع فى دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
وباستعراض عدد من المجازر التى ارتكبها الاحتلال منذ أن دنس أراضى المنطقة فقد أورد الأزهر الشريف فى تقرير إحصائى نشره فى «صوت الأزهر» أن الاحتلال الإسرائيلى ارتكب أكثر من 500 جريمة حرب بحق الشعب الفلسطينى، خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، ووفقاً للأرقام التى أوردها التقرير فإنها تتجاوز نحو 62 ألف شهيد ومصاب منذ عام 1937، بواقع 27 ألف شهيد ونحو 35 ألف مصاب.
وكانت أولى هذه الجرائم مجزرة القدس يوم 31 ديسمبر عام 1937، والتى أسفرت عن استشهاد 23 فلسطينياً و118 مصاباً، وتبين من الأرقام المنشورة أن أكبر مجزرة ارتكبت كانت صابرا وشاتيلا عام 1982، والتى أسفرت عن استشهاد 3500 شهيد ما بين طفل وامرأة وشيخ وشاب، ومصادر أخرى أفادت باستشهاد أكثر من 12 ألف فلسطينى، وشاركت فى هذه المجزرة أكثر من 150 دبابة إسرائيلية و100 مدرعة.
كل ذلك تم تحت بصر وسمع الغرب الذى لا يتحرك له ساكن، بل يشجع المعتدى على اعتدائه ويمده بالسلاح والعتاد تحت دعوى «الدفاع عن النفس»، ونسى أن المعتدى هو المحتل والغاصب، وتناسى الغرب أن معظم الضحايا لا يأمنون بيوتهم البسيطة، وتتجلى العنصرية فى أبهى صورها عندما يطال الاعتداء الأشجار والمزارع، فلم يتعرض شعب للذبح والهدم والقصف والحرمان وكل مفردات التدمير مثلما تعرض الشعب الفلسطينى، بل إن كل مظاهر وأصناف العنف التى تطال وتقع على الفلسطينيين تتم بمباركة قادة الدول الكبرى، يساندون الكيان الغاصب خلف بوارجهم وطائراتهم معلنين تضامنهم مع المعتدين، وتناسوا هذه الجرائم ليطل علينا سؤال قد يبعث على السخرية: أين المحكمة الجنائية الدولية الأممية مما يحدث؟ إلى متى سيظل ميزان عدلها مكسوراً وأعينها معصوبة عن مجرمى الحرب الصهاينة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة؟!