«الأربعين».. معركة خُلدت في سجلات الشرف

كتب:  حمدى عبدالله

«الأربعين».. معركة خُلدت في سجلات الشرف

«الأربعين».. معركة خُلدت في سجلات الشرف

مثلت معركة الأربعين المعركة الفاصلة، نظراً لكونها كانت الضربة القوية التى قصمت ظهر الأعداء، وفروا من مدينة الأبطال يجرون ذيول الخيبة، مذعورين تاركين خلفهم عشرات الدبابات والسيارات المعطوبة. هناك مدن استعصت على فاتحيها، لكن تجربة السويس فريدة كونها أشرسها وأكثرها بطولة وتضحية، حيث كان السلاح خفيفاً ومحدوداً، ولا يستطيع مواجهة جيش نظامى هاجم وحاصر المدينة لمدة 100 يوم.

«عبدالمنعم»: المقاومة هاجمت الإسرائيليين من أسطح المبانى

إبراهيم عبدالمنعم، أحد سكان الأربعين، قال إن المعركة بدأت بقسم الأربعين واستشهد خلالها جنديان وصف ضابط، وانتشرت أخبار عن تقدم الدبابات الإسرائيلية على طريق «القاهرة - السويس» لاحتلال المدينة من ناحية حى الأربعين يوم ٢٤ أكتوبر عام ١٩٧٣، فسكن المواطنون فى مواقعهم وتهيأوا لاستقبال قوات العدو من أعلى أسطح المبانى ومن الشرفات، حيث شوهد طابور يتألف من نحو 30 دبابة تحاول الوصول لقلب المدينة مروراً بشارع الجيش.

وتابع «عبدالمنعم» أن الأكمنة انتشرت بطريق الدبابات للتعامل معها، حيث كان الاتفاق على بداية الهجوم عند المرور من شارع الجيش بجوار السكة الحديد، والذى لا يتسع إلا لسير دبابة واحدة، ليتم تدمير الدبابات ويصبح من الصعب الدوران وهو ما حدث بالفعل.

«سليمان» دمر أول دبابة بـ«آر بى جى»

مضيفاً: «ضرب الشهيد إبراهيم سليمان أول دبابة بالقرب من مسجد الأربعين بسلاحه (آر بى جى)، ورغم أنه على بعد 3 أمتار فقط غير أنه أصابها، وقذفها بإحدى القنابل اليدوية فوق برجها مباشرة فتم تدميرها.

«غريب»: جنود الاحتلال اختبأوا فى قسم الشرطة فهاجمهم الأبطال وأحرقوا دباباتهم ودفعوهم للهروب ووقع كثيرون منهم فى الأسر

من جانبه، قال الدكتور سادات غريب، المؤرخ ونجل قائد المقاومة الشعبية غريب محمد غريب، إنه بعد إطلاق النيران الذى استمر ساعتين بقنابل تزن 1000 رطل، بدأ الدخول البرى لقوات العدو من خلال 3 محاور، هى الجناين والمثلث والزيتيات، وتمكنت الكمائن من تدمير أول دبابة فى محور الجناين عند منطقة الهويس، فى الوقت الذى شهد تدمير دبابة المقدمة فى طابور الدبابات المهاجم للمدينة عن طريق الزيتيات قادماً من الأدبية لشارع صلاح نسيم، وبعد تدمير الدبابة الأولى الأمامية عند قصر الثقافة بلغم أرضى، تراجع طابور الدبابات المعادى إلى حيث أتى على المحورين السابقين.

وأضاف «غريب» أنه بعد انسحاب طابورى الدبابات على المحورين السابقين، بدأ الطابور الأساسى يخترق شارع الجيش من منطقة المثلث مروراً بميدان الترعة، وسبقه دخول طابور تمويه يرفع أعلام دول عربية لجس النبض، وبعد نصف ساعة دخل الطابور الثانى وتمكن رجال المقاومة من تدمير 23 دبابة وسيارات مجنزرة ونصف مجنزرة وسيارات المؤن، واضطر جنود الاحتلال للاختباء فى قسم الأربعين، بعد مهاجمتهم من المقاومة فى المثلث وميدان الترعة ومزلقان البراجيلى، فأطلق أفراد المقاومة النيران على القسم وحاول بعضهم اقتحامه، فاستشهد كل من فايز حافظ أمين داخل القسم، وإبراهيم سليمان على سور القسم، وأشرف عبدالدايم وأحمد أبوهاشم عند مزلقان البراجيلى، فأحرقت المقاومة وأفراد القوات المسلحة والشرطة جميع الدبابات، ما ولد الرعب داخل أفراد الجيش الإسرائيلى الموجودين بالقسم، وهربوا ليلاً فى يوم 24 أكتوبر الموافق 28 رمضان، وتم أسر عدد كبير من القوات الإسرائيلية.

وأضاف المؤرخ أن المقاومين كانوا مجهزين بأسلحة خفيفة ولكنهم هزموا جيش الأعداء بعزيمة قوية، واستقبلوا دبابات العدو الإسرائيلى بشجاعة وصدور عارية للدفاع عن مدينتهم، ولم ترهبهم عشرات المدرعات والدبابات، ولم يخفهم القصف العشوائى الرهيب الذى تعرضوا له قبل أن يقتحم العدو السويس، وأعلنوا مقاومة الغزاة حتى آخر رجل، وتحملوا الحصار لمدة 101 يوم حتى انتهائه.


مواضيع متعلقة