«ملحمة التعويم».. كيف تنجح هيئة قناة السويس في التعامل مع السفن الجانحة؟

كتب: عمرو الورواري

«ملحمة التعويم».. كيف تنجح هيئة قناة السويس في التعامل مع السفن الجانحة؟

«ملحمة التعويم».. كيف تنجح هيئة قناة السويس في التعامل مع السفن الجانحة؟

على مدار أشهر قليلة ترددت كلمات «جنوح» أو «شحوط السفن» في قناة السويس، خاصة مع حادث السفينة البنمية إيفرجيفن في مارس الماضي، والتي شغلت العالم أجمع لتوقف الملاحة في القناة لـ 6 أيام متواصلة انتهت بنجاح تعويمها دون أي خسائر.

تتكرر حوادث الجنوح في المجري الملاحي لقناة السويس كحادث طبيعي، إلا أن ما وصلت إليه الهيئة من إمكانيات وخبرات جعلها قادرة على التعامل مع أي حادث في ساعات قليلة وربما دقائق دون تأثر حركة الملاحة نهائيًا.

جنوح سفينة بقناة السويس

وتعرضت سفينة نقل مواد بترولية للجنوح مساء أمس الأربعاء في القطاع الجنوبي من المجري الملاحي لقناة السويس، قرب مدينة السويس، وسرعان ما تدخلت فرق الإنقاذ والقاطرات ونجحت في تعويمها.

بدأ الحادث بتلقي مكتب تحركات بور توفيق إشارة بجنوح سفينة المواد البترولية «أفينتي» في الكيلو 143 ترقيم قناة السويس، خلال رحلتها ضمن قافلة الشمال قادمة من البرتغال متجهة إلى ميناء ينبع في السعودية، وتحمل على متنها 64 ألف طن.

بحسب الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، تحركت 5 قاطرات إلى مكان الجنوح وبدأت في التعامل مع السفينة، فيما تم تشكيل فريق عمل مع وحدات الإنقاذ ومكتب تحركات بور توفيق لمتابعة تحركات السفينة، ورسم خطط تعويمها.

وقال ربيع، إن السفينة تعرضت لعطل في دفة التوجيه، تسبب في فقد القدرة على توجيهها والتحكم بها، وهو ما تسبب في الجنوح، إلا أنه تم تعويمها وعادت حركة الملاحة بشكل طبيعي للقناة.

تعويم السفينة

وأصدر رجال التحركات في قناة السويس، تعليمات لكافة السفن في القافلة بالتهدئة والربط في المجري الملاحي للقناة ومتابعة عمليات التوقف بقاطرات الهيئة، لضمان عدم وقوع حوادث تصادم.

وبدأ فريق العمل في دراسة تيار المياه واتجاهاته خلال ساعات الجنوح، لمعرفة أفضل التوقيت لعمليات السحب، فيما يجري فريق الإنقاذ عمليات فحص بدن السفينة بالكامل بعد شحوطها لضمان عدم وجود أي تسريب، والتأكد من سلامة طاقم السفينة.

ونجحت القاطرة عزت عادل بحسب تصريحات القبطان هلال يس، في التعامل مع السفينة فور التأكد من الوقت المناسب وسحبها وتعويمها وإعادتها إلى المجرى الملاحي لقناة السويس مرة أخرى لاستكمال رحلتها وإعادة حركة الملاحة.

وأعلن الفريق أسامة ربيع اليوم عن عبور 57 سفينة من الاتجاهين، بإجمالي حمولات صافية قدرها 3.4 مليون طن، فيما بلغ عدد السفن العابرة من اتجاه الشمال 32 سفينة بإجمالي حمولات صافية قدرها مليوني طن، و25 سفينة من اتجاه الجنوب بالمجرى الملاحي الجديد للقناة، بإجمالي حمولات صافية قدرها  1.4 مليون طن.

قاطرات ولنشات الهيئة جاهزة 24 ساعة

وتتعامل هيئة قناة السويس مع حوادث الجنوح والشحوط في المجري الملاحي بشكل مستمر علي مدار القوافل العابرة من المجري الملاحي باستخدام قاطرات ولنشات الهيئة وفرق الإنقاذ.

وتمتلك هيئة قناة السويس أسطولًا من 31 قاطرة من طرازات مختلفة بقدرات تتراوح من 3200 حصان إلى 16000 حصان وتستخدم في عمليات القطر، والإنقاذ ومكافحة الحرائق، وإرساء السفن.

كما تمتلك هيئة قناة السويس القاطرتين بركة 1 وعزت عادل، وهما أكبر قاطرات في الشرق الأوسط بقوة سحب مستمر تصل إلى 160 طنًا وسرعة 17.5 عقدة بطول 69.2 متر وعرض 15.5 متر وعمق 7.4 متر وغاطس : 6.4  متر، ويصل وزن القاطرة إلى 2320 طنًا.

وبحسب البيانات الرسمية لموقع هيئة قناة السويس فإن القاطرات مجهزة بأربعة محركات منهم 3990 حصانًا، ومضختي إطفاء تضخ كلاً منهما 3600 م3/ساعة ومدفعي ضخ للمياه يتم التحكم فيهما عن بعد من غرفة القيادة، ويصل ارتفاع عمود المياه إلى 150 مترًا فوق سطح البحر.

15 قاطرة متعددة المهام للتدخل السريع

وتمتلك هيئة قناة السويس أكثر من 15 قاطرة أخرى تستخدم لأعمال مكافحة الحرائق وأعمال القطر والرباط، ومصاحبة الناقلات العملاقة والسفن والتي لديها القدرات العالية للمناورة في المجري الملاحي وفي الموانئ، مثل سلام 5 وسلام 6 وسلام 7 وسلام 8 وسلام 9 ونجدة 1 ونجدة 2 ومساعد 1.

وقال الفريق أسامة ربيع، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه بتحديث أسطول الهيئة كاملا من آلات وقاطرات ومعدات لتكون قادرة على مواجهة أي تحدٍ في الفترة المقبلة.

وأضاف «ربيع»، أن أحد الأهم الإهداف الاستراتيجية لهيئة قناة السويس في 2023 رفع كفاءة كافة معدات وأسطول الهيئة من كراكات وقاطرات ولانشات ومعدات مختلفة.

وأوضح أن الكراكتين مهاب مميش والكراكة حسين طنطاوي انضمتا بالفعل للعمل في مشروعات قناة السويس، وهما أضخم قاطرتين في الشرق الأوسط، إضافة إلى زيادة عدد القاطرات بقدات ضخمة للعمل في المجرى الملاحي.

خبرات ظهرت في تعويم إيفرجيفن

وظهرت خبرات العاملين في هيئة قناة السويس بشكل كبير في الحادث الأخير لشحوط السفينة البنمية إيفرجيفن بعد تعويمها دون أي خسائر نهائيا، وهو ما وصفته بعض شركات وخبراء الملاحة انه الإنقاذ الأكبر والأضخم في العالم.

ونجحت قاطرات هيئة قناة السويس ورجال الإنقاذ في تعويم السفينة بعد شحوطها من مقدمة ومؤخرة السفينة والعمل علي مدار 6 أيام متواصلة بتجربة هي الأولى من نوعها بالتكريك أسفل السفينة وسحب الرمال المشبعة بالمياه.

وقال نيكولاس سلون نائب رئيس الاتحاد الدولي للإنقاذ البحري خلال فيلم وثائقي بثته قناة «دي إم سي» عن تعويم السفينة أنهم أدركوا خطورة الأمر فور معرفة مكان الجنوح وطبيعته قائلاً: «أدركنا من المشاهد الأولى أنه لدينا مشكلة، وعندما سمعت لأول مرة عن جنوح السفينة إيفرجيفن في الجزء الجنوبى من قناة السويس قلت لنفسي ها قد بدأنا، لأنها سفينة كبيرة».


مواضيع متعلقة