إبراهيم عبد العزيز: الخلط بين اليهودية والصهيونية السبب في الهجوم على طه حسين

كتب: ياسر الشيمي

إبراهيم عبد العزيز: الخلط بين اليهودية والصهيونية السبب في الهجوم على طه حسين

إبراهيم عبد العزيز: الخلط بين اليهودية والصهيونية السبب في الهجوم على طه حسين

أحيط عميد الأدب العربي طه حسين بعدة اتهامات من خصومه، ومنها تهمة العمالة للصهيونية، حيث قال إبراهيم عبدالعزيز، في الجزء الثالث من كتابه «طه حسين وثائق مجهولة»، إن العميد هو الذي قال إنما الدين شعور يملأ القلب، ويملك الضمير، ويسيطر على العمل، شعور داخلي، علينا أن نسلم به ولا نناقشه، وإن إيماني كإيمان العجائز، وكان يقول لأصدقائه: «أحب أن أؤمن ببساطة كما يؤمن بائع الفحم».. معربا عن اندهاشه الشديد من إلمام «العميد» بمجالس الذكر، قائلا «وأجد فيها نفسي الضائع».

وأوضح «عبد العزيز»، أن اليهود في مصر كان لهم نشاطا هائلا في مطلع القرن الماضي، فضلا عن أثرهم العظيم في الحياة الاقتصادية والمالية والاتصال بالحكام، مشيرا إلى أن طه حسين، كان يرى أن اليهود شاركوا في نقل الثقافة اليونانية والهندية والفارسية إلى العربية، ومن العربية ترجموها إلى العبرية ثم إلى اللاتينية، فضلا عنه أنهم مصريين يتكلمون العربية كغيرهم من المصريين أصحاب الديانات الأخرى.

طه حسين وثائق مجهولة

وأشار صاحب «طه حسين وثائق مجهولة»، في تصريحات لـ«الوطن»، إلى أن عميد الأدب العربي، كان يؤكد دائما أن مصر وطن لكل المصريين، ويتعاملون معًا بلا عنصرية أو تفرقة، لكن الذي أحدث الهجوم الشديد عليه، هو إشرافه على تحرير مجلة «الكاتب المصري» الصادرة عن شركة الإعلانات الشرقية، التي يمتلكها أبناء «هراري» من يهود مصر.

ولفت إلى أن الكاتب عبدالمنعم شميس، كتب مقالا في مجلة «السوادي» بعد تعيين طه حسين بعنوان «الكاتب المصري مجلة صهيونية»، وحدثت الضجة الكبرى التي طعنت في وطنية حامل شعلة التنوير في مصر.

وأرجع مؤلف الكتاب، أن أسباب الهجوم على طه حسين، انطلقت من الخلط بين اليهودية كديانة، والصهيونية كحركة سياسية، لتقدير المهاجمين بأن «كل يهودي هو صهيوني بالضرورة، يؤيد ما تقوم به إسرائيل في فلسطين»، الأمر الذي يتنافى مع وجهة النظر، التي تبناها كبار المفكرين ومنهم طه حسين، حيث كان يفرق تماما بين اليهودية والصهيونية.

وأوضح الكاتب أن عميد الأدب العربي اضطر إلى الاستقالة بعد نشر المقال، وكتب مقالا في وداعها قال فيه: «إنها لم تنشر شيئا عن الصهيونية، لكنني أستقيل من رئاسة تحريرها وأغلقها بيدي، حتى لا تثار حولي الشبهات»، منوها بأن الكاتب الكبير صلاح عيسى، كان يرى أنه كان ربطا متعسفا وتشكيكا غير صحيح، بين ديانة أصحاب المجلة، وبين احتدام الصراع بين الفلسطينيين والمهاجرين الصهاينة، لأن المصريين دأبوا على الفصل التام بين اليهودية والصهيونية، أما طه حسين، فقد كان من أكبر المدافعين عن القضية الفلسطينية.

فلسطين شغلت اهتمام طه حسين

قضية فلسطين شغلت اهتمام طه حسين كثيرا، بحسب ما جاء في العديد من الكتب، ومنها كتاب «ما بعد الأيام» لزوج ابنته محمد حسن الزيات، إذ نشر مقالا عنوانه «فلسطين» في صحيفة كوكب الشرق يوم 28 أكتوبر 1933، وهو عام تضاعفت فيه الهجرة اليهودية الى فلسطين بشكل لافت، مسجلا أن أرض مصر «اصطبغت بدماء المصريين كما اصطبغت فلسطين بدماء الفلسطينيين».

وتعرض طه حسين لهجوم كبير بسبب إشرافه على رسالة دكتوراه بعنوان «اليهود في جزيرة العرب خلال الجاهلية وصدر الإسلام» نوقشت عام 1927، وإلقائه محاضرة عن اليهودية والأدب العربي، فرغم قامته العالية في الثقافة والأدب على المستوى العربي، انطلق خصومه للهجوم عليه دون أن يراجع أحد منهم نص المحاضرة، بحسب إبراهيم عبد العزيز.

وعن المحاضرة التي ألقاها عميد الأدب العربي في مدرسة الطائفة الإسرائيلية بشارع النبي دانيال في الإسكندرية، عن اليهود والأدب العربي، أكد «عبد العزيز»، إلى أنه رصد فيها لحظات الالتقاء والتعايش بين اليهود والمسلمين والعرب في جميع عصور الحضارة العربية، إلا أنه في الوقت ذاته، انطلق من القضية الفلسطينية، مؤكدا حق الفلسطينيين في أرضهم.

الاحتلال الإنجليزي مكن إسرائيل من أرض فلسطين

ورفض طه حسين، اغتصاب الصهاينة للأراضي الفلسطينية، موجها هجوما حادا إلى الساسة الأوروبيين والحضارة الأوروبية بصفة عامة، لما كانت تبديه من إرادة لترسيخ الديمقراطية في بلادها، في الوقت الذي تتجه فيه إلى العنف والسلاح في التعامل مع الدول الأخرى غير الأوروبية، مشيرا بشكل قاطع إلى ضلوع الاحتلال الإنجليزي في تحقيق حلم الحركة الصهيونية، بتمكين الصهاينة من أرض فلسطين.

أطلق طه حسين صيحة «التعليم كالماء والهواء»، الأمر الذي اتخذه البعض ذريعة للهجوم المستمر عليه، لذا كان يتصرف من منطلق منهج علمي فقط في مسألة رسالة الباحث اليهودي، دون أي حسابات أخرى، فضلا عن أنها كانت قبل سنوات من بداية النزوح الصهيوني الممنهج إلى أرض فلسطين، وذلك لما له من مكانة مرموقة في العالم العربي، باعتباره نموذجا للمفكر الموسوعي المؤمن بأن له دورا اجتماعيا يتجاوز أسوار الجامعة.


مواضيع متعلقة