م الآخر| "القمل القومي"!
"يا بيه البلد من غير مؤامرات ... رقاصة من غير صاجات" نطقها عم حجازي ذلك العامل البسيط في إحدي المصالح الحكومية المصرية بغضب شديد في وجهي لمجرد اختلافي معاه سياسيا في الرأي ورفض ياخد تمن كوب الشاي اللي شربته من عنده (يالا أحسن) . فعم حجازي لم يدير ظهره لي أنا فقط فقد أدار ظهره مع ملايين أخرين لاستوديوهات وتحاليل مباريات كرة القدم بعد ثورة يناير وحرك دفته من الكرة لبرامج التوك شو السياسية ليدخل عم حجازي مع الملايين عالم التحليل السياسي من أوسع أبوابه.
فما ان يظهر هؤلاء الخبراء من المحللين والنخبة وغيرهم من نجوم برامج التوك شو حتى نجلس جميعا محدقين في الشاشات كجمهور كارتون الكابتن ماجد منتظرين وبكل لهفة ما ستسفر عنه أحاديثهم وتوقعاتهم فبكل تأكيد أن ما يعرفه هؤلاء لا يعرفه أمثالنا من العامة والبسطاء فهم قوم وصل بهم علمهم الدكيك- أقصد الدقيق طبعا لمعرفة قلب الحقيقة (وكبدتهاوفشتها وكلاويها) والوصول لعقل المشاهد من أقصر الطرق وأكثرها دقة وقد يصل الأمر ببعضهم بمعرفة ما هو أفضل للمشاهد وكل ده طبعا دون حكر لرأي أو فرض وصاية على المشاهد (وكله بما يرضي الله).
فمنذ اندلاع ثورة يناير وظهور الخبراء الاستراتيجيين والمحللين السياسيين قاسما مشتركا في كل برامج التوك شو ولكل برنامج رجاله ممن يملأون الدنيا بمصطلحات أمنية تفوق عدد قملات طفل من أطفال الشوارع وتحاليل استراتيجية التي يفوق عددها التحاليل المطلوبة من عجوز يعاني من أمراض الشيخوخة يمر الوقت امام الشاشات تتعالى الاصوات وتزداد سخونة الحلقة ويزداد معها عدد أكواب الشاي أو فناجين القهوة مع حرق عدد لا بأس به من السجاير (قبل ما تغلي) و تصل الاثارة لقمتها وفجأة يقطع مقدم البرنامج اثارتك وحبل أفكارك بكلمة النهاية.
وينزل التتر وبعد أن تملأ عقلك بمصطلحات جديدة لا انا ولاانت فاهمين نصفها ( الله يكون في عون عم حجازي) تخرج من ذلك الحوار الشيق الممتع وانت مقتنع بأن الاستاذ حسين جارك ممكن يكون جاسوس او عميل لجهة أجنبية (والا فلوس مصيف جمصة دي جابها منين) وان الست فوزية بائعة الخضار بشارعكم تعمل في احدي الجهات الامنية وواجب توخي الحذر في التعامل معها( الأمر ما يسلمش) ومن هنا يبدأ عنكبوت المؤامرة في نسج شباكه حول المجتع ويبدأ الجميع يدور في دائرة المؤامرة ودوامة الشك في الاخر لمجرد خلاف في وجهات النظر.
وندائي لهؤلاء ورجائى الخاص قبل عمل تلك الحلقات الصاخبة في الاستديوهات الفارهة والتي أصبحت بشكل شبه يومي الا يحق للمواطن أن يتم توعيته بتعريف وحدود أمنه القومي اولا ؟ حتي لا يتم تحول ذلك الامن القومي لقمل قومي يسري في رؤوس المواطنين واحتاجت الحكومة لكميات هائلة من الليسيد للتخلص منه ولو جالكم بلاغ عن الاستاذ حسين اللي راح مصيف جمصة ماتصدقوش لان عم حجازي بقى مقتنع أن البلد من غير مؤامرات رقاصة من غير صاجات.